الصفحة 3 من 9

33 -وإن القرآن كلام الله، منه بدا بلا كيفية قولا، وأنزله على رسوله وحيا، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة، ليس بمخلوق ككلام البرية، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر، وقد ذمه الله وعابه، وأوعده بسقر، حيث قال تعالى:"سَأُصْلِيهِ سَقَرَ" (المدثر: 26) . فلما أوعد الله بسقر لمن قال:"إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ" (المدثر: 25) . علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر، ولا يشبه قول البشر.

34 -ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر، فمن أبصر هذا اعتبر، وعن مثل قول الكفار انزجر، وعلم أنه بصفاته ليس كالبشر.

35 -والرؤية حق لأهل الجنة بغير إحاطة ولا كيفية، كما نطق به كتاب ربنا:"وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى? رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" (القيامة: 22، 23) . وتفسيره على ما أراده الله تعالى وعَلِمَه، وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كما قال، ومعناه على ما أراد لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا، ولا متوهمين بأهوائنا، فإنه ما سلم في دينه إلا من سلَّم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ورَدَّ عِلْم ما اشتبه عليه إلى عالمه.

36 -ولا يثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام، فمن رام عِلْمَ ما حُظِر عنه علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه، حجبه مرامه عن خالص التوحيد، وصافي المعرفة، وصحيح الإيمان، فيتذبذب بين الكفر والإيمان، والتصديق والتكذيب، والإقرار والإنكار، موسوسا تائها، زائغا شاكا، لا مؤمنا مصدقا، ولا جاحدا مكذبا.

37 -ولا يصح الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم، أو تأولها بفهم، إذا كان تأويل الرؤية وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية بترك التأويل ولزوم التسليم، وعليه دين المسلمين. ومن لم يتوَقَّ النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه، فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية، منعوت بنعوت الفردانية، ليس في معناه أحد من البرية.

38 -وتعالى عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات.

39 -والمعراج حق، وقد أسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم، وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء، ثم إلى حيث شاء الله من العلا، وأكرمه الله بما شاء، وأوحى إليه ما أوحى"مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى" (النجم: 11) . فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام