الصفحة 1711 من 1990

إن الصالح من الإنس والجن يدخل الجنة، والطالح من الإنس والجن يدخل النار، هذا هو القول الراجح والصحيح، ومن قال بخلافه فإنه يعوزه الدليل عَلَى ذلك، وأما الآية الكريمة التي استدل بها ابن كثير وتبعه الإمامابن أبي العز رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في رد استدلال الضحاك لمَّا استدل بقوله تعالى: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ [الأنعام:130] فقَالَ: إن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يرسل الرسل من الإنس والجن، فقد رد عليه ابن كثير وتبعه الإمام ابن أبي العز: بأن هذا مثل قوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ [الرحمن:22] وإنما يخرج اللؤلؤ والمرجان من الماء المالح لا من الماء العذب.

مسألة تتعلق بلغة العرب في التفسير

والعرب تستعمل في كلامها ما يدل عَلَى أنها إذا أرادت أن تخاطب المفرد تأتي بالكلام عَلَى صورة جمع وهي تريد الفرد، حتى يقول الإمام ابن جرير الطبري رَحِمَهُ اللَّهُ: إن الإِنسَان إذا قَالَ: أكلت تمراً ولبناً، فإن ذلك صحيح في لغة العرب، لكن لو أفرده لا يصح أن يقول: أكلتُ لبناً، وإنما يقول: شربتُ لبناً، فهذا دليل عَلَى أن الأمر في حالة الاجتماع غيره في حالة الانفراد، وعليه فيكون المبعوثون من الإنس والجن، بينما يكون في الحقيقة والواقع لم يأت الرسل إلا من الإنس وحدهم، نقول: قد يترجح هذا القول، إلا أن هذه الآية يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ [الرحمن:22] وإن كَانَ قد قال من قال من العلماء بأنه يخرج من أحدهما، إلا أن هذا القول غير صحيح من وجوه:

أولاً: أنه خلاف ظاهر اللفظ؛ لأن اللفظ يخرج منهما، فلا يعدل عن الظاهر إلا بدليل، وليس هناك من دليل إلا أن النَّاس لم يكونوا يستخرجون الزينة واللؤلؤ والمرجان من الأنهار والبحار العذبة، وإنما كانوا يستخرجونها من المالح.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام