هدى الله جل وعلا إليها -يعني في تجديد أمر الدين- الإمام المصلح شيخ الإسلام أبا عبد الله وأبا علي محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي المُشَرَّفِي التميمي المولود سنة (1115هـ) والمتوفى سنة (1206هـ) في الدرعية.
وكلكم يعلم سيرة هذا الإمام، وطرفا كثيرا أو قليلا من مؤلفاته رحمه الله تعالى؛ ولكن الشأن في أنّ منهج هذا الإمام لم يبسط للناس في التعرف على مفرداته؛ في كيفية تقريره لمسائل العلم في العقيدة أولا وفي التوحيد، وفي مسائل الفقه والاختلاف، وفي الاستدلال، وأيضا في السير، وأيضا في مسائل العمل والسلوك والتربية، وأيضا في مسائل العلاقة مع ولاة الأمور وواجبات كل أحد بحسبه في ذلك.
ونحمد الله جل وعلا أن جعل الأكثرين في هذه البلاد وفي غيرها يحرصون على تعرف منهج السلف الصالح في مسائل العقيدة وفي المسائل التي ذكرنا، وعلى طريقة أئمة السنة والجماعة في هذه المسائل، ولاشك أن هذا من المطالب المهمة؛ لأن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ حذر وأنذر فقال «وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة» قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال «هي الجماعة» ، وفي رواية قال «هي من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي» ، وأيضا حَذَرًا وخوفا من قول الله جل وعلا ?وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ? [الأنعام:153] ، وحذرا من قول الله جل وعلا ?وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ? [هود:118-119] .
ولهذا فإن الحريص على آخرته والحريص على النجاة لابد له أن يرجع إلى ما كان عليه أئمة السلف الصالح فيأخذَه بلا غلو ولا جفاء، فيأخذه بلا شدة ولا ارتخاء؛ بل على نهج وسط فيه ظُهور الحق وفيه الرحمة بالخلق، كما كان على ذلك أئمتنا رحمهم الله تعالى.