فهرس الكتاب
الصفحة 13 من 14

فانظر كيف حكموا بكفرهم مع جهلهم ، والشيخ ' يختار عدم كفرهم ، ويفسقون عنده ؛ ونحوه قول ابن القيم ' ، فإنه قال: وفسق الاعتقاد ، كفسق أهل البدع ، الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر ، ويحرمون ما حرم الله ويوجبون ما أوجب الله ، ولكن ينفون كثيراً مما أثبت الله ورسوله ، جهلاً وتأويلاً وتقليداً للشيوخ ، ويثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك ، وهؤلاء كالخوارج المارقة ، وكثير من الروافض والقدرية والمعتزلة ، وكثير من الجهمية الذين ليسوا غلاة في التجهم .

وأما غلاة الجهمية ، فكغلاة الرافضة ، ليس للطائفتين في الإسلام نصيب ، ولذلك أخرجهم جماعة من السلف ، من الإثنتين والسبعين فرقة ، فقالوا هم مباينون للملة . انتهى .

وبالجملة: فيجب على من نصح نفسه ، ألا يتكلم في هذه المسألة إلا بعلم وبرهان من الله ، وليحذر من إخراج رجل من الإسلام بمجرد فهمه واستحسان عقلة ، فإن إخراج رجل من الإسلام أو إدخاله فيه ، أعظم أمور الدين ؛ وقد كفينا بيان هذه المسألة كغيرها ، بل حكمها في الجملة أظهر أحكام الدين فالواجب علينا: الاتباع وترك الابتداع ، كما قال ابن مسعود _ ، اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم .

وأيضاً: فما تنازع العلماء في كونه كفراً ، فالاحتياط للدين التوقف وعدم الإقدام ، ما لم يكن في المسألة نص صريح عن المعصوم ؛ وقد استزل الشيطان أكثر الناس في هذه المسألة ، فقصر بطائفة فحكموا بإسلام من دلت نصوص الكتاب والسنة والإجماع على كفره ، وتعدى بآخرين فكفروا من حكم الكتاب والسنة مع الإجماع بأنه مسلم .

ومن العجب: أن أحد هؤلاء لو سئل عن مسألة في الطهارة ، أو البيع ونحوهما ، لم يفت بمجرد فهمه واستحسان عقله ، بل يبحث عن كلام العلماء ، ويفت بما قالوه ، فكيف يعتمد في هذا الأمر العظيم ، الذي هو أعظم أمور الدين وأشد خطراً ، على مجرد فهمه واستحسانه ؟ فيا مصيبة الإسلام من هاتين الطائفتين ! ومحنته من تينك البليتين !! .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام