والمتأخرون من اليهود ينكرون ذلك ويجحدونه1. وليس الأمر كما يظنون بل قد صحّ أن تلك طائفة من أسلافهم يقال لها: المؤتمنية2. قال الله تعالى: {وَقَالَتِ اليَهُودُ عُزَيرٌ ابن الله ... } إلى قوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدوا إِلَهاً وَاحِداً} 3. فمن عبد المسيح وعَدَّه من الآدميين إنما تأسى بهم وتسبب بأسبابهم.
1 قال الفخر الرازي في تفسيره 16/33:"المسألة الثانية في قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ... } . على أقوال:"
الأوّل: قال عبيد بن عمير: إنما قال الله هذا القول رجل واحد من اليهود اسمه:"فنحاص بن عازوراء".
الثاني: قال ابن عباس في رواية سعيد بن جبير وعكرمة: أتى جماعة من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم: سلام بن مشكم والنعمان بن أوفى ومالك بن الصيف وقالوا: كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا ولا تزعم أن عزيراً ابن الله؟ فنزلت هذه الآية.
وعلى هذين القولين فالقائلون بهذا المذهب بعض اليهود، إلاّ أن الله نسب ذلك القول إلى اليهود بناء على عادة العرب في إيقاع اسم الجماعة على الواحد.
الثالث: ولعلّ هذا المذهب كان فاشياً فيهم ثم انقطع، فحكى الله ذلك عنهم. ولا عبرة بإنكار اليهود ذلك. فإن حكاية الله عنهم أصدق. (ر: أيضاً تفسير ابن جرير الطبري 10/110-112) .
2 قال ابن حزم في الفصل 1/178:"الصدوقية: ونسبوا إلى رجل يقال له: (صدوق) ، وهم يقولون من أثر اليهود أن العزير هو ابن الله - تعالى الله عن ذلك - وكانوا بجهة اليمن".اهـ. ونقله ابن تيمية عنه في الجواب الصحيح 3/185. وقال المقريزي في الخطط 3/511:"وأما يهود فلسطين فزعموا أن العزير بن الله تعالى، وأنكر أكثر اليهود هذا القول".
3 قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} . [سورة التوبة، الآية: 30، 31] .