وستون سنة، منها أربعون قبل النبوة، وثلاث وعشرون نبياً رسولاً) مضى عليه أربعون وهو لا يعلم شيئاً مما جاءه {وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [يوسف:3] ، {قُل لَّوْ شَاء اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [يونس:16] وثلاثة وعشرون سنة كان نبياً رسولاً - صلى الله عليه وسلم -.
ثم ذكر الشيخ ما نُبئ به وأرسل به من القرآن، فيقول رحمه الله: (نبئ بـ"اقرأ") أي أنه أوحي إليه فصار نبياً بنزول أوائل سورة العلق، جاءه جبريل عليه السلام ـ وهو يتعبد في غار حراء ـ فقال:"اقرأ. قال: ما أنا بقارئ. قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجَهْد ثم أرسلني فقال: اقرأ. قلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم" [1] ، وبهذا صار نبياً. ... [2]
(وأرسل بـ"المدثر") ؛ لأن فيها التنصيص على الأمر بالنذارة.
(وبلده مكة وهاجر إلى المدينة) ثم ذكر الشيخ بلد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهي مكة، البلد الحرام وأفضل بلاد الله، وأحب البلاد إلى الله، إذاً؛ فالله تعالى اصطفى أفضل الرسل من أفضل البلاد، وأفضل الشعوب وأشرف القبائل - صلى الله عليه وسلم -.
قال الشيخ: (بعثه الله بالنذارة عن الشرك، ويدعو إلى التوحيد، والدليل قوله تعالى: {يأَيُّهَا الْمُدَّثّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر:1 - 7] ، ومعنى: {قُمْ فَأَنذِرْ} : ينذر عن الشرك، ويدعو إلى التوحيد، {وَرَبَّكَ فَكَبّرْ} : أي عظمه بالتوحيد، {وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ} : أي طهر أعمالك
(1) رواه البخاري (3) ، ومسلم (160) من حديث عائشة رضي الله عنها.