عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ : " مَا بَرِحَ الْمُسْتَفْتُونَ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُحِلُّ هَذَا وَيُحَرِّمُ هَذَا فَلَا يَرَى الْمُحَرِّمُ أَنَّ الْمُحَلِّلَ هَلَكَ لِتَحْلِيلِهِ وَلَا يَرَى الْمُحَلْلَ أَنَّ الْمُحَرِّمَ هَلَكَ لِتَحْرِيمِهِ "
وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ : مَا بَرِحَ الْمُسْتَفْتُونَ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُحِلُّ هَذَا وَيُحَرِّمُ هَذَا فَلَا يَرَى الْمُحَرِّمُ أَنَّ الْمُحَلِّلَ هَلَكَ لِتَحْلِيلِهِ وَلَا يَرَى الْمُحَلْلَ أَنَّ الْمُحَرِّمَ هَلَكَ لِتَحْرِيمِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ : فَهَذَا مَذْهَبُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمَنْ تَابَعَهُ وَقَالَ بِهِ قَوْمٌ ، وَأَمَّا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمَا مِنْ أَصْحَابِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، وَالْأَوْزَاعِيِّ ، وَأَبِي ثَوْرٍ وَجَمَاعَةِ أَهْلِ النَّظَرِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ إِذَا تَدَافَعَ فَهُوَ خَطَأٌ وَصَوَابٌ ، وَالْوَاجِبُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ طَلَبُ الدَّلِيلِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ عَلَى الْأُصُولِ عَلَى الصَّوَابِ مِنْهَا وَذَلِكَ لَا يُعْدَمُ فَإِنِ اسْتَوَتِ الْأَدِلَّةُ وَجَبَ الْمَيْلُ مَعَ الْأَشْبَهِ بِمَا ذَكَرْنَا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، فَإِذَا لَمْ يَبِنْ ذَلِكَ وَجَبَ التَّوَقُّفُ وَلَمْ يَجُزِ الْقَطْعُ إِلَّا بِيَقِينٍ فَإِنِ اضْطُرَّ أَحَدٌ إِلَى اسْتِعْمَالِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ جَازَ لَهُ مَا يَجُوزُ لِلْعَامَّةِ مِنَ التَّقْلِيدِ وَاسْتَعْمَلَ عِنْدَ إِفْرَاطِ التَّشَابُهِ وَالتَّشَاكُلِ وَقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ بِمَا يُعَضِّدُهُ قَوْلَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ فَدَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ هَذَا حَالُ مَنْ لَا يُنْعِمُ النَّظَرَ وَلَا يُحْسِنُهُ وَهُوَ حَالُ الْعَامَّةِ الَّتِي يَجُوزُ لَهَا التَّقْلِيدُ فِيمَا نَزَلَ بِهَا وَأَفْتَاهَا بِذَلِكَ عُلَمَاؤُهَا ، وَأَمَّا الْمَفْتُونُ فَغَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ لِأَحَدٍ أَنْ يُفْتِيَ وَلَا يَقْضِيَ إِلَّا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ وَجْهُ مَا يُفْتِي بِهِ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ أَوِ الْإِجْمَاعِ أَوْ مَا كَانَ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْأَوْجُهِ