" لَمَّا اسْتَلْحَمَ الْقِتَالُ بِصِفِّينَ وَكَادُوا يَتَفَانَوْنَ ، قَالَ مُعَاوِيَةُ : هَذَا يَوْمٌ تَفَانَى فِيهِ الْعَرَبُ إِلَّا أَنْ تُدْرِكَهُمُ فِيهِ خِفَّةُ الْعَبْدِ ، يَعْنِي عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ قَالَ : وَكَانَ الْقِتَالُ الشَّدِيدُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ ، آخِرُهُنَّ لَيْلَةَ الْهَرِيرِ ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ عَمَّارٌ لِهَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَمَعَهُ اللِّوَاءَ يَوْمَئِذٍ : احْمِلْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ، فَقَالَ هَاشِمٌ : يَا عَمَّارُ ، رَحِمَكَ اللَّهُ ، إِنَّكَ رَجُلٌ تَسْتَخِفُّكَ الْحَرْبُ ، وَإِنِّي إِنَّمَا أَزْحَفُ بِاللِّوَاءِ زَحْفًا رَجَاءَ أَنْ أَبْلُغَ بِذَلِكَ مَا أُرِيدُ ، وَإِنِّي إِنْ خَفَفْتُ لَمْ آمَنِ الْهَلَكَةَ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى حَمَلَ ، فَنَهَضَ عَمَّارٌ فِي كَتِيبَتِهِ فَنَهَضَ إِلَيْهِ ذُو الْكَلَاعِ فِي كَتِيبَتِهِ ، فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَا جَمِيعًا وَاسْتُؤْصِلَتُ الْكَتِيبَتَانِ ، وَحَمَلَ عَلَى عَمَّارٍ فِي كَتِيبَتِهِ فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَا جَمِيعًا وَاسْتُؤْصِلَتِ الْكَتِيبَتَانِ وَحَمَلَ عَلَى عَمَّارٍ حَوَى السَّكْسَكِيُّ وَأَبُو الْغَادِيَةِ الْمُزَنِيُّ وَقَتَلَاهُ ، فَقِيلَ لِأَبِي الْغَادِيَةِ : كَيْفَ قَتَلْتُهُ ؟ قَالَ : لَمَّا دَلَفَ إِلَيْنَا فِي كَتِيبَتِهِ وَدَلَفْنَا إِلَيْهِ نَادَى : هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ ؟ فَبَرَزَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ السَّكَاسِكِ فَاضْطَرَبَا بِسَيْفَيْهِمَا ، فَقَتَلَ عَمَّارٌ السَّكْسَكِيَّ ، ثُمَّ نَادَى : مَنْ يُبَارِزُ ؟ فَبَرَزَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ فَاضْطَرَبَا بِسَيْفَيْهِمَا ، فَقَتَلَ عَمَّارٌ الْحِمْيَرِيَّ وَأَثْخَنَهُ الْحِمْيَرِيُّ ، وَنَادَى مَنْ يُبَارِزُ ؟ ، فَبَرَزْتُ إِلَيْهِ فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ وَقَدْ كَانَتْ يَدُهُ ضَعُفَتْ ، فَانْتَحَى عَلَيْهِ بِضَرْبَةٍ أُخْرَى فَسَقَطَ ، فَضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي حَتَّى بَرَدَ ، قَالَ : وَنَادَى النَّاسُ : قَتَلْتَ أَبَا الْيَقْظَانِ ، قَتَلَكَ اللَّهُ ، فَقُلْتُ : اذْهَبْ إِلَيْكَ ، فَوَاللَّهِ مَا أُبَالِي مَنْ كُنْتَ ، وَبِاللَّهِ مَا أَعْرِفُهُ يَوْمَئِذٍ ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ : يَا أَبَا الْغَادِيَةِ ، خَصْمُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَازُنْدَرُ ، يَعْنِي ضَخْمًا ، قَالَ : فَضَحِكَ ، وَكَانَ أَبُو الْغَادِيَةِ شَيْخًا كَبِيرًا جَسِيمًا أَدْلَمَ . قَالَ : وَقَالَ عَلِيٌّ حِينَ قُتِلَ عَمَّارٌ : " إِنَّ امْرَأً مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَعْظُمْ عَلَيْهِ قَتْلُ ابْنِ يَاسِرٍ ، وَتَدْخُلُ بِهِ عَلَيْهِ الْمُصِيبَةُ الْمُوجِعَةُ لَغَيْرُ رَشِيدٍ ، رَحِمَ اللَّهُ عَمَّارًا يَوْمَ أَسْلَمَ ، وَرَحِمَ اللَّهُ عَمَّارًا يَوْمَ قُتِلَ ، وَرَحِمَ اللَّهُ عَمَّارًا يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ، لَقَدْ رَأَيْتُ عَمَّارًا وَمَا يُذْكَرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةٌ إِلَّا كَانَ رَابِعًا ، وَلَا خَمْسَةٌ إِلَّا كَانَ خَامِسًا ، وَمَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ قُدَمَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ يَشُكُّ أَنَّ عَمَّارًا قَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فِي غَيْرِ مَوْطِنٍ وَلَا اثْنَيْنِ ، فَهَنِيئًا لِعَمَّارٍ بِالْجَنَّةَ ، وَلَقَدْ قِيلَ : إِنَّ عَمَّارًا مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَهُ ، يَدُورُ عَمَّارٌ مَعَ الْحَقِّ أَيْنَمَا دَارَ ، وَقَاتِلُ عَمَّارٍ فِي النَّارِ "
