فهرس الكتاب
الصفحة 258 من 339

فينتبه، قال تعالى {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} . نعم إن النقصان في اتباع الشيطان، وهو بمعزل عنه. [1]

ومنها أنه روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: «ألا إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقي الله المؤمنين شرها، فمن عاد بمثلها فاقتلوه» [2] قالوا: ويؤيد هذه الرواية رواية البخاري في صحيحه فقد دلت صراحة على بيعة أبي بكر قد وقعت بغتة بلا تأمل ولا مشورة، وإنها غير تمسك بدليل، فلم يكن إماما بحق.

والجواب أن هذا الكلام صدر من عمر في زجر رجل كان يقول إن مات عمر أبايع فلانا وحدي أو مع آخر كما كان في مبايعة أبي بكر ثم استقر الأمر عليها، فمعنى كلام الفاروق في رده لهذا القول أن بيعة رجل أو رجلين شخصيا من غير تأمل سابق ومراجعة أهل الحل والعقد ليست بصحيحة، وبيعة أبي بكر وإن كانت فجأة بسبب مناقشة الأنصار وعدم وجود فرصة للمشورة فقد حلت محلها وصادفت أهلها للدلائل على ذلك والقرائن على ما هنالك كإمامة الصلاة ونحوها. وهذا معنى «وقي الله المؤمنين شرها» فلا يقاس غيره به. [3] وفي آخر هذه الرواية التي رواها الشيعة «وأيكم مثل أبي بكر» أي في الأفضلية والخبرية وعدم الاحتياج إلى المشورة. على أنه قد ثبت عند أهل السنة وصح أن سعد بن عبادة وأمير المؤمنين عليا والزبير قد بايعوه بعد تلك المناقشة واعتذروا له عن التخلف أول الأمر.

ومنها أن أبا بكر كان يقول للصحابة: «إني لست بخير منكم وعلي فيكم» . [4] فإن كان صادقا في هذا القول لم يكن لائقا للإمامة البتة، إذ المفضول لا يليق مع وجود الفاضل. وإن كان كاذبا فكذلك إذ الكاذب فاسق والفاسق لا يصلح للإمامة.

والجواب على فرض التسليم بما يجاب من قبلهم عما يثبت في الصحيفة الكاملة [5] وهي من الكتب الصحيحة عندهم من قول الإمام السجاد - رضي الله عنه - «أنا الذي أفنت الذنوب عمره» ... الخ. فإن كان صادقا بهذا الكلام لم يكن لائقا للإمامة أن الفاسق المرتكب للذنوب لا يصلح للإمامة، وكذا إن كان كاذبا لما مر. فما هو جوابهم فهو جوابنا.

وزاد بعض الشيعة

(1) قال ابن الجوزي: «إن الطائف ما يطوف حول الشيء والطيف اللمة والوسوسة وروي عن ابن عباس أنه قال الطائف اللمة من الشيطان والطيف الغضب» . زاد المسير: 3/ 310.

(2) ليس في الصحيح اقتلوه؛ فالحديث أخرجه البخاري عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب قال: « ... ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول والله لو قد مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي تابعه تغرة أن يقتلا ... »

(3) قال الحافظ ابن حجر: «وقى الله شرها إيماء إلى التحذير من الوقوع في مثل ذلك، حيث لا يؤمن من وقوع الشر والاختلاف قوله: ولكن الله وقى شرها: أي وقاهم ما في العجلة غالبا من الشر؛ لأن من العادة أن من لم يطلع على الحكمة في الشيء الذي يفعل بغتة لا يرضاه، وقد بين عمر سبب إسراعهم ببيعة أبي بكر لما خشوا أن يبايع الأنصار سعد بن عبادة» . فتح الباري: 12/ 150.

(4) ليست في كتب السنة بل من موضوعات الشيعة: أوردها ابن شاذان، الفضائل: ص 132؛ المفيد، الفصول المختارة: 1/ 246؛ ابن طاوس، الطرائف: 2/ 402؛ ابن مطهر الحلي، نهج الحق: ص 264.

(5) الصحيفة السجادية

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام