تَجَاوُزِك، أَثَارَه سَبَق رحمتك لغضبك، وهذا اضطرارُنا لِرِفْدِك [1] ، أَبْرَزَه افتقارُنا لكرمك، وهذا انطراحُنا بين يديك، دَفَع إليه خوفُنا من سَطْوتك، وهذه لَهْفَتُنا وضَرَاعتُنا، فَقَابِلْها بلطفك وغوثك، ها نحن ببابك واقفون فلا ترُدَّنا خائبين، يا أكرم الأكرمين، يا غياثَ المستغيثين، يا أرحم الراحمين يا رب العالمين) [2] .
ثم قال:
إلَيْكَ شَكَاتِي يَا وَلِيِّي وَيَا حَكَمْ ... فَوَارِي عُيُوبِي بِالسَّمَاحَةِ وَالْكَرَمْ ...
وَأَفْرِغْ عَلَيَّ الصّبْرَ فَضْلاً وَعَافِنِي ... فَجَيْشُ الرَّزَايَا وَالْمَصَائِبِ قَدْ هَجَمْ ...
وَأَدْرِكْ يَقِينِي بِالثَّبَاتِ فَقَدْ وَهَى ... وإِبْلِيسُ بِالتَّشْكيكِ وَالْيَاس قّدْ رَجَمْ ...
أَعِيشُ كئيباً في اضطرابٍ ومِحْنَةٍ ... أُعَانِي تَبَارِيحَ التَّحَيُّرِ والألَمْ [3]
(1) -الرِّفْد بالكسر: العطاء والصلة.
(2) -هذه مناجاة جميلة-أحسن ما قرأت بزنزانتي الانفرادية بالسجن المحلي بتطوان في مناجاة العبد لربه-بعث بها-مفردة مستقلة مجردة في ورقتين-إليّ فضيلة شيخنا علَم الأدب محمد بوخبزة الحسني-حفظه الله-وقال في آخرها: (من تلفيق الفقير إلى الله أبي أويس محمد بن الأمين بوخبزة الحسني عفا الله عنه بمنه) . تاريخ الإرسال: (الجمعة: 16/ربيع الثاني: 1428 هـ) .
ثم قرأتها في كتابه الكبير: (جراب الأديب السائح، وثمار الألباب والقرائح) (2/ 103) وقال في آخرها: (الثلاثاء 26 - ذي الحجة 1387 وكم ناجيت بها ربي على عدة منابر أدومها منبر جامع العيون) .
(3) وينظر إلى هذا أبيات لي كنت قلتها في تذييل أبيات فضيلة شيخنا العلامة أبي أويس بالسجن المركزي بالقنيطرة، 4 - محرم 1425 هـ وبالسجن المحلي بتطوان وهي-بتاريخ:26 - محرم 1426 هـ-:
لكنَّ حظِّي نَكِدٌ ... وهَمُّ قلبي في اشتعالْ ... أُعدُّ حيّاً وأنَا ... مَيْتٌ من الدنيا اسْتَقَالْ ... دَعْنِي من الحِلْمِ فلاَ ... جَدْوَى من الحِلْمِ تُنَالْ ... حَسْبِي إلهي مَلْجَأً ... نِعْمَ الكبيرُ المُتَعالْ
ومنها قولي-بتاريخ:3 - صفر 1428 هـ-:
قد طال مُكْثِي في سِجنٍ يَغُلُّ يدِي ... في حينَ وَافَقَ نَجْمُ السَّعْدِ أَوْبَاشَا! ... مَن للمعالي إذا قيل: ويْكَ فتى ... لا عاشَ مَن يَقْبَل الإذلالَ لا عاشا!
وقولي-بتاريخ:4 - صفر 1428 هـ-:
إنَّ هَمِّي سقَى فُؤَاديَ كَاساً ... أَذْهَبَ اللُّبَّ، يَا لَسَكْرَةِ هَمِّي! ... رُبَّ قَيْدٍ أَخَفُّ مِنْ قَيْدِ نَفْسٍ ... فَقَدَتْ رَشْدَهَا وبَاءتْ بإِثْمِ ... إنما العُمْرُ لحظةٌ فاهْتَبِلْهَا ... لاِتِّبَاعِ الهُدَى وتحْصِيلِ عِلْمِ
فاهتبلها، أي: فاغتنمها بالطاعة لله ولرسوله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وطلب العلم ..