فيجب على العُقلاء أن يربأوا بنفوسهم عنه، لما فيه من الاستعباد لهم، والتحكم فيهم بالأهواء والأغراض، والأغلاط والأخطاء، فضلاً عن كونه كفرًا بنصِّ قوله تعالى: {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فأُولئكَ هُمُ الكافِرونَ} .
السادس:
ما يحكُم به كثيرٌ من رؤساء العشائر، والقبائل من البوادي ونحوهم، من حكايات آبائهم وأجدادهم، وعاداتهم التي يسمُّونها"سلومهم"، يتوارثون ذلك منهم، ويحكمون به ويحُضُّون على التحاكم إليه عند النزاع، بقاءاً على أحكام الجاهلية، وإعراضًا ورغبةً عن حُكم الله ورسوله، فلا حول ولا قوة إلاّ بالله.
وأمّا القسم الثاني: من قسمي كُفر الحاكم بما انزل الله، وهو الذي لا يُخرجُ من الملة.
فقد تقدّم أنّ تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقول الله عزّ وجلّ: {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أنْزَلَ اللهُ فَاُولئكَ هُمُ الكافِرونَ} . قد شمل ذلك القسم، وذلك في قوله رضي الله عنه في الآية:"كُفر دون كفر"، وقوله أيضًا:"ليس بالكفر الذي تذهبون إليه".
وذلك أنْ تَحْمِلَهُ شهوتُه وهواهُ على الحُكم في القضية بغير ما أنزل الله، مع اعتقاده أنّ حُكم الله ورسوله هو الحقّ، واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى.
وهذا وإنْ لم يُخرِجْه كُفْرُه عن الملّة، فإنه معصية عُظمى أكبرُ من الكبائر، كالزنا وشُرب الخمر، والسّرِقة واليمين الغموس، وغيرها ..
إنّ معصية ً سمّاها اللهُ في كتابه كفرًا، أعظمُ من معصية لم يُسمِّها كُفرًا.
نسأل الله أنْ يجمع المسلمين على التحاكم إلى كتابه، انقيادا ورضاءً، إنّه وليُّ ذلك والقادر عليه.
تمّت الرسالة ولله الحمد