• 153
  • دَخَلَ عَلَى أَبِي ذَرٍّ ، وَهُوَ يُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لَهُ مِنْ حَطَبٍ ، قَدْ أَصَابَهُ مَطَرٌ وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ : لَقَدْ كَانَ لَكَ مِنْ هَذَا مَنْدَوحَةٌ ، وَلَوْ شِئْتَ لَكُفِيتَ ، فَقَالَ : " فَأَنَا أَبُو ذَرٍّ ، وَهَذَا عَيْشِي ، فَإِنْ رَضِيتِ وَإِلَّا فَتَحْتُ كَنَفَ اللَّهِ ، قَالَ : فَكَأَنَّمَا أَلْقَمَهَا حَجَرًا حَتَّى إِذَا أَنْضَجَ مَا فِي قِدْرِهِ جَاءَ بِصَحْفَةٍ ، فَكَسَرَ فِيهَا خُبْزًا لَهُ غَلِيظًا ، ثُمَّ جَاءَ بِالَّذِي كَانَ فِي الْقِدْرِ فَكَدَّرَهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ : ادْنُ ، فَأَكَلْنَا جَمِيعًا ، ثُمَّ أَمَرَ جَارِيَتَهُ أَنْ تَسْقِيَنَا ، فَسَقَتْنَا مَذْقَةً مِنْ لَبَنِ مِعْزَاهُ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا ذَرٍّ ، لَوِ اتَّخَذْتَ فِي بَيْتِكِ عَيْشًا ، فَقَالَ : عِبَادَ اللَّهِ ، أَتُرِيدُونَ مِنَ الْحِسَابِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا ؟ أَلَيْسَ هَذَا مِثَالًا ، نَرْقُدُ عَلَيْهِ ، وَعِبَاءَةً نَبْسُطُهَا ، وَكِسَاءً نَلْبَسُهُ ، وَبُرْمَةً نَطْبُخُ فِيهَا ، وَصَحْفَةً نَأْكُلُ مِنْهَا ، وَبَطَّةً فِيهَا زَيْتٌ ، وَغِرَارَةً فِيهَا دَقِيقٌ ، أَتُرِيدُ لِي مِنَ الْحِسَابِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : فَإِنَّ عَطَاءَكَ أَرْبَعُ مِائَةِ دِينَارٍ ، وَأَنْتَ فِي شَرَفٍ مِنَ الْعَطَاءِ ، فَأَيْنَ يَذْهَبُ عَطَاؤُكَ ؟ فَقَالَ : أَمَا أَنِّي لَنْ أُعَمِّيَ عَلَيْكَ ، لِي بِهَذِهِ الْقَرْيَةِ - وَأَشَارَ إِلَى قَرْيَةٍ بِالشَّامِ - ثَلَاثُونَ فَرَسًا ، فَإِذَا خَرَجَ عَطَائِي اشْتَرَيْتُ لَهُمْ عَلَفًا ، وَأَرْزَاقًا لِمَنْ يَقُومُ عَلَيْهَا ، وَنَفَقَةً لِأَهْلِي ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ اشْتَرَيْتُ بِهِ فُلُوسًا ، فَجَعَلْتُ عِنْدَ نَبَطِيٍّ هَهُنَا ، فَإِنِ احْتَاجَ أَهْلِي إِلَى لَحْمٍ أَخَذُوا مِنْهُ ، وَإِنِ احْتَاجُوا إِلَى شَيْءٍ أَخَذُوا مِنْهُ ، ثُمَّ أَحْمِلُ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، لَيْسَ عِنْدَ آلِ أَبِي ذَرٍّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ "

    أَخْبَرَكُمْ أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيَوَيْهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ قَالَا : أَخْبَرَنَا يَحْيَى قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي ذَرٍّ ، وَهُوَ يُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لَهُ مِنْ حَطَبٍ ، قَدْ أَصَابَهُ مَطَرٌ وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ : لَقَدْ كَانَ لَكَ مِنْ هَذَا مَنْدَوحَةٌ ، وَلَوْ شِئْتَ لَكُفِيتَ ، فَقَالَ : فَأَنَا أَبُو ذَرٍّ ، وَهَذَا عَيْشِي ، فَإِنْ رَضِيتِ وَإِلَّا فَتَحْتُ كَنَفَ اللَّهِ ، قَالَ : فَكَأَنَّمَا أَلْقَمَهَا حَجَرًا حَتَّى إِذَا أَنْضَجَ مَا فِي قِدْرِهِ جَاءَ بِصَحْفَةٍ ، فَكَسَرَ فِيهَا خُبْزًا لَهُ غَلِيظًا ، ثُمَّ جَاءَ بِالَّذِي كَانَ فِي الْقِدْرِ فَكَدَّرَهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ : ادْنُ ، فَأَكَلْنَا جَمِيعًا ، ثُمَّ أَمَرَ جَارِيَتَهُ أَنْ تَسْقِيَنَا ، فَسَقَتْنَا مَذْقَةً مِنْ لَبَنِ مِعْزَاهُ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا ذَرٍّ ، لَوِ اتَّخَذْتَ فِي بَيْتِكِ عَيْشًا ، فَقَالَ : عِبَادَ اللَّهِ ، أَتُرِيدُونَ مِنَ الْحِسَابِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا ؟ أَلَيْسَ هَذَا مِثَالًا ، نَرْقُدُ عَلَيْهِ ، وَعِبَاءَةً نَبْسُطُهَا ، وَكِسَاءً نَلْبَسُهُ ، وَبُرْمَةً نَطْبُخُ فِيهَا ، وَصَحْفَةً نَأْكُلُ مِنْهَا ، وَبَطَّةً فِيهَا زَيْتٌ ، وَغِرَارَةً فِيهَا دَقِيقٌ ، أَتُرِيدُ لِي مِنَ الْحِسَابِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : فَإِنَّ عَطَاءَكَ أَرْبَعُ مِائَةِ دِينَارٍ ، وَأَنْتَ فِي شَرَفٍ مِنَ الْعَطَاءِ ، فَأَيْنَ يَذْهَبُ عَطَاؤُكَ ؟ فَقَالَ : أَمَا أَنِّي لَنْ أُعَمِّيَ عَلَيْكَ ، لِي بِهَذِهِ الْقَرْيَةِ - وَأَشَارَ إِلَى قَرْيَةٍ بِالشَّامِ - ثَلَاثُونَ فَرَسًا ، فَإِذَا خَرَجَ عَطَائِي اشْتَرَيْتُ لَهُمْ عَلَفًا ، وَأَرْزَاقًا لِمَنْ يَقُومُ عَلَيْهَا ، وَنَفَقَةً لِأَهْلِي ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ اشْتَرَيْتُ بِهِ فُلُوسًا ، فَجَعَلْتُ عِنْدَ نَبَطِيٍّ هَهُنَا ، فَإِنِ احْتَاجَ أَهْلِي إِلَى لَحْمٍ أَخَذُوا مِنْهُ ، وَإِنِ احْتَاجُوا إِلَى شَيْءٍ أَخَذُوا مِنْهُ ، ثُمَّ أَحْمِلُ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، لَيْسَ عِنْدَ آلِ أَبِي ذَرٍّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ

    كنف: لم يفتش لنا كنفا : أي لم يدخل يده معها كما يدخل الرجل يده مع زوجته في دواخل أمرها ، تكني بذلك عن عدم جماعه لها
    بصحفة: الصحفة : إِناءٌ كالقَصْعَة المبْسُوطة ونحوها، وجمعُها صِحَاف
    ادن: الدنو : الاقتراب
    شرف: الشرف : القَدْر والقِيمة والرفعة
    نبطي: النَّبط والنَّبِيط : الْماء الذي يَخْرُج من قَعْرِ البئر إذا حُفِرَت. وقيل : جيل من الناس كانوا ينزلون بالبطائح بين العراقين أو بسواد العراق.
    أَتُرِيدُونَ مِنَ الْحِسَابِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا ؟ أَلَيْسَ هَذَا مِثَالًا ،
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات