" لَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ ، قَدِمَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَلَى عُمَرَ ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ رَأَى مِنْهُ شَيْئًا ، يَعْنِي جَفَاءً , فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَمَا تَعْرِفُنِي ؟ , فَقَالَ : بَلَى وَاللَّهِ أَعْرِفُكَ ، أَكْرَمَكَ اللَّهُ بِأَحْسَنِ الْمَعْرِفَةِ ، أَعْرِفُكَ وَاللَّهِ ؛ أَسْلَمْتَ إِذْ كَفَرُوا ، وَعَرَفْتَ إِذْ أَنْكَرُوا ، وَوَفَّيْتَ إِذْ غَدَرُوا ، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا . فَقَالَ : حَسْبِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، حَسْبِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، حَسْبِي "
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَا : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ , عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ : لَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ ، قَدِمَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَلَى عُمَرَ ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ رَأَى مِنْهُ شَيْئًا ، يَعْنِي جَفَاءً , فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَمَا تَعْرِفُنِي ؟ , فَقَالَ : بَلَى وَاللَّهِ أَعْرِفُكَ ، أَكْرَمَكَ اللَّهُ بِأَحْسَنِ الْمَعْرِفَةِ ، أَعْرِفُكَ وَاللَّهِ ؛ أَسْلَمْتَ إِذْ كَفَرُوا ، وَعَرَفْتَ إِذْ أَنْكَرُوا ، وَوَفَّيْتَ إِذْ غَدَرُوا ، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا . فَقَالَ : حَسْبِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، حَسْبِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، حَسْبِي . رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : وَلَمَّا أَسْلَمَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بِلَادِهِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَتَعَذَّرُ مِنَ الزَّادِ ، وَيَقُولُ : مَا أَصْبَحَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ شَفَةٌ مِنْ طَعَامٍ ، وَلَكِنَّكَ تَرْجِعُ وَيَكُونُ خَيْرًا ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَعْطَاهُ ثَلَاثِينَ فَرِيضَةً . فَقَالَ عَدِيٌّ : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ , صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَنْتَ إِلَيْهَا الْيَوْمَ أَحْوَجُ ، وَأَنَا عَنْهَا غَنِيُّ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : خُذْهَا أَيُّهَا الرَّجُلُ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَتَعَذَّرُ إِلَيْكَ وَيَقُولُ : وَلَكِنْ تَرْجِعُ وَيَكُونُ خَيْرًا ، فَقَدْ رَجَعْتَ وَجَاءَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ ، فَأَنَا مُنْفِذٌ مَا وَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ ، فَأَنْفَذَهَا ، فَقَالَ عَدِيٌّ : آخُذُهُ الْآنَ ، فَهِيَ عَطِيَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ، فَذَاكَ . قَالَ : وَسَارَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ ، وَقَدِ انْضَمَّ إِلَى عَدِيٍّ مِنْ طَيِّئٍ أَلْفُ رَجُلٍ ، وَكَانَتْ جَدِيلَةُ مُعْتَرِضَةً عَنِ الْإِسْلَامِ ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ طَيِّئٍ ، وَكَانَ عَدِيٌّ مِنَ الْغَوْثِ ، فَلَمَّا هَمَّتْ جَدِيلَةُ أَنْ تَرْتَدَّ وَنَزَلَتْ نَاحِيَةً ، جَاءَهُمْ مِكْنَفُ بْنُ زَيْدِ الْخَيْلِ الطَّائِيُّ ، فَقَالَ : أَتُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا سِيَةً عَلَى قَوْمِكُمْ ، لَمْ يَرْجِعْ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْ طَيِّئٍ , وَهَذَا أَبُو طَرِيفٍ مَعَهُ أَلْفٌ مِنْ طَيِّئٍ ؟ فَكَسَرَهُمْ . فَلَمَّا نَزَلَ بُزَاخَةَ قَالَ لِعَدِيٍّ : يَا أَبَا طَرِيفٍ ، أَلَا نَسِيرُ إِلَى جَدِيلَةَ ؟ فَقَالَ : يَا أَبَا سُلَيْمَانَ ، لَا تَفْعَلْ ، أُقَاتِلُ مَعَكَ بِيَدَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ ؟ فَقَالَ خَالِدٌ : بَلْ بِيَدَيْنِ . فَقَالَ عَدِيٌّ : فَإِنَّ جَدِيلَةَ إِحْدَى يَدَيَّ . فَكَفَّ خَالِدٌ عَنْهُمْ ، فَجَاءَهُمْ عَدِيٌّ , فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا ، فَسَارَ بِهِمْ إِلَى خَالِدٍ ، فَلَمَّا رَآهُمْ خَالِدٌ فَزِعَ ، وَظَنَّ أَنَّهُمْ أَتَوُا الْقِتَالَ ، فَصَاحَ فِي أَصْحَابِهِ بِالسِّلَاحِ ، فَقِيلَ لَهُ : إِنَّمَا هِيَ جَدِيلَةٌ أَتَتْ تُقَاتِلُ مَعَكَ , فَلَمَّا جَاءُوا حَلُّوا نَاحِيَةً ، وَجَاءَهُمْ خَالِدٌ فَرَحَّبَ بِهِمْ ، وَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ مِنَ اعْتِزَالِهِمْ ، وَقَالُوا : نَحْنُ لَكَ بِحَيْثُ أَحْبَبْتَ . فَجَزَاهُمْ خَيْرًا ، فَلَمْ يَرْتَدَّ مِنْ طَيِّئٍ رَجُلٌ وَاحِدٌ . فَسَارَ خَالِدٌ عَلَى تَعْبِئَتِهِ . فَقَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ : اجْعَلْ قَوْمِي مُقَدِّمَةَ أَصْحَابِكَ , فَقَالَ : أَبَا طَرِيفٍ ، الْأَمْرُ قَدِ اقْتَرَبَ وَلَحُمَ ، وَأَنَا أَخَافُ إِنْ تَقَدَّمَ قَوْمُكَ وَلَحَمَهُمُ الْقِتَالُ انْكَشَفُوا فَانْكَشَفَ مَنْ مَعَنَا ، وَلَكِنْ دَعْنِي أُقَدِّمُ قَوْمًا صُبُرًا لَهُمْ سَوَابِقُ وَثَبَاتٌ , فَقَالَ عَدِيٌّ : فَالرَّأْيَ رَأَيْتَ . فَقَدَّمَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ ، قَالَ : فَلَمَّا أَبَى طُلَيْحَةُ أَنْ يُقِرَّ بِمَا دَعَا إِلَيْهِ , انْصَرَفَ خَالِدٌ إِلَى مُعَسْكَرِهِ وَاسْتَعْمَلَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى حَرَسِهِ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ ، وَمِكْنَفَ بْنَ زَيْدِ الْخَيْلِ ، وَكَانَ لَهُمَا صِدْقُ نِيَّةٍ وَدِينٌ ، فَبَاتَا يَحْرُسَانِ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَلَمَّا كَانَ فِي السَّحَرِ نَهَضَ خَالِدٌ فَعَبَى أَصْحَابَهُ ، وَوَضَعَ أَلْوِيَتَهُ مَوَاضِعَهَا ، فَدَفَعَ لِوَاءَهُ الْأَعْظَمَ إِلَى زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَتَقَدَّمَ بِهِ ، وَتَقَدَّمَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ بِلِوَاءِ الْأَنْصَارِ ، وَطَلَبَتْ طَيِّئٌ لِوَاءً يُعْقَدُ لَهَا ، فَعَقَدْ خَالِدٌ لِوَاءً وَدَفَعَهُ إِلَى عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ , وَجَعَلَ مَيْمَنَةً وَمَيْسَرَةً