عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ : " لَمَّا مَاتَ سَوَّارٌ قَاضِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ دَعَا أَبُو جَعْفَرٍ - يَعْنِي الْمَنْصُورَ أَبَا حَنِيفَةَ , فَقَالَ لَهُ : " إِنَّ سَوَّارًا قَدْ مَاتَ , وَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِهَذَا الْمِصْرِ " , يَعْنِي مِنْ قَاضٍ , " فَاقْبَلِ الْقَضَاءَ , فَقَدْ وَلَّيