أشار بعد ذلك إشارة لطيفة إلى وجه الدليل الذي يبني عليه رأيه، وهذا فيه فائدة عظيمة، فأنت لا تحفظ القول فقط، بل تحفظ أيضاً الإشارة التي تذكرك بالدليل الموصل إليه.
3 -أنه جعلها على طريقة الحوار، كأن شخصاً يسأله وهو يجيب وكأنها مناظرة، فتجد أن أثر أبياته مبدوءة بقوله: (قالوا) (قالوا: بم عرف المكلف ربه؟) .
وفي هذه الطريقة فائدتان:
(1) أن في طريقة الحوار، والأسئلة والأجوبة تقريباً للمعلومة إلى ذهن من يدرس هذه المنظومة، وهذه الطريقة صارت معتبرة كثيراً، وتسمى (طريقة المناقشة) ، أن يناقش المدرس من يتلقى عنه، فهو بهذا يستفيد فائدة أكثر وترسخ المعلومة في ذهنه أكثر.
(2) أن استخدام طريقة المناظرة يجعل عند من يقرأ هذه المنظومة يقيناً، لأنه يتخيل هذا المبتدع وهو يناظره، فيعرف كيف يرد عليه ويبين الدليل.
4 -أن عباراتها جزلة، فمن قرأ مطلعها يشعر أنه يقرأ قصيدة من أقوى القصائد الأدبية، وليست كعادة المنظومات العلمية سهلة العبارة وسهلة الوزن، التي تعتني بجمع المسائل العلمية والألفاظ العلمية ولو على حساب قوة العبارة والمعنى.
وهذه المنظومة رواها عن الناظم عدد من الحفاظ، ومن أشهرهم الحافظ محمد بن ناصر السلمي، ورواها عنه ابن الجوزي في المنتظم، وقد نسبها له ابن كثير والذهبي وابن رجب في ذيله؟؟ على طبقات الحنابلة وغيرهم.
والآن بعد أن تكلمنا عن هذه المنظومة فإننا نشرع في قراءتها: