وقبل البيان .. فإن الموضع الذي استوجب هذا التنبيه لا أثر له في إعذار حكومة حماس حال ثبوته، ولا أثر له في ثبوت تكفيرها حال إبطاله ورده، بل هو عن الأمرين بمعزل، وليس تقرير أحدهما والتوصل إليه متوقف عليه ثبوتاً أو رداً.
وعليه .. فليس ردي على هذا الموضع بالذات مقتضٍ وفاقي لما سواه، وإن كان ثمة ما يلاحظ على النتيجة التي توصل إليها الشيخ في إيضاحه أو على مقدماتها أو على غير ذلك، فسيسعني حيال ذلك ما كان وسعني قبلُ! وسأترك الأمر لمن هو معنيٌ به في الجهة المقابلة ممن تكلم وأفتى بكفر حكومة حماس، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
قال الشيخ أبو الوليد في إيضاحه: (وقد ذكرَ الواقِدِيُّ - وهو ثقَةٌ في المغازِي على الصحيح - أنَّ الصحابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ كانُوا فِي الفُتوحِ يَلْبَسُونَ - عَلَى وَجْهِ الحِيلَةِ - ثِيابَ الرومِ وصُلْبانَهُمْ ورُبَّما حَمَلُوا الصَّلِيبَ الكَبِيرَ بَيْنَ أيْدِيهِمْ - يُوهِمُونَ القَومَ أَنَّهُمْ من الرومِ!؛ ثُمَّ يُباغِتُونِهَمْ فِي دِيارِهِم، ذكَرَ هَذا في أخبارٍ مُخْتَلِفَةٍ في تِسْعَةِ أو عشرَةِ مواضعَ من الكتابِ!) .
أقول وبالله أستعين: العلم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إما نقل مصدق، وإما بحث ونظر محقق. وسيتبين بما يأتي اجتماع ضدي الصدق والتحقيق في هذا المنسوب إلى الصحابة رضوان الله تعالى عليهم!!
وهذه الدعوى مبنية عن كتاب (فتوح الشام) المنسوب للواقدي، وإن كان الشيخ أبو الوليد لم يذكر هذا، وكان ينبغي ذكر المرجع الذي استُقي منه كلام الواقدي، فذلك أدعى لثقة طالب العلم وقبوله للمنقول، وترك النقول عريّة عن ذكر مصادرها مدعاة لضد ذلك، والبحوث العلمية الجادة المُحَكَّمَة من قبل أهل الاختصاص لا يُتسامح فيها بمثل هذا كما هو معلوم.
وإذا كان المراد ترسيخ نتيجة ما في ذهن المتلقي، فسبيل ذلك مع سلوك سبيل المقدمات الصحيحة الموصلة إليها هو إبطال كلِّ ما من شأنه القدح في تلك النتيجة أو التشكيك فيها، ومن الثاني عزو النقول إلى مصادرها.
ثم طالب العلم الذي يضِن بدينه يحتاج في بعض ما يُعرض عليه ويقرأه من تقريرات أهل العلم إلى المراجعة والبحث والتفتيش قبل أن يتبنى ويختار، وخاصة في المسائل والنوازل التي تتضارب فيها اختيارات الموثوق بهم من أهل العلم، ووظيفة العالم تقريب العلم وتيسيره