فهرس الكتاب
الصفحة 112 من 408

-رضي الله عنهم-، وعلى إثبات المهدية لعمر بن عبد العزيز، وعلى إثبات المهدية لنبي الله عيسى ابن مريم، وهو أفضل المهديين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى إثبات المهدية للرجل الصالح الذي يخرج في آخر الزمان فيملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت قبله جورًا وظلمًا، وهو الذي يسمى بالمهدي، وهو من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -. هذا ما يراه أهل السنة والجماعة ويعتقدونه، ولا عبرة بمن خالفهم من ذوي التكلف والمجازفة.

الوجه الرابع: أن يقال: إن ابن محمود نفى وجود المهديين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقاس ذلك على نفي وجود الأنبياء بعده، وهذا قياس فاسد؛ لأنه قياس مع وجود الفارق، فإن الأنبياء قد ختموا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - كما دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، وأما وجود المهديين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد دل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه-: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين» ، ودلت عليه أيضًا الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر بخروج المهدي في آخر الزمان، ودل عليه أيضًا قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: «يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى ابن مريم إمامًا مهديًا وحكمًا عدلا» . وفي هذه الأحاديث أبلغ رد على القياس الفاسد الذي تعلق به ابن محمود.

وليعلم أن أفضل المهديين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبي الله عيسى ابن مريم، وأفضل المهديين بعده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي الله عنهم-، فمن نفى صفة المهدية عن نبي الله عيسى وعن الخلفاء الأربعة، وزعم أنه لا مهدي بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا شك في فساد عقيدته.

الوجه الخامس: أن يقال: إن طريقة المهدي كطريقة غيره من أئمة العدل، الذين يعملون بالكتاب والسنة، ويجددون ما اندرس من الدين، كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود، والحاكم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها» ، وروى الإمام أحمد، ومسلم، عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى ابن مريم - صلى الله عليه وسلم -، فيقول أميرهم: تعال صلِّ بنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله -عز وجل- هذه الأمة» ، وفي رواية الحارث بن أبي أسامة عن جابر -رضي الله عنه-: «فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا» .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام