عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , قَالَ : " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ "
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُبَابِ الدَّلَّالُ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَمَا هُوَ بِسَبِيلِهِ ، فَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ : الْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ حَمَلُهُ عَلَى أَنَّ الصَّحَابِيَّ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَقَالَ قَوْمٌ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِنْهُ , وَيَجُوزُ كَوْنُهُ رَاوِيًا لَهُ عَنْ غَيْرِهِ , وَالْأَ ظَهْرُ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ , وَكَذَلِكَ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ : حَدَّثَ أَوْ أَخْبَرَ أَوْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَهُوَ بِمَثَابَةِ قَوْلِهِ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَأْمُرُ بِكَذَا وَيَنْهَى عَنْ كَذَا , وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إِذَا قَالَ هَذِهِ الْأَقَاوِيلَ مَنْ عُرِفَتْ مُعَاصَرَتُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَسَمَاعُهُ مِنْهُ وَتَلَقِّيهِ عَنْهُ , وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرَ قَوْلِهِ مُقْتَضِيًا لِسَمَاعِ ذَلِكَ مِنْهُ , وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ قَدْ حُدِّثَ عَنْهُ , وَمَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ رُوِيَ لَهُ عَنْهُ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ , لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَالِ , وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ أَلَّا يَقُولَ الرَّاوِي مِنَ الصَّحَابَةِ : أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِكَذَا , أَوْ قَالَ كَذَا , إِلَّا وَهُوَ عَالِمٌ مُتَحَقِّقٌ لِقَوْلِ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ , وَإِذَا رَوَى لَهُ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا وَلَا مُتَحَقِّقًا لَأَمْرِهِ وَقَوْلِهِ , بَلْ يَجُوزُ التَّوَهُّمُ وَالظَّنُّ فِيهِ ، وَلَا يَجُوزُ إِضَافَةُ أَمْرٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِغَلَبَةِ الظَّنِ ، فَصَارَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ : أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِكَذَا , عِلْمَهُ بِأَنَّهُ أَمَرَ , وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ لَهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ , إِلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا تَجْوِيزُ تَوَاتُرِ الْأَخْبَارِ عَلَيْهِ , فَيَحْصُلُ عَالِمًا بِأَنَّهُ أَمَرَ لَهُ مِنْ جِهَةِ التَّوَاتُرِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمِعَ الْأَمْرَ مِنْهُ , وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ بَيْنَ قَوْلِهِ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَأْمُرُ بِكَذَا , وَبَيْنَ قَوْلِهِ : أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ بِكَذَا فَرْقَانِ , وَأَنَّ ذِكْرَهُ لِلسَّمَاعِ لَا يَحْتَمِلُ سِوَاهُ , وَقَوْلَهُ : أَمَرَ بِكَذَا يَحْتَمِلُ إِخْبَارَهُ بِالْأَمْرِ كَمَا يَحْتَمِلُ سَمَاعَهُ , وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مَا قُلْنَاهُ مِنَ السَّمَاعِ