أصح كتاب بعد كتاب الله عز و جل و تلقته الأمة بالقبول على مر الأعصار و تكرر الليل و النهار رحمه الله رحمة واسعة المراد في كتاب العلم قال في كتاب العلم من صحيحه: بابٌ العلم قبل القول والعمل أو باب العلم قبل القول و العمل. يجوز على القطع و الإضافة قال لقوله عز وجل: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) و العلماء ورثة الأنبياء ورّثوا العلم ... الخ الترجمة. إذاً استدل البخاري ـ رحمه الله ـ على أهمية العلم لتصحيح العمل و ما يتبع العمل من الدعوة و غير ذلك في هذه الآية الكريمة كما استدل الشافعي بالعصر واستدل بهما الإمام محمد بن عبد الوهاب على ما ذكر.
(فَاعْلَمْأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) قال فبدأ بالعلم قبل القول والعمل و هذه الآية من سورة محمد.
(اعلم) يعني اعتقد جازماً لأننا سبق أن قلنا العلم هو الاعتقاد الجازم الصحيح أو الإدراك الصحيح لأنه إن كان لم يدرك شيئاً فهو جاهل جهلاً بسيطاً و الإدراك الجازم إذا أدرك على غير الجزم فهو الظن أو الوهم أ والشك و الصحيح هو العلم المطابق للواقع فإن الإدراك الجازم غير الصحيح يعتبر خطا مركباً كما تقدم (فاعلم) لبيان أن العقائد لابد فيها من العلم اليقين الراسخ أنه لا إله إلا الله وهذا مثل قوله عز وجل: (شَهِدَاللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ) شهد أولوا العلم يعني شهدوا بعلم لم يشهدوا بظن أو غيره لكن لأحدكم أن يسأل سؤالاً: يقول: إذا كان لابد للعقائد من العلم ولا ينفع فيها الظن أو غيره فماذا تقول في قول الله عز وجل: (الَّذِينَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ(46 ) ) و كما في قوله عز وجل: (فَأَمَّامَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ(19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20 ) ) فهل ينفع الظن الذي هو إدراك الجانب الراجح كما سبق أم ماذا؟
الجواب: أن الظن يستعمل في لغة العرب التي نزل بها القرآن استعمالين يجرى مجريين:
المجرى الأول: أن يجرى مُجرى اليقين إجراء الظن مجرى اليقين و هذا معروف لمن درس العربية ... و قرأ الألفية و شرح ابن عقيل و ابن هشام عليها مر به هذا الباب إجراء الظن مجرى اليقين استعمل الظن بمعنى اليقين.
الثاني: و يستعمل بمعنى الظن أي لغير اليقين يعني لما فوق الشك يعني إدراك الجانب الراجح.
و المراد هنا الظن اليقين لكن ينبغي أن يُعلم أنه لا يصح أن يستعمل الظن بمعنى اليقين إلا في ما علمته من طريق الخبر أما ما علمته من طريق الحس و قفت عليه برجلك أو رأيته بعينك أو سمعته بأذنك ما تقول ظننت فمثلاً إنسان رأى فلاناً من الناس مات في الحادث ما يقول ظننت أن فلاناً ميت. لا و إنما