حضرموت نفوذاً وعلماً، وأكثرهم سعياً في إصلاحها، وبنفوذه ونقوده وجده تم ما ابتدأ فيه والده السيد عبد الله من طرد يافع من قلب حضرموت وتأمير آل كثير عليها، وكسر الجيوش التي جلبها يافع من الهند واليمن لأخذ الثار. وقد بدأ إقامة سد مهم لري قسم كبير من حضرموت، فمات قبل إتمامه، وأجرى عيوناً بجوار قرية ساة، واقتنى كتباً جمة جلها مخطوطة وبعضها من أقدم ما طبع، ولم تزل محفوظة في مكتبته الحافلة بشتى العلوم والفنون والآداب.
ووالد السيد عقيل هذا هو السيد عبد الله المشهور في الحجاز واليمن والهند وجاوة بصاحب البقرة. وقد ترجم له أكثر من واحد، وهو أحد الأعلام الجامعين بين العلم والعمل الساعين في إصلاح البلاد، وله عدة رسائل وفتاوى معتمدة نافعة، وجمع مكتبة مخطوطة لم تزل بقيتها أكبر مكتبة معروفة بحضرموت.
ووالدة محمد المذكور هي الزهراء بنت العلامة السيد عبد الله بن الحسين ابن طاهر، وإليه وإلى أخيه أمير المؤمنين بحضرموت (ولم يدع بهذا اللقب بحضرموت غيره) وإلى ابن شقيقتهما السيد عبد الله صاحب البقرة ينتهي إسناد الحضارمة في العلوم الشرعية.
وبعد بلوغ محمد هذا ست سنين، جلب له والده من يعلمه القراءة والكتابة في بيته حفظاً له من الاختلاط بالناس، وفي بضعة أشهر ختم قراءة القرآن الكريم في المصحف. ثم حفظ عدداً من مختصرات المتون في العربية وغيرها، مع أكثر من ربع كتاب الإرشاد في الفقه، والملحة، ونظم القواعد الفقهية، وبعض دواوين الشعر وأكثر مقامات الحريري وغير ذلك. وقد لازم والده إلى وفاته، وقرأ عليه وانتفع به، وحضر دروس عمه السيد محمد بن عبد الله نحو سنة، وانتفع كثيراً من العلامة الأوحد الجليل السيد أبي بكر بن عبد الرحمن بن شهاب الدين، في أوقات متفرقة قضاها في رعايته بحضرموت وجاوه والهند.