فما أقبل عبد على الله -تبارك وتعالى- إلا وفرح الله -عز وجل- بإقباله وتوبته وأوبته؟، لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم، كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه راحلته، وعليها طعامه وشرابه؛ فآيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد آيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ به يرى راحلته قائمة عند رأسه فقال: اللهم أنت عبدي، وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح، وفى الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( يدنى المؤمن من ربه يوم القيامة، حتى يضع رب العزة عليه كنفه ) والكنف في اللغة: الستر، والرحمة، فلسنا ممن يؤول صفة ( حتى يضع رب العزة عليه كنفه، ويقرره بذنوبه، فيقول الرب للعبد: لقد فعلت كذا وكذا، يوم كذا وكذا ) أي من الذنوب والمعاصي ( فيقول العبد المؤمن: رب أعرف، رب أعرف، فيقول الله -جلّ وعلا:- ولكني سترتها عليك في الدنيا، وأغفرها لك اليوم ) والحديث عن الرحمة حديث طويل جليل جميل، لكن الذي أود أن أؤصله، وأؤكد عليه: أن الاسمين الجليلين الرحمن الرحيم يثبتان صفة الرحمة لله -تبارك وتعالى- ونحن نثبت لله ما أثبته لذاته من أسماء الجلال، وصفات الكمال من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تمثيل، قال -جل جلاله:- ? لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ? [الشورى: 11] .
أعد علي مرة أخرى قول المصنف -رحمه الله تعالى- بعد المسألة .
قال المصنف:( اعلم -رحمك الله- أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل:
الأولى: العلم وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه -صلى الله عليه وسلم- )حسبك.