الصفحة 1 من 2

مراتب الإيمان"1"

إذا أطلق لفظ الايمان فالمراد به الدين كله وهو يشتمل على شعب، كما في حديث الشعب: (الايمان بضع و سبعون شعبة فأفضلها قول لاإله الا الله وأدناها إماطه الأذى عن الطريق و الحياء شهبة من الايمان) [مسلم] .

فاشتمل الايمان على جمع الطاعات فرضها و نفلها مما يجب على القلب و اللسان و الجوارح كما يشتمل الايمان على ترك المحظورات المحرم منها و المكروه و ينقسم الايمان الى مراتب تشتمل كل مرتبة على بعض شعب الايمان بحيث تتضمن المراتب الثلاث جميعا شعب الايمان.

و المراتب الثلاثة وهي:

اولا: أصل الايمان:

وهو مالايوجد الايمان بدونه وبه النجاة من الكفر و الدخول في الايمان و هو مطلق [جزء] الايمان ومن أتى بهذه المرتبة فهو داخل في المخاطبين بقوله تعالى: {ياايها الذين آمنوا} وهو يشتمل على شعب لايصح إلا باكتمالها و ضابط ما يدخل في الايمان من الاعمال سواء كانت فعلا او تركا و سواء كانت اعتقادا او قولا او عملا: ـ

أ - ان كل عمل يكفر تاركه ففعله من اصل الايمان، مثل؛ التصديق، انقياد القلب، اقرار اللسان، و الصلاة ...

ب- كل عمل يكفر فاعله فتركه من اصل الايمان: مثل: الاستهزاء بالدين، الدعاء، الاستعانة و الاستغاثه بغير الله، و القتال في سبيل الطاغوت .. او جحد واجب او استحلال محرم او انكار واجب .... الخ.

وكل من لم يأت بأصل الايمان"جملة"او أخل به"جزء"فهو كافر فحلد في نار جهنم.

و ضابط الذنب المكفر هو ماقام الدليل الشرعي على أنه كفر اكبر مخرج من الملة.

ومن اتى باصل الايمان فقد نجا من الكفر و دخل الجنة لامحالة إما ابتدء وإما مئالا.

ومن الادلة الشرعية على ما سبق:

قال تعالى: {إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم * يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم} ، و قوله تعالى: {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} ، و قوله تعالى: {ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله} .

وعن أنس رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليصيبن اقواما سفع من النار بذنوب أصابوها عقوبة ثم يدخلهم الله الجنة بفضله و رحمته يقال لهم الجهنميين) [البخاري 7450] ، و دخولهم الجنة مئالا انما هو بما معهم من أصل الايمان المضاد للكفر.

وعن ابي هريرة رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (حتى اذا فرغ الله من القضاء بين العباد واراد ان يخرج برحمته من اراد من النار أمر الملائكة ان يخرجوا من النار من كان لايشرك بالله شيئا ممن اراد ان يرحمه ممن يشهد لاإله الا الله فيعرفونهم في النار بآثار السجود) [رواه البخاري 7437] .

وعن ابي ذر رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ذاك جبريل أتاني فقال: من مات من أمتك لايشرك بالله شيئا دخل الجنة) ، قال ابوذر: قلت؛ وإن زنى وإن سرق؟!، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإن زنى وإن سرق) [البخاري 6444] .

وفي حديث آخر: (أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة خردل من ايمان) [البخاري] .

قال ابن حجر: (و المراد بحبة خردل هنا مازاد من الاعمال على أصل التوحيد لقوله في رواية أخرى"اخرجوا من قال لاإله الا الله و عمل من الخير ما يزن ذرة") .

قال محمد بن نصر المروزي: (الكفر ضد اصل الايمان لأن للإيمان أصلا وفروعا , فلا يثبت الكفر حتى يزول أصل ألايمان , فإن قيل وألذى زعمتم أن النبي صلى الله عليه وسلم أزال عنه إسم ألايمان هل فيه من ألايمان شىء؟، قالوا نعم اصله ثابت ولولا ذلك لكفر) [تعظيم قدر الصلاة 513:2] .

قال ابن تيمية - في وصف أهل هذه المرتبة: (فعامه الناس إذا أسلموا بعد الكفر او ولدوا على اسلام و التزموا شرائعه كانوا من أهل الطاعة لله ورسوله فهم مسلمون و معهم ايمان مجمل [1] ولكن دخول حقيقه الايمان [2] الى قلوبهم انما يحصل شيئا فشيئا إن اعطاهم الله ذلك و الإ فكثير من الناس لا يصلون الى اليقين و الى الجهاد ولو شككوا لشكوا ولو أمروا بالجهاد لما جاهدوا و ليسوا كفارا ولا منافقين بل ليس عندهم من علم القلب و معرفته و يقينه مايدرأوا الريب ولا عندهم قوة الحب لله و لرسوله ما يقدمونه على الاهل و المال و هؤلاء ان عفوا عن المحنة وماتوا دخلوا الجنة وان ابتلوا بمن يورد عليهم شبهات توجب ريبهم، فإن لم ينعم الله عليهم بما يزيل الريب والى صاروا مرتابين وانتقلوا الى نوع آخر من النفاق [3] ) [كتاب الايمان:257] .

{إعداد قسم الإفتاء والبحوث في جماعة أنصار الإسلام في كردستان}

[1] ايمان مجمل: اصل الايمان.

[2] حقيقة الايمان: كامل الايمان"الواجب و المستحب".

[3] نوع آخر من النفاق: نفاق اكبر مخرج من المله.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام