الصفحة 6 من 8

لقد استهوى الشيطان هؤلاء المغرورين فزين لهم ان يسنوا قوانين من عند أنفسهم ليتحاكموا إليها ، ويفصلوا بها خصوماتهم ، وسول لهم ان يسنوا قواعد بمحض تفكيرهم القاصر وهواهم الجائر لينظموا بها اقتصادهم وسائر معاملاتهم محادة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وانتقاصا لتشريعها ؛ زعما منهم ان تشريع الله لا يصلح للتطبيق والعمل به في عهدهم ، ولا يكفل لهم مصالحهم ، ولا يعالج ما جد من مشاكلهم ؛ حيث اختلفت الظروف والأحوال عما كانت عليه أيام نزول الوحي في المعاملات وكثرت المشكلات ؛ فلا بد لتنظيم المعاملات والفصل في الخصومات من قواعد جديدة يضعها المفكرون من أهل العصر ، والواقفون على أحوال أهله المطلعون على المشاكل العارفون بأسبابها ، وطرق حلها ؛ لتكون مستمدة من ثقافتهم وحضارتهم .

فهؤلاء قد طغى عليهم الغرور المكروه فركبوا رؤوسهم ، ولم يقدروا عقولهم قدرها ، ولم ينزلوها منزلتها ، ولم يقدروا الله حق قدره ، ولم يعرفوا حقيقة شرعه ولا طريق تطبيق منهاجه وأحكامه ، ولم يعلموا ان الله قد أحاط بكل شيء علما ؛ فعلم ما كان وما سيكون من اختلاف الأحوال وكثرة المشاكل وانه انزل شريعة عامة شاملة وقواعد كلية محكمة ، قدرها بكامل علمه وبالغ حكمته ؛ فأحسن تقديرها ، وجعلها صالحة لكل زمان ومكان ؛ فمهما اختلفت الطبائع والحضارات وتباينت الظروف والأحوال ؛ فهي صالحة لتنظيم معاملات العباد وتبادل المنافع بينهم ، والفصل في خصوماتهم ، وحل مشاكلهم وصلاح جميع شؤونهم في عباداتهم ومعاملاتهم .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام