الصفحة 9 من 10

أما قول القائل إن تبديع من قال بفناء النار ينصرف إلى قائليه من الصحابة وغيرهم، فالجواب تقدم أنه لم يثبت القول بفناء النار عن أحد من الصحابة، أما هذا الإلزام فهو باطل، وقد أحسبت عن هذا في رسالتي [1] (( الأدلة والبراهين لإيضاح المعتقد السليم والرد على المخالفين ) )ونذكر خلاصته وهو أن العالم قد يقول قولاً مرجوحاً، ويكون مجتهداً فيه مأجوراً على اجتهاده فيه مغفوراً له خطؤه لعدم بلوغ المحجة إلى غير ذلك من الأعذار التي توجب العفو.

أما غيره ممن بلغته المحجة فهذا يبدع، ولا يكون بمنزلة الأول، وهذا الباب باب عظيم يجب تفهمه وتدبره وإلا وقع الإنسان في الخطأ كما وقع هذا القائل، وشيخ الإسلام رحمه الله عليه كلام مهم في هذه المسألة نذكره بلفظه، قال في الفتاوى ج6 ص61: [إذا رأيت المقالة المخطئة قد صدرت من إمام قديم فاغتفرت لعدم بلوغ الحجة له، فلا يغتفر لمن بلغته الحجة ما اعتذر للأول، فلهذا يُبدَّع من بلغته أحاديث عذاب القبر ونحوها إذا أنكر ذلك، ولا تبدع عائشة ونحوها ممن لم يعرف بأن الموتى يسمعون في قبورهم فهذا أصل عظيم، فتدبره فإنه نافع] ولما تكلم شيخ الإسلام في الجزء العشرين من فتاوى ص33 على الخطأ المغفور في الاجتهاد قال: [وكما نقل عن بعض التابعين أن الله لا يرى وفسروا قوله {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} بأنها تنظر ثواب ربها كما نقل عن مجاهد وأبي صالح ... ]

فهل يقول هذا القائل إن الذي ينكر رؤية الله لا يبدع من أجل أن بعض التابعين قال به أم يراجع الحق والصواب ويدع الطغيان؟

(1) ذكرت في تلك الرسالة أقوال العلماء الذين انكروا فناء النار وبدّعوه ونقلت عن بعضهم الإجماع على عدم فنائها وسوف أزيد عليها إن شاء الله أقوالاً كثيرة في إبطال هذا الإلزام وإدحاضه ولا نعلم أحداً من أهل العلم المحققين قال بهذا الإلزام ولذلك فهو اللائق بقائله.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام