الصفحة 4 من 5

يقول الشوكاني: (لما اجتمع أهل مكة وأهل المدينة قالوا؛ الآن نقاتل حين اجتمعنا، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قالوا وما أعجبهم من كثرتهم، فالتقوا فهُزِموا حتى ما يقوم أحد منهم على أحد، جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي أحياء العرب؛"إليَّ ... إليَّ ..."، قالوا: فوالله ما يعرج عليه أحد حتى أعرى موضعه، فالتفت إليه الأنصار وهم ناحية فناداهم؛"يا أنصار الله وأنصار رسوله؛ إليّ عباد الله، أنا رسول الله"، فجثوا يبكون وقالوا؛ يا رسول الله ورب الكعبة إليك، فنكسوا رءوسهم يبكون وقدموا أسيافهم يضربون بين يدي رسول الله حتى فتح الله عليهم) [4] .

فلما عادوا إلى تحقيق التوحيد وعلموا أن الكثرة لا تغني عنهم شيئًا؛ ألبسهم الله تاج العزة وفتح عليهم ونصرهم وغنموا وأمِنوا من بعد خوف.

وهذا وعد الله الذي لا يخلف أبدًا، ولكن بشرط أن يأتي الموحدون بالشرط المذكور في الآية: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} [النور:55] .

ولما حقق الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الشرط المذكور في الآية وكان حالهم؛ أنهم عبدوا الله ولم يشركوا به شيئًا، حقق الله سبحانه لهم ما وعدهم به.

وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها) .

فلن تعود لنا العزة والملك إلا إن جردنا التوحيد وعبدنا الله لا نشرك به شيئًا في محبة أو خوف أو رجاء أو استغاثة أو نداء أو ولاء.

والله من وراء القصد.

[بقلم؛ شوقي عبد الصادق]

1)تفسير بن كثير: ج2 ص238.

2)فتح القدير: ج1 ص345 بتصرف.

3)فتح القدير: ج1 ص238.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام