الإمامية بها، وحال رواتهم قد اتضح سابقا، [1] ومع هذا هاتان الروايتان ساقطتان من الاعتبار عند الإمامية أيضا وليس لهما سند صحيح، لأن الحسن بن كبش ومن بعده من الرواة كلهم مجاهيل وضعفاء كما نص عليه علماء رجالهم، [2] ومع هذه كلها لا تنطبق على المدعى لأن التخصيص بغير الأنبياء في مثل هذه العمومات شائع في كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فلو لم يذكر في موضع واحد اعتمادا على غيره مما ذكر فيه فيكون ذلك التقيد ملحوظا فيه أيضا قياسا على ذلك الغير، والعام المخصوص لا يكون حجة في القطعيات لكونه ظنيا فلا يعبأ به في الاعتقادات. سلمنا العموم في الأشخاص، ولكن لا نسلم العموم في الأوقات، لأن الأمير لم تكن هذه الخيريات العامة حاصلة له في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا نزاع، لكون النبي أفضل منه البتة، ولكونه داخلا في البشر الأولين والآخرين، فالمراد غير ذلك الوقت، والمراد من الأولين والآخرين والبشر من كانوا في وقته، وهو صحيح عند أهل السنة لأنه أفضل البشر في زمن خلافته ولا نزاع لا حد فيه ولا محذور.
(الشبهة الثانية) أنهم تمسكوا برواية لسعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي في كتاب (القصاص) عن أبي جعفر - عليه السلام -، وبرواية الكليني في (الكافي) عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنهما قالا في تفسير قوله تعالى {قل الروح من أمر ربي} هو خلق أعظم من جبريل وميكائيل لم يكن مع أحد ممن مضى غير محمد، وهو مع الأئمة يوفقهم ويسددهم. [3]
الجواب عنها بأن الحديث الأول قد وقع في سنده هشام بن سالم ومعلوم أنه كان مجسما وملعونا من حضرات الأئمة. وفي سند الحديث الثاني أبو بصير وهو قد اعترف بكذبه على الأئمة وإفشاء أسرارهم. سلمنا الصحة ولكن فحوى هذا الحديث منافية لعصمة النبي والأئمة، لأن المحتاج إلى المؤدب والناصح إنما هو من لا يكون معصوما، ولهذا ليست الملائكة محتاجة إلى المؤدب فلزم من تلك الرواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - والأئمة كان لهم نقصان
(1) الباب الثاني
(2) لا توجد له ترجمة في كتبهم، ولا جرح أو تعديل
(3) الكافي: 1/ 273؛ رجال الكشي: ص 604 الصفار، بصائر الدرجات: ص 460؛ العياشي، التفسير: 2/ 317. وروها الكشي عن الرضا: رجال الكشي: ص 604