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، وَغَيْرُهُ ، قَالُوا : لَمَّا اسْتَلْحَمَ الْقِتَالُ بِصِفِّينَ وَكَادُوا يَتَفَانَوْنَ ، قَالَ مُعَاوِيَةُ : هَذَا يَوْمٌ تَفَانَى فِيهِ الْعَرَبُ إِلَّا أَنْ تُدْرِكَهُمُ فِيهِ خِفَّةُ الْعَبْدِ ، يَعْنِي عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ قَالَ : وَكَانَ الْقِتَالُ الشَّدِيدُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ ، آخِرُهُنَّ لَيْلَةَ الْهَرِيرِ ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ عَمَّارٌ لِهَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَمَعَهُ اللِّوَاءَ يَوْمَئِذٍ : احْمِلْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ، فَقَالَ هَاشِمٌ : يَا عَمَّارُ ، رَحِمَكَ اللَّهُ ، إِنَّكَ رَجُلٌ تَسْتَخِفُّكَ الْحَرْبُ ، وَإِنِّي إِنَّمَا أَزْحَفُ بِاللِّوَاءِ زَحْفًا رَجَاءَ أَنْ أَبْلُغَ بِذَلِكَ مَا أُرِيدُ ، وَإِنِّي إِنْ خَفَفْتُ لَمْ آمَنِ الْهَلَكَةَ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى حَمَلَ ، فَنَهَضَ عَمَّارٌ فِي كَتِيبَتِهِ فَنَهَضَ إِلَيْهِ ذُو الْكَلَاعِ فِي كَتِيبَتِهِ ، فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَا جَمِيعًا وَاسْتُؤْصِلَتُ الْكَتِيبَتَانِ ، وَحَمَلَ عَلَى عَمَّارٍ فِي كَتِيبَتِهِ فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَا جَمِيعًا وَاسْتُؤْصِلَتِ الْكَتِيبَتَانِ وَحَمَلَ عَلَى عَمَّارٍ حَوَى السَّكْسَكِيُّ وَأَبُو الْغَادِيَةِ الْمُزَنِيُّ وَقَتَلَاهُ ، فَقِيلَ لِأَبِي الْغَادِيَةِ : كَيْفَ قَتَلْتُهُ ؟ قَالَ : لَمَّا دَلَفَ إِلَيْنَا فِي كَتِيبَتِهِ وَدَلَفْنَا إِلَيْهِ نَادَى : هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ ؟ فَبَرَزَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ السَّكَاسِكِ فَاضْطَرَبَا بِسَيْفَيْهِمَا ، فَقَتَلَ عَمَّارٌ السَّكْسَكِيَّ ، ثُمَّ نَادَى : مَنْ يُبَارِزُ ؟ فَبَرَزَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ فَاضْطَرَبَا بِسَيْفَيْهِمَا ، فَقَتَلَ عَمَّارٌ الْحِمْيَرِيَّ وَأَثْخَنَهُ الْحِمْيَرِيُّ ، وَنَادَى مَنْ يُبَارِزُ ؟ ، فَبَرَزْتُ إِلَيْهِ فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ وَقَدْ كَانَتْ يَدُهُ ضَعُفَتْ ، فَانْتَحَى عَلَيْهِ بِضَرْبَةٍ أُخْرَى فَسَقَطَ ، فَضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي حَتَّى بَرَدَ ، قَالَ : وَنَادَى النَّاسُ : قَتَلْتَ أَبَا الْيَقْظَانِ ، قَتَلَكَ اللَّهُ ، فَقُلْتُ : اذْهَبْ إِلَيْكَ ، فَوَاللَّهِ مَا أُبَالِي مَنْ كُنْتَ ، وَبِاللَّهِ مَا أَعْرِفُهُ يَوْمَئِذٍ ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ : يَا أَبَا الْغَادِيَةِ ، خَصْمُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَازُنْدَرُ ، يَعْنِي ضَخْمًا ، قَالَ : فَضَحِكَ ، وَكَانَ أَبُو الْغَادِيَةِ شَيْخًا كَبِيرًا جَسِيمًا أَدْلَمَ . قَالَ : وَقَالَ عَلِيٌّ حِينَ قُتِلَ عَمَّارٌ : إِنَّ امْرَأً مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَعْظُمْ عَلَيْهِ قَتْلُ ابْنِ يَاسِرٍ ، وَتَدْخُلُ بِهِ عَلَيْهِ الْمُصِيبَةُ الْمُوجِعَةُ لَغَيْرُ رَشِيدٍ ، رَحِمَ اللَّهُ عَمَّارًا يَوْمَ أَسْلَمَ ، وَرَحِمَ اللَّهُ عَمَّارًا يَوْمَ قُتِلَ ، وَرَحِمَ اللَّهُ عَمَّارًا يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ، لَقَدْ رَأَيْتُ عَمَّارًا وَمَا يُذْكَرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَرْبَعَةٌ إِلَّا كَانَ رَابِعًا ، وَلَا خَمْسَةٌ إِلَّا كَانَ خَامِسًا ، وَمَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ قُدَمَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ يَشُكُّ أَنَّ عَمَّارًا قَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فِي غَيْرِ مَوْطِنٍ وَلَا اثْنَيْنِ ، فَهَنِيئًا لِعَمَّارٍ بِالْجَنَّةَ ، وَلَقَدْ قِيلَ : إِنَّ عَمَّارًا مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَهُ ، يَدُورُ عَمَّارٌ مَعَ الْحَقِّ أَيْنَمَا دَارَ ، وَقَاتِلُ عَمَّارٍ فِي النَّارِ