قراءة في كتاب؛"الاعتقاد"لابن أبي يعلى ...
المؤلف: أبو الحسين محمد بن محمد بن حسين بن خلف بن الفراء الحنبلي البغدادي المشهور بالقاضي أبي الحسين.
مولده: ولد عام 451 هـ.
نشأته: نشأ القاضي أبو الحسين في بيئة علمية صالحة، حيث نشأ تحت رعاية والده العلامة محمد بن الحسين المشهور بالقاضي أبي يعلى، وهو شيخ الحنابلة وإمامهم في عصره، حيث عني بتعليم ابنه وتهذيبه منذ نعومة أظفاره، فقد بدأ بحفظ القرآن الكريم، ثم بدأ بعد ذلك توجيهه لدراسة الحديث النبوي وسائر العلوم الشرعية فأخذ على مشايخ بغداد حتى فاق أقرانه.
قال عنه ابن رجب: (برع في الفقه وأفتى وناظر، وكان عارفًا للمذهب مشددًا في السنة) .
وفاته: توفي عام 526 هـ.
موضوع الكتاب: بيان ما يعتقده المؤلف رحمه الله من أصول الدين في مسائل الإيمان والتوحيد والأسماء والصفات وغيرها من المسائل على منهج السلف الصالح.
سبب تأليف الكتاب: أنه سُئِل رحمه الله عن عقيدته ومذهبه، فأجاب السائل بكتابة عقيدته في هذه الرسالة.
قيمة الكتاب: وإن كانت الرسالة صغيرة الحجم، فهي غزيرة الفائدة، تكشف عن كون الإمام المصنف على عقيدة السلف، كما تبين مدى جهاده ودفاعه عن هذه العقيدة، كما يتبين فيها الواجب فعله تجاه المبتدعة المخالفين لعقيدة السلف.
نسخ الكتاب: نسخة بدراسة وتحقيق د. محمد بن عبد الرحمن الخميس.
ما جاء في العقيدة:
بدأ المؤلف كتابه قائلاً: (فأول ما نبدأ بذكره من ذلك ذكر ما افترض الله تعالى على عباده، وبعث به رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنزل فيه كتابه، وهو الإيمان بالله عز وجل، ومعناه: التصديق بما قال به وأمر به، وافترضه، ونهى عنه من كل ما جاءت به الرسل من عنده، ونزلت فيه الكتب، وبذلك أرسل المرسلين، فقال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: 25] ) .
وقال في الإيمان والتصديق بذلك: (قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالأركان، يزيده كثرة العمل والقول بالإحسان، وينقصه العصيان، ويستثنى في الإيمان، ولا يكون الاستثناء شكّا إنما هي سنة ماضية عند العلماء، فإذا سُئل الرجل؛"أمؤمن أنت؟"، فإنه يقول؛"أنا مؤمن إن شاء الله"، ويقول:"آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله") .
وقال في القرآن: (هو كلام الله، فالله لم يزل ولا يزال متكلمًا، وإن كلام الله يُسمع تارة من الله عز وجل، وتارة من التالي، فالذي يسمعه من الله سبحانه من يتولى خطابه بنفسه بلا واسطة ولا ترجمان: كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج لما كلمه، وموسى كذلك على جبل الطور، كذلك سبيل من يتولى خطابه بنفسه من ملائكته، ومن عدا ذلك فإنما يسمع كلام الله القديم على الحقيقة من التالي وهو حرف مفهوم، وصوت مسموع) .
وقال في الصفات: (ثم الإيمان بأن الله جل ذكره واحد لا يشبهه شيء، ولا نشبه صفاته، ولا نكيفه، وتكييف صفاته وهم، وإن ما وقع في الوهم فالله وراء ذلك. وأنه حي بحياة، عالم بعلم، قادر بقدرة، سميع بسمع، بصير ببصر، متكلم بكلام، مريد بإرادة، آمر بأمر، ناهٍ بنهي.
ونقر بأنه خلق آدم بيده لقوله تعالى لإبليس؛ {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} [ص: 75] ، وأن له يمينًا لقوله: {والسموات مطويات بيمينه} [الزمر: 67] ، وأن له وجهًا لقوله؛ {كل شيء هالك إلا وجهه} [القصص: 88] .
وأنه ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر". وهذا لفظ البخاري. وقد روى حديث النزول أحمد ومالك والبخاري ومسلم وأبو عيسى الترمذي وأبو داود وابن خزيمة والدارقطني وأئمة المسلمين.