حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ , قَالَ : " رَأَيْتُ بِالْأَهْوَازِ رَجُلًا قَدْ حَفَّ شَارِبَهُ , وَأَظُنُّهُ قَدِ اشْتَرَى كُتُبًا وَتَعَبَّأَ لِلْفُتْيَا , فَذَكَرُوا أَصْحَابَ الْحَدِيثِ , فَقَالَ : لَيْسُوا بِشَيْءٍ , وَلَيْسَ يَسْوُونَ شَيْئًا , فَقُلْتُ لَهُ : أَنْتَ لَا تُحْسِنُ تُصَلِّي . قَالَ : أَنَا ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قُلْتُ : إِيشْ تَحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ إِذَا افْتَتَحْتَ الصَّلَاةَ وَرَفَعْتَ يَدَيْكَ ؟ فَسَكَتَ , فَقُلْتُ : فَإِيشْ تَحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ إِذَا وَضَعْتَ يَدَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ ؟ فَسَكَتَ , قُلْتُ : إِيشْ تَحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ إِذَا سَجَدْتَ ؟ فَسَكَتَ , قُلْتُ : مَا لَكَ لَا تَتَكَلَّمُ ؟ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ : إِنَّكَ لَا تُحْسِنُ تُصَلِّي ؟ أَنْتَ إِنَّمَا قِيلَ لَكَ : تُصَلَّى الْغَدَاةُ رَكْعَتَيْنِ , وَالظُّهْرُ أَرْبَعًا , فَالْزَمْ ذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَذْكُرَ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ , فَلَسْتَ بِشَيْءٍ وَلَا تُحْسِنُ شَيْئًا "
كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ جَعْفَرٍ الْخِرَقِيُّ أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ الْخُتُلِّيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ , قَالَ : رَأَيْتُ بِالْأَهْوَازِ رَجُلًا قَدْ حَفَّ شَارِبَهُ , وَأَظُنُّهُ قَدِ اشْتَرَى كُتُبًا وَتَعَبَّأَ لِلْفُتْيَا , فَذَكَرُوا أَصْحَابَ الْحَدِيثِ , فَقَالَ : لَيْسُوا بِشَيْءٍ , وَلَيْسَ يَسْوُونَ شَيْئًا , فَقُلْتُ لَهُ : أَنْتَ لَا تُحْسِنُ تُصَلِّي . قَالَ : أَنَا ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قُلْتُ : إِيشْ تَحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ إِذَا افْتَتَحْتَ الصَّلَاةَ وَرَفَعْتَ يَدَيْكَ ؟ فَسَكَتَ , فَقُلْتُ : فَإِيشْ تَحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ إِذَا وَضَعْتَ يَدَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ ؟ فَسَكَتَ , قُلْتُ : إِيشْ تَحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ إِذَا سَجَدْتَ ؟ فَسَكَتَ , قُلْتُ : مَا لَكَ لَا تَتَكَلَّمُ ؟ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ : إِنَّكَ لَا تُحْسِنُ تُصَلِّي ؟ أَنْتَ إِنَّمَا قِيلَ لَكَ : تُصَلَّى الْغَدَاةُ رَكْعَتَيْنِ , وَالظُّهْرُ أَرْبَعًا , فَالْزَمْ ذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَذْكُرَ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ , فَلَسْتَ بِشَيْءٍ وَلَا تُحْسِنُ شَيْئًا فَهَذَا الْمَذْكُورُ مَثَلُهُ فِي الْفُقَهَاءِ كَمَثَلِ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ مِمَّنِ انْتَسَبَ إِلَى الْحَدِيثِ وَلَمْ يَعْلَقْ بِهِ مِنْهُ غَيْرُ سَمَاعِهِ وَكُتُبِهِ , دُونَ نَظَرِهِ فِي أَنْوَاعِ عِلْمِهِ . وَأَمَّا الْمُحَقِّقُونَ فِيهِ الْمُتَخَصِّصُونَ بِهِ فَهُمُ الْأَئِمَّةُ الْعُلَمَاءُ , وَالسَّادَةُ الْفُهَمَاءُ , أَهْلُ الْفَضْلِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْمَرْتَبَةِ الرَّفِيعَةِ , حَفِظُوا عَلَى الْأُمَّةِ أَحْكَامَ الرَّسُولِ , وَأَخْبَرُوا عَنْ أَنْبَاءِ التَّنْزِيلِ , وَأَثْبَتُوا نَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ , وَمَيَّزُوا مُحْكَمَهُ وَمُتَشَابِهَهُ , وَدَوَّنُوا أَقْوَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ وَأَفْعَالَهُ , وَضَبَطُوا عَلَى اخْتِلَافِ الْأُمُورِ أَحْوَالَهُ , فِي يَقَظَتِهِ وَمَنَامِهِ , وَقُعُودِهِ وَقِيَامِهِ , وَمَلْبَسِهِ وَمَرْكَبِهِ , وَمَأْكَلِهِ وَمَشْرَبِهِ , حَتَّى الْقُلَامَةِ مِنْ ظُفْرِهِ مَا كَانَ يَصْنَعُ بِهَا , وَالنُّخَاعَةِ مِنْ فِيهِ كَيْفَ كَانَ يَلْفِظُهَا , وَقَوْلِهِ عِنْدَ كُلِّ فِعْلٍ يُحْدِثُهُ , وَكَذَا كُلُّ مَوْقِفٍ يَشْهَدُهُ , تَعْظِيمًا لِقَدْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ , وَمَعْرِفَةً بِشَرَفِ مَا ذُكِرَ عَنْهُ , وَعُزِيَ إِلَيْهِ , وَحَفِظُوا مَنَاقِبَ صَحَابَتِهِ , وَمَآثِرَ عَشِيرَتِهِ , وَجَاءُوا بِسِيَرِ الْأَنْبِيَاءِ , وَمَقَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ , وَاخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ , وَلَوْلَا عِنَايَةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ بِضَبْطِ السُّنَنِ وَجَمْعِهَا وَاسْتِنْبَاطِهَا مِنْ مَعَادِنِهَا وَالنَّظَرِ فِي طُرُقِهَا , لَبَطَلَتِ الشَّرِيعَةُ , وَتَعَطَّلَتْ أَحْكَامُهَا , إِذْ كَانَتْ مَسْتَخْرَجَةً مِنَ الْآثَارِ الْمَحْفُوظَةِ , وَمُسْتَفَادَةً مِنَ السُّنَنِ الْمَنْقُولَةِ , فَمَنْ عَرَفَ لِلْإِسْلَامِ حَقَّهُ وَأَوْجَبَ لِلدِّينِ حُرْمَتَهُ , أَكْبَرَ أَنْ يَحْتَقِرَ مَنْ عَظَّمَ اللَّهُ شَأْنَهُ وَأَعْلَى مَكَانَهُ , وَأَظْهَرَ حُجَّتَهُ وَأَبَانَ فَضِيلَتَهُ , وَلَمْ يَرْتَقِ بِطَعْنِهِ إِلَى حِزْبِ الرَّسُولِ وَأَتْبَاعِ الْوَحْيِ وَأَوْعِيَةِ الدِّينِ , وَخَزَنَةِ الْعِلْمِ , الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ , فَقَالَ {{ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ }} وَكَفَى الْمُحَدِّثَ شَرَفًا أَنْ يَكُونَ اسْمُهُ مَقْرُونًا بِاسْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ , وَذِكْرُهُ مُتَّصِلًا بِذِكْرِهِ {{ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }} , وَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذِهِ الْمَرْتَبَةِ , وَبَلَّغَهُ إِلَى هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ , أَنْ يَبْذُلَ مَجْهُودَهُ فِي تَتَبُّعِ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ وَسُنَّتِهِ , وَطَلَبِهَا مِنْ مَظَانِّهَا , وَحَمْلِهَا عَنْ أَهْلِهَا , وَالتَّفَقُّهِ بِهَا وَالنَّظَرِ فِي أَحْكَامِهَا , وَالْبَحْثِ عَنْ مَعَانِيهَا وَالتَّأَدُّبِ بِآدَابِهَا , وَيَصْدِفَ عَمَّا يَقِلُّ نَفْعُهُ وَتَبْعُدُ فَائِدَتُهُ , مِنْ طَلَبِ الشَّوَاذِّ وَالْمُنْكَرَاتِ , وَتَتَبُّعِ الْأَبَاطِيلِ وَالْمَوْضُوعَاتِ , وَيُوَفِّيَ الْحَدِيثَ حَقَّهُ مِنَ الدِّرَاسَةِ وَالْحِفْظِ وَالتَّهْذِيبِ وَالضَّبْطِ , وَيَتَمَيَّزَ بِمَا تَقْتَضِيهِ حَالُهُ , وَيَعُودُ عَلَيْهِ زَيْنُهُ وَجَمَالُهُ , فَقَدْ