• 299
  • قُرِئَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّيِّبِ : قَالَ : " الْأَخْبَارُ عَلَى ضَرْبَيْنِ : ضَرْبٌ مِنْهَا يُعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ بِهِ , إِمَّا بِضَرُورَةٍ أَوْ دَلِيلٍ , وَمِنْهَا مَا لَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ مُتَكَلِّمًا بِهِ , فَكُلُّ خَبَرَيْنِ عُلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ بِهِمَا فَلَا يَصِحُّ دُخُولُ التَّعَارُضِ فِيهِمَا عَلَى وَجْهٍ , وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُمَا مُتَعَارِضَيْنِ , لِأَنَّ مَعْنَى التَّعَارُضِ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ وَالْقُرْآنِ مِنْ أَمْرٍ وَنَهْي وَغَيْرِ ذَلِكَ ، أَنْ يَكُونَ مُوجِبُ أَحَدِهِمَا مُنَافِيًا لِمُوجِبِ الْآخَرِ , وَذَلِكَ يُبْطِلُ التَّكْلِيفَ إِنْ كَانَا أَمْرًا وَنَهْيًا وَإِبَاحَةً وَحَظْرًا , أَوْ يُوجِبُ كَوْنَ أَحَدِهِمَا صِدْقًا وَالْآخَرِ كَذِبًا إِنْ كَانَا خَبَرَيْنِ , وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ أَجْمَعَ , وَمَعْصُومٌ مِنْهُ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ وَكُلِّ مُثْبِتٍ لِلنُّبُوَّةِ , وَإِذَا ثَبَتَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ وَجَبَ مَتَى عُلِمَ أَنَّ قَوْلَيْنِ ظَاهِرُهُمَا التَّعَارُضُ , وَنَفَى أَحَدُهُمَا لِمُوجِبِ الْآخَرِ , أَنْ يُحْمَلَ النَّفْي وَالْإِثْبَاتُ عَلَى أَنَّهُمَا فِي زَمَانَيْنِ أَوْ فَرِيقَيْنِ , أَوْ عَلَى شَخْصَيْنِ , أَوْ عَلَى صِفَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ , هَذَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مَعَ الْعِلْمِ بِإِحَالَةِ مُنَاقَضَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي شَيْءٍ مِنْ تَقْرِيرِ الشَّرْعِ وَالْبَلَاغِ , وَهَذَا مِثْلُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ قَالَ : الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَى أُمَّتِي , وَقَالَ أَيْضًا : لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ , أَوِ الْحَجُّ وَاجِبٌ عَلَى زَيْدٍ هَذَا , وَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ , وَقَدْ نَهَيْتُهُ عَنْهُ ، وَلَمْ أَنْهَهُ عَنْهُ , وَهُوَ مُطِيعٌ لِلَّهِ فِيهِ وَهُوَ عَاصٍ بِهِ , وَأَمْثَالِ ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا أَوْ نَحْوِهِ أَنَّهُ آمِرٌ لِلْأُمَّةِ بِالصَّلَاةِ فِي وَقْتٍ , وَغَيْرُ آمِرٍ لَهَا بِهَا فِي غَيْرِهِ , وَآمِرٌ لَهَا بِهَا إِذَا كَانَتْ مُتَطَهِّرَةً وَنَاهٍ عَنْهَا إِذَا كَانَتْ مُحْدِثَةً , وَآمِرٌ لِزَيْدٍ بِالْحَجِّ إِذَا قَدَرَ , وَغَيْرُ آمِرٍ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ , فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ مَا عُلِمَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهِ مِنَ التَّعَارُضِ عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الْوُجُوهِ , وَلَيْسَ يَقَعُ التَّعَارُضُ بَيْنَ قَوْلَيْهِ , إِلَّا بِأَنْ يُقَدَّرَ كَوْنُهُ آمِرًا بِالشَّيْءِ وَنَاهِيًا عَنْهُ لِمَنْ أَمَرَ بِهِ , عَلَى وَجْهِ مَا أَمَرَهُ بِهِ , وَذَلِكَ إِحَالَةٌ فِي صِفَتِهِ "

    حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَالِكِيُّ , أَنَّهُ قُرِئَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّيِّبِ : قَالَ : الْأَخْبَارُ عَلَى ضَرْبَيْنِ : ضَرْبٌ مِنْهَا يُعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ بِهِ , إِمَّا بِضَرُورَةٍ أَوْ دَلِيلٍ , وَمِنْهَا مَا لَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ مُتَكَلِّمًا بِهِ , فَكُلُّ خَبَرَيْنِ عُلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ بِهِمَا فَلَا يَصِحُّ دُخُولُ التَّعَارُضِ فِيهِمَا عَلَى وَجْهٍ , وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُمَا مُتَعَارِضَيْنِ , لِأَنَّ مَعْنَى التَّعَارُضِ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ وَالْقُرْآنِ مِنْ أَمْرٍ وَنَهْي وَغَيْرِ ذَلِكَ ، أَنْ يَكُونَ مُوجِبُ أَحَدِهِمَا مُنَافِيًا لِمُوجِبِ الْآخَرِ , وَذَلِكَ يُبْطِلُ التَّكْلِيفَ إِنْ كَانَا أَمْرًا وَنَهْيًا وَإِبَاحَةً وَحَظْرًا , أَوْ يُوجِبُ كَوْنَ أَحَدِهِمَا صِدْقًا وَالْآخَرِ كَذِبًا إِنْ كَانَا خَبَرَيْنِ , وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ أَجْمَعَ , وَمَعْصُومٌ مِنْهُ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ وَكُلِّ مُثْبِتٍ لِلنُّبُوَّةِ , وَإِذَا ثَبَتَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ وَجَبَ مَتَى عُلِمَ أَنَّ قَوْلَيْنِ ظَاهِرُهُمَا التَّعَارُضُ , وَنَفَى أَحَدُهُمَا لِمُوجِبِ الْآخَرِ , أَنْ يُحْمَلَ النَّفْي وَالْإِثْبَاتُ عَلَى أَنَّهُمَا فِي زَمَانَيْنِ أَوْ فَرِيقَيْنِ , أَوْ عَلَى شَخْصَيْنِ , أَوْ عَلَى صِفَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ , هَذَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مَعَ الْعِلْمِ بِإِحَالَةِ مُنَاقَضَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي شَيْءٍ مِنْ تَقْرِيرِ الشَّرْعِ وَالْبَلَاغِ , وَهَذَا مِثْلُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ قَالَ : الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَى أُمَّتِي , وَقَالَ أَيْضًا : لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ , أَوِ الْحَجُّ وَاجِبٌ عَلَى زَيْدٍ هَذَا , وَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ , وَقَدْ نَهَيْتُهُ عَنْهُ ، وَلَمْ أَنْهَهُ عَنْهُ , وَهُوَ مُطِيعٌ لِلَّهِ فِيهِ وَهُوَ عَاصٍ بِهِ , وَأَمْثَالِ ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا أَوْ نَحْوِهِ أَنَّهُ آمِرٌ لِلْأُمَّةِ بِالصَّلَاةِ فِي وَقْتٍ , وَغَيْرُ آمِرٍ لَهَا بِهَا فِي غَيْرِهِ , وَآمِرٌ لَهَا بِهَا إِذَا كَانَتْ مُتَطَهِّرَةً وَنَاهٍ عَنْهَا إِذَا كَانَتْ مُحْدِثَةً , وَآمِرٌ لِزَيْدٍ بِالْحَجِّ إِذَا قَدَرَ , وَغَيْرُ آمِرٍ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ , فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ مَا عُلِمَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهِ مِنَ التَّعَارُضِ عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الْوُجُوهِ , وَلَيْسَ يَقَعُ التَّعَارُضُ بَيْنَ قَوْلَيْهِ , إِلَّا بِأَنْ يُقَدَّرَ كَوْنُهُ آمِرًا بِالشَّيْءِ وَنَاهِيًا عَنْهُ لِمَنْ أَمَرَ بِهِ , عَلَى وَجْهِ مَا أَمَرَهُ بِهِ , وَذَلِكَ إِحَالَةٌ فِي صِفَتِهِ