عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ : اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَازِبٍ رَحْلًا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ : مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْهُ إِلَى رَحْلِي , فَقَالَ لَهُ عَازِبٌ : لَا ، حَتَّى تَحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجْتُمَا وَالْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمْ ، قَالَ : أَدْلَجْنَا مِنْ مَكَّةَ فَأَحْيَيْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا , وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ , فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ نَأْوِي إِلَيْهِ ؟ فَإِذَا أَنَا بِصَخْرَةٍ , فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهَا , فَإِذَا بَقِيَّةُ ظِلٍّ لَهَا , فَنَظَرْتُ إِلَى بَقِيَّةٍ ظِلِّهَا , فَسَوَّيْتُهُ ، ثُمَّ فَرَشْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ فَرْوَةً ، ثُمَّ قُلْتُ : اضْطَجِعْ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَاضْطَجَعَ ، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلِي هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أَحَدًا ؟ فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي نُرِيدُ - يَعْنِي الظِّلَّ - فَسَأَلْتُهُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ ؟ ، قَالَ : لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ , فَسَمَّاهُ لِي , فَعَرَفْتُهُ ، فَقُلْتُ : وَهَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : أَمَرْتُهُ , فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ , فَقَالَ : هَكَذَا , فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ بِالْأُخْرَى , فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ , وَقَدْ رَوَيْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعِي إِدَاوَةٌ عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ , فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ , فَقُلْتُ : اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَضِيتُ ، ثُمَّ قُلْتُ : قَدْ أَتَى الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَارْتَحَلْنَا , وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا , فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ ، فَقُلْتُ : هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ : " لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا " ، فَلَمَّا دَنَا فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَنَا قَيْدَ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ ، قُلْتُ : هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَبَكَيْتُ فَقَالَ : " مَا يُبْكِيكَ " ؟ ، قُلْتُ : أَمَا وَاللَّهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي ، وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَيْكَ قَالَ : فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ " ، قَالَ : فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ فِي الْأَرْضِ إِلَى بَطْنِهَا ، فَوَثَبَ عَنْهَا , ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ , فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنَجِّيَنِي مِمَّا أَنَا فِيهُ , فَوَاللَّهِ لَأُعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ سَهْمًا مِنْهَا , فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ عَلَى إِبِلِي وَغَنَمِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا , فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا حَاجَةَ لَنَا فِي إِبِلِكَ " ، وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَانْطَلَقَ رَاجِعًا إِلَى أَصْحَابِهِ ، وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلًا , فَتَنَازَعَهُ الْقَوْمُ أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي أَنْزِلُ اللَّيْلَةَ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ " . وَخَرَجَ النَّاسُ حِينَ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ فِي الطَّرِيقِ وَعَلَى الْبُيُوتِ وَالْغِلْمَانِ وَالْخَدَمِ صَارِخُونَ جَاءَ مُحَمَّدٌ ، جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، جَاءَ مُحَمَّدٌ ، جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ . فَلَمَّا أَصْبَحَ انْطَلَقَ , فَنَزَلَ حَيْثُ أَمَرَ قَالَ : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ {{ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ }} , فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ ، قَالَ : وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا , فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : {{ قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }} قَالَ : وَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ رَجُلٌ , ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَمَا صَلَّى , فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ , فَقَالَ : هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنَّهُ وُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ , فَانْحَرَفَ الْقَوْمُ حَتَّى وَجَّهُوَا نَحْوَ الْكَعْبَةِ ، قَالَ الْبَرَاءُ : وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ , فَقُلْنَا لَهُ : مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ ، فَقَالَ : هُوَ مَكَانَهُ ، وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَثَرِي ، ثُمَّ أَتَى بَعْدَهُ عَمْرُو ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ أَخُو بَنِي فِهْرٍ الْأَعْمَى , فَقُلْنَا لَهُ مَا فَعَلَ مِنْ وَرَائِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ ؟ قَالَ : هُمْ أَوْلَى عَلَى أَثَرِي ، قَالَ : ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَبِلَالٌ , ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا ، ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ . قَالَ الْبَرَاءُ : فَلَمْ يَقْدَمْ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَرَأْتُ سُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ , ثُمَّ خَرَجْنَا نَتَلَقَّى الْعِيرَ , فَوَجَدْنَاهُمْ قَدْ حَذِرُوا
قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ : اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَازِبٍ رَحْلًا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ : مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْهُ إِلَى رَحْلِي , فَقَالَ لَهُ عَازِبٌ : لَا ، حَتَّى تَحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ خَرَجْتُمَا وَالْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمْ ، قَالَ : أَدْلَجْنَا مِنْ مَكَّةَ فَأَحْيَيْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا , وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ , فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ نَأْوِي إِلَيْهِ ؟ فَإِذَا أَنَا بِصَخْرَةٍ , فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهَا , فَإِذَا بَقِيَّةُ ظِلٍّ لَهَا , فَنَظَرْتُ إِلَى بَقِيَّةٍ ظِلِّهَا , فَسَوَّيْتُهُ ، ثُمَّ فَرَشْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ فَرْوَةً ، ثُمَّ قُلْتُ : اضْطَجِعْ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَاضْطَجَعَ ، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلِي هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أَحَدًا ؟ فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي نُرِيدُ - يَعْنِي الظِّلَّ - فَسَأَلْتُهُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ ؟ ، قَالَ : لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ , فَسَمَّاهُ لِي , فَعَرَفْتُهُ ، فَقُلْتُ : وَهَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : أَمَرْتُهُ , فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ , فَقَالَ : هَكَذَا , فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ بِالْأُخْرَى , فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ , وَقَدْ رَوَيْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَعِي إِدَاوَةٌ عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ , فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ , فَقُلْتُ : اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى رَضِيتُ ، ثُمَّ قُلْتُ : قَدْ أَتَى الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَارْتَحَلْنَا , وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا , فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ ، فَقُلْتُ : هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ : لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ، فَلَمَّا دَنَا فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَنَا قَيْدَ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ ، قُلْتُ : هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَبَكَيْتُ فَقَالَ : مَا يُبْكِيكَ ؟ ، قُلْتُ : أَمَا وَاللَّهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي ، وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَيْكَ قَالَ : فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ : اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ ، قَالَ : فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ فِي الْأَرْضِ إِلَى بَطْنِهَا ، فَوَثَبَ عَنْهَا , ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ , فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنَجِّيَنِي مِمَّا أَنَا فِيهُ , فَوَاللَّهِ لَأُعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ سَهْمًا مِنْهَا , فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ عَلَى إِبِلِي وَغَنَمِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا , فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا حَاجَةَ لَنَا فِي إِبِلِكَ ، وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَانْطَلَقَ رَاجِعًا إِلَى أَصْحَابِهِ ، وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلًا , فَتَنَازَعَهُ الْقَوْمُ أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنِّي أَنْزِلُ اللَّيْلَةَ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ . وَخَرَجَ النَّاسُ حِينَ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ فِي الطَّرِيقِ وَعَلَى الْبُيُوتِ وَالْغِلْمَانِ وَالْخَدَمِ صَارِخُونَ جَاءَ مُحَمَّدٌ ، جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، جَاءَ مُحَمَّدٌ ، جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ . فَلَمَّا أَصْبَحَ انْطَلَقَ , فَنَزَلَ حَيْثُ أَمَرَ قَالَ : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ {{ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ }} , فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ ، قَالَ : وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا , فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : {{ قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }} قَالَ : وَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ رَجُلٌ , ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَمَا صَلَّى , فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ , فَقَالَ : هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَأَنَّهُ وُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ , فَانْحَرَفَ الْقَوْمُ حَتَّى وَجَّهُوَا نَحْوَ الْكَعْبَةِ ، قَالَ الْبَرَاءُ : وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ , فَقُلْنَا لَهُ : مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ ، فَقَالَ : هُوَ مَكَانَهُ ، وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَثَرِي ، ثُمَّ أَتَى بَعْدَهُ عَمْرُو ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ أَخُو بَنِي فِهْرٍ الْأَعْمَى , فَقُلْنَا لَهُ مَا فَعَلَ مِنْ وَرَائِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ ؟ قَالَ : هُمْ أَوْلَى عَلَى أَثَرِي ، قَالَ : ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَبِلَالٌ , ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا ، ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ . قَالَ الْبَرَاءُ : فَلَمْ يَقْدَمْ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى قَرَأْتُ سُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ , ثُمَّ خَرَجْنَا نَتَلَقَّى الْعِيرَ , فَوَجَدْنَاهُمْ قَدْ حَذِرُوا