الصفحة 334 من 3881

ثم بعد ذلك يحرم القتال بين المسلمين، مهما كانت مبرراته ما لم يكن القتال من أهل الحل والعقد والجماعة والسلطان ضد البغاة المفسدين، هذا ليس من القتال بين المسلمين، وهذا يسمى كف الشر، لكن القتال الذي منشأه التنازع على الدنيا ، أو التنازع على السلطان، أو الحمية الجاهلية، أو العصبية، أو أي غرض لا يُقصد به نصر الدين، أو قُصد به نصر الدين على وجه غير مشروع، فإنه يعتبر من أكبر الكبائر، إنما المشروع هو أن يقاتل من يعم فساده، سواء فساد في العقيدة كأهل البدع الذين يفتنون المسلمين ، فإذا ما كفوا عن فتنتهم للمسلمين وما كفوا عن خروجهم على السلطان إلا بالقتال؛ يُقاتلون، أهل البدع والفساد والبغي وأشباههم؛ يُقاتلون إذا صار شرهم يتعدى ولم يكفوا بالطرق السلمية ، إذا لم يمكن دفعهم بأقل من القتال، فإنه يجوز لإمام المسلمين وأهل الحل والعقد أن يقاتلوهم، بحسب الحال والمصلحة، ما لم يكن هناك مفاسد كبرى.

ثم عرج أهل السنة والجماعة بعد هذه الأصول على أن من الجماعة فئة هي الفئة النموذجية القدوة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، وسبق أن قلت أن رأس الجماعة هم الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، هم رأس الجماعة وأولها، وهم الأنموذج الأول، وهم القدوة الأوائل، هم الذين رسموا سبيل المؤمنين ، هم الصحابة الكرام، وهم كلهم عدول في الدين، والعدالة هنا لا تعني أنه لا يرتكب منهم أحد أخطاء أو فسق، أو نحو ذلك، إنما العدالة في نقل الدين، لأن الله تعالى تكفل بحفظ الدين وكان مما تكفل الله به؛ أن عهد إلى النبي صلى الله عليه وسلم بنقل الدين على الصحابة، عهده عليهم، فنقلوه، حتى من كان عنده شيء من الخطأ أو المعصية، الصحابة ليسوا كلهم معصومون ، بل كلهم ليسوا معصومون، لكن مع ذلك هم في نقل الدين هم عدول.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام