أمامه لا إنما تريد تدعو الناس و هكذا إذا أعلمت و بينت و أخبرت فإنك تدعو فإذا أعلم الله أنه لا إله غيره فإنه إلزام من الله و هكذا من البشر، البشر يعلمون أنه لا إله إلا الله و يتكلمون بذلك مع أنفسهم في صلاتهم و غيرها و يبينون و يدعون الناس و يلزمون و يجاهدون، كما قال:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله"و المعرفة هذه واجبة على كل أحد و التكلم كذلك و البيان بحسب الاستطاعة و أيضاً الإلزام بحسب الاستطاعة و هو أخص تتدرج الخصوصية فالحاصل أن الشهادة لا تكون إلا بعلم كما تقدم (وَأُولُو الْعِلْمِ) أصحاب العلم.
ثالثاً من الفوائد في (وَأُولُو الْعِلْمِ) : أن هذا يتضمن رفعة منزلتهم و تعديلهم لأنه لا تقبل شهادة إلا العدل أو لا، لا تقبل شهادة إلا العدل الثقة فإذا أخبر الله عز و جل عن شهادتهم تضمن أن الله عدّلهم و في هذا شرف لهم و رفعة لمنزلتهم و لهذا قرن الله شهادتهم بشهادته و شهادة ملائكته كما قال: (( (( (( (( اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) و هذا كاف في الحث على طلب العلم لو لم يكن سواه فكيف و هناك أدلة لا تحصى و لا تحصر.
رابعاً من الفوائد هنا: أن طالب العلم ينبغي أن يكون أكثر معرفة و خشية لله عز و جل و ما أقبح المعصية بطالب العلم، و ما أقبح المخالفة لأنه كلما زادت مكانة الإنسان زاد الواجب و التبعة و المسؤولية و القاعدة أنه كلما زاد التشريف زاد التكليف، كما قال الله عز و جل لنبيه - صلى الله عليه وسلم - و للعرب: (وَإِنَّهُ) أي القرآن (لَذِكْرٌ) لشرف (لَكَ وَلِقَوْمِكَ) العرب أو قريش (وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) فينبغي على طالب العلم أن يتفقد حاله و نفسه و تصرفاته لأن الله عدّله و زكّاه و قرن شهادته بشهادته و أن يكون أتقى لله كلما زادت معرفته بالله ينبغي أن يكون أكثر تقوى و خشية (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) ، و أن يترفع عن سفاسف الأخلاق، و أن يكون أترك الناس لما ينهى، و أسرع الناس إلى ما يأمر، و أصدق الناس في قول، و أحسن الناس في خُلُق، و أعف الناس، و أكفّهم عن وسخ النفوس و ما تستمال به القلوب.