فهرس الكتاب
الصفحة 12 من 72

خامساً: معني التَّسْبِيح بالحَمْد: عَلِمْنَا أن التَّسْبيحَ تَعْظيمٌ وتَنْزِيه ، فإذا اقترن به ذكرٌ لصفات الكمال والجمال أو ذكر الأفْعَال المُقَدَّسَة الدالة على الكمال ، أو ذكرٌ لهما معاً ( للصفات والأفعال ) ، فإنَّ ذلك الاقتران يفيد ثلاثة أمُوَرْ: الأوَّل: تأكيد معنى التعظيم المتضمَّن في التَّسْبيح مع ذكر بَيَانِه وتَفْصِيله . فَيذِلُّ المُسْلِم غاية الذل لما ذُكِرَ من العظمة . والأمر الثاني: ذكر المَحَاسن والمحامد التي يستحق بها سبحانه أن يُحَبَّ بغاية الحُبّ ، فبذلك يجتمع غاية الحب بغاية الذل ، وهما أصْلاَ العبادة . ولذلك إنما يأتي التَّسْبيح في القرآن والسُّنَّة في معظم المواضع مَقْرُونا بصفات الكمال إجمالا أو تفصيلاً أو ما يدل عليها من الأفعال المقدسة . والحمد: كلمةٌ جَامعة لذلك (للمحامد والمحاسن والكمالات والأفعال) ولذلك اصطفي الله لملائكته: سَبْحان الله وبحمده ، وأفضل الكلام بعد القرآن وهن من القرآن سُبْحَان الله والحَمْد لله ولا إله إلا الله واللهُ أَكْبر ، وسيأتي مزيد لذلك .

والأمر الثالث: أنَّ الَحَمْد إثبات الكمالات ، والتَّسْبيحَ يتضمن التنزيه وهو نَفْي ما يناقض تلك الكمالات ، وذلك هو الثناء الذي يحبُّه الله عز وجل ، فكأن المُسَبِّح يقول: أُسَبِّح الله بلساني وقلبي ناظر إلى محامده سابح فيها تذكرا وتفكرا منزَّه لها عما يناقضها ، فهو تسبيح مُلَبَّس بالحمد ( كما قال الكرماني وغيره ) لِيُعْلَم ثُبُوتُ الكمالِ له نَفْيا وإثْباتاً . وحَقيقةُ الأمر أن التسبيح من تمام الحمد

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام