قَالَ وَاسْتَوَعَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِى صَرِيحِ الْحُكْمِ حِينَ أَحْفَظَهُ الأَنْصَارِىُّ قَالَ وَقَدْ كَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ كَانَ لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ. قَالَ الزُّبَيْرُ فَمَا أَحْسَبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ إِلاَّ فِى ذَلِكَ (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) قَالَ فَسَمِعْتُ غَيْرَ الزُّهْرِىِّ يَقُولُ نَظَرْنَا فِى قَوْلِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم-: «ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ» . فَكَانَ ذَلِكَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِىُّ فِى الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ مُخْتَصَرًا.
البخاري (2231 و2561 و4309) ومسلم (2357) والترمذي (1363 و3027) وأبو داود (3637) وابن ماجة (15 و2480) والنسائي في الصغرى 8/ 228 (5407) والحميدي (300) وأحمد1/ 165 و4/ 4 (1419 و16161) والبيهقي في السنن6/ 153 و10/ 106 (12200و122012078320784) والمنتقى (1021) والإحسان (24) والحاكم (5565) ومنصور التفسير (660) والمجمع 7/ 6 ون (5963 و5964 و11110) والشاشي (47) والبزار (969) وأبو يعلى (6814) وعبد بن حميد (519) وطب 23/ 294 (652)
وقال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه:
في هذا الخبر بيان واضح أن النواهي عن المصطفى صلى الله عليه وسلم كلها على الحتم والإيجاب حتى تقوم الدلالة على ندبيتها وأن أوامره صلى الله عليه وسلم بحسب الطاقة والوسع على الإيجاب حتى تقوم الدلالة على ندبيتها قال الله جل وعلا وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ثم نفى الإيمان عن من لم يحكم رسوله فيما شجر بينهم من حيث لا يجدوا في أنفسهم مما قضى وحكم حرجا ويسلموا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم تسليما بترك الآراء المعكوسة والمقايسات المنكوسة فقال فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما
قوله: (شراج الحرة) بكسر الشين المعجمة وبالجيم هي مسايل الماء , واحدها شرجة. والحرة هي الأرض الملسة فيها حجارة سود. قوله: (سرح الماء) أي أرسله. قوله صلى الله عليه وسلم: (اسق يا زبير , ثم أرسل الماء إلى جارك فغضب الأنصاري فقال: يا رسول الله أن كان ابن عمتك , فتلون وجه نبي الله صلى الله عليه وسلم , ثم قال: يا زبير اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر) أما قوله: (أن كان ابن عمتك) فهو بفتح الهمزة أي فعلت هذا لكونه ابن عمتك. وقوله: (تلون وجهه) أي تغير من الغضب لانتهاك حرمات النبوة وقبح كلام هذا الإنسان. وأما (الجدر) فبفتح الجيم وكسرها وبالدال المهملة , وهو الجدار , وجمع الجدار جدر , ككتاب وكتب , وجمع الجدر جدور , كفلس وفلوس. ومعنى (يرجع إلى الجدر) أي يصير إليه , والمراد بالجدر أصل الحائط , وقيل: أصول الشجر , والصحيح الأول , وقدره العلماء أن يرتفع الماء في الأرض كلها حتى يبتل كعب رجل الإنسان. فلصاحب الأرض الأولى التي تلي الماء أن يحبس الماء في الأرض إلى هذا الحد , ثم يرسله إلى جاره الذي وراءه. وكان الزبير صاحب الأرض الأولى , فأدل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (اسق ثم أرسل الماء إلى جارك) أي اسق شيئا يسيرا دون قدر حقك , ثم أرسله إلى جارك إدلالا على الزبير , ولعلمه بأنه يرضى بذلك , ويؤثر الإحسان إلى جاره , فلما قال الجار ما قال , أمره أن يأخذ جميع حقه , وقد سبق شرح هذا الحديث واضحا في بابه. قال العلماء: ولو صدر مثل هذا الكلام الذي تكلم به الأنصاري اليوم من إنسان من نسبته