الصفحة 2 من 2

مراتب الإيمان"2"

الايمان الواجب: وهو مازاد عن اصل الايمان من فعل الواجبات و ترك المحرمات و ضابط مايدخل في اليمان الواجب من الاعمال سواءً كانت فعلاً او تركاً، ان كل عمل ورد في تركه و عيد ولم يكفر فاعله فتركه من الايمان الواجب كالزني و الربا و السرقة و شرب الخمر. . . الخ، بشرط عدم الاستحلال و عدم الإنكار - اي عدم استحلال محرم و عدم انكار واجب -

و الناس في الايمان الواجب على درجتين:

1 -المقصرون منه: بترك واجب او فعل محرم بعد إتيانهم بأصل الايمان , فهولاء هم أصحاب الكبائر او المخلطون من أهل التوحيد او عصاة الموحدين أو الفاسق الملّي او الظالم لنفسه فمن كان هذا حاله فهو من اهل الوعيد إن مات بلا توبة ولكنه في المشيئة فإن شاء عذبه بقدر ذنوبه ثم يُخرجُهُ اللهُ من النار و يدخله الجنة بما معه من أصل الايمان.

الأدلة علي تكفير الذنوب بالمغفرة:

قال تعالى: {إنّ اللّه لا يغفرُ أن يُشرك به ويغفرُ ما دُون ذلك لمن يشاءُ} .

وعن عبادة بن الصامت رضى الله عنه وكان شهد بدرا وهو أحد نقباء ليلة العقبة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - و حوله عصابة من أصحابه: (( بايعوني على ان لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا اولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين ايديكم و ارجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله و من أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله عليه فهو الى الله ان شاء عفا عنه و إن شاء عاقبه ) ) [متفق عليه، و اللفظ للبخاري: 18] .

و يستثني من تكفير الذنب بالعقوبه و كونه في المشيئة"المرتد"المشار إليه في الحديث بقوله صلى الله عليه وسلم"وأن لاتشركوا بالله شيئا"فإذا قتل على الردة لم تكن العقوبة كفارة له، واذا مات مرتدا لم يكن في مشيئة لقوله تعالى: {إن الله لايغير ان يشرك به} سواء عوقب في الدنيا على ردته ام لم يعاقب [انظر فتح الباري1/ 64] .

2 -المقتصدون فيه: الذين أدوا الايمان الواجب بتمامه ولم يقتصروا فيه ولم يزيدوا عليه بعد إتيانهم بأصل الايمان فهذا هو المؤمن المستحق للوعد السالم من الوعيد و ويستحق دخول الجنة بلا سابق عذاب بفضل الله حسب وعده الصادق و هذه الدرجة تسمى المقتصدين.

ومن الأولة على ذلك: قصه الاعرابي الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شرائع الاسلام و أخبره الرسول صلى الله عليه وسلم بشرائع الاسلام، فقال الاعرابي: (والذي اكرمك بالحق لا اتطوع شيئا ولا انقص بما فرض الله عليّ شيئا) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( قد أفلح ان صدق او دخل الجنة ان صدق ) ) [البخاري /1891] .

قال ابن تيمية رحمه الله: (من أتى بالايمان الواجب استحق الثواب , ومن كان فيه شعبة من نفاق [1] وأتى الكبائر فذلك من اهل الوعيد وايمانه ينفعه الله به و يخرجه به من النار ولو أنه مثقال حبة من خردل , لكن لايستحق به اسم المطلق [2] المعلق به وعد الجنة بلا عذاب) [كتاب الايمان: 334، الايمان الاوسط: 67] .

فائدة: العلم بالواجبات و النواهي التى تدخل في أصل الايمان و الايمان الواجب فرض عين على كل مسلم و منها ما يدخل في العلم الواجب العينى العام و فيها ما يدخل في العلم الواجب العينى الخاص و إنما كان العلم بها واجبا لأن العمل بها واجب و يترتب على التقصير فيه و عيد من كفر او فسق لان العمل هو المقصد و العلم وسيلة و القاعدة تقول"للوسائل حكم المقاصد".

ثالثا - الإيمان المُستحب: وهو مازاد عن أصل الايمان والايمان الواجب من فعل المندوبات والمستحبات و ترك المكروهات و المشتبهات - و بعض المباحات عند السلف - فمن اتى بهذه المرتبة مع المرتبتين الأوليتين فهو من السابقين الذين يستحقون دخول الجنة ابتداء فى درجة اعلى من المقتصدين.

قال ابن تيمية رحمه الله: (ويفرق بين الأيمان الواجب وبين الأيمان الكامل بالمستحبات كما يقول الفقهاء(الفعل ينقسم الى قسمين، مجزىء وكامل فالمجزىء ما اتى بة بالواجبات فقط , والكامل واتى فية بالمستحبات) [الايمان:186] .

ويجمع المراتب الثلاثة لأهل الايمان قوله تعالى: {ثُمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهُم ظالم لنفسه ومنهُم مُقتصد ومنهُم سابق بالخيرات بإذن اللّه ذلك هُو الفضلُ الكبيرُ} [فاطر /32] .

قال ابن تيمية رحمه الله: (وهكذا جاء القرآن فجعل الأمة على هذه الأصناف الثلاثة، قال تعالى: {ثُمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهُم ظالم لنفسه ومنهُم مُقتصد ومنهُم سابق بالخيرات بإذن اللّه} فالمسلم الذي لم يقم بواجب الايمان هو الظالم لنفسه و المقتصد هو المؤمن المطلق الذي عبدالله كأنه يراه) [كتاب الايمان: 342] .

عن أبي الدرداء رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( قال الله تعالى: {ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا. . . الاية} فأما الذين سبقوا فأولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب واما الذين اقتصدوا فيحاسبون حسابا يسيرا وأما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك يحبسون في طول المحشر ثم هم الذين تلافاهم الله برحمته فهم الذين يقولون {الحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن إن ربنا لغفور شكور} ) ) [رواه أحمد، سورة فاطر /34، مصدر ابن كثير] .

قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: (السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب و المقتصد يدخل الجنة برحمة الله و الظالم لنفسه وأصحاب الاعراف يدخلون الجنة بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم) .

فائدة: والصغائر تدخل في المرتبه الثالثة بشرط عدم الإصرار عليها - لاصغيره مع الاصرار و لاكبيرة مع الاستغفار -

قال ابن تيمية رحمه الله: (و الرسول لم ينفه - يعني الايمان الواجب - إلا عن صاحب الكبيرة والإ قالوا؛ من الذي يعمل الصغيرة هي مكفرة عنه بفعله للحسنات و اجتنابه الكبائر لكنه ناقص الايمان عن من اجتنب الصغائر فمن أتى بالايمان الواجب خلطه سيئات كفرت عنه بغيرها ونقص بذلك درجه عمن لم يأت بذلك) [الايمان:337] .

و قال ابن تيمية رحمه الله -عن الايمان: (هو مُركب من اصل لايتم بدونه ومن واجب ينقص بفواته نقصا يستحق صاحبه العقوبة ومن مستحب يفوت بفواته علو الدرجة) [مجموع الفتاوى /7 637] .

ماالفرق بين الايمان الكامل و كامل الايمان؟

الايمان الكامل: أي جمع الاعمال بمراتبه الثلاثة.

كامل الايمان: اي جزء من الايمان الذي يتم به مطلق الايمان.

[إعداد قسم الإفتاء والبحوث في جماعة أنصار الإسلام في كردستان]

[1] نفاق؛ الاصغر.

[2] اسم المطلق؛ المراتب الثلاثة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام