وقد تقدم بيان الإيمان و مأخذه، و تقدم كذلك الكلام في أركان الإيمان و أسسه و في شعب الإيمان ... و خصاله و تقدم أيضاً قبل قليل و قبله أيضاً معنى الإيمان، و أنه إذا انفرد الإيمان دخل فيه الإسلام و إذا اجتمع مع الإسلام في الذكر ففي الغالب يفسر الإيمان بالإيمان الباطن الإيمان القلبي في الغالب، و إذا انفرد شمل أيضاً الإسلام، و إذا اجتمع مع الإسلام في الذكر انصرف هذا إلى الأعمال الظاهرة و هذا إلى الأعمال الباطنة في الغالب و لهذا فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - هنا الإيمان لما جاء بعد الإسلام بالأعمال الباطنة، كما في قوله عز و جل: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا) ، و كما أيضاً جاء في حديث سعد بن أبي وقاص في الصحيح - صحيح البخاري - لما قال: ما لك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمناً قال:"أو مسلم"قالها ثلاثاً و يرد الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال:"أو مسلم"حتى قال:"يا سعد و الذي نفسي بيده إني لأعطي الرجل و غيره أحب إلي منه أو أفضل منه مخافة أن يكبه الله على وجهه في النار"أي أنه كان عليه الصلاة و السلام يتألف المدعوين فيعطي الرجل الكافر، و يعطي الرجل المفضول، و قد يترك الفاضل كما أعطى في حنين أعطى الطلقاء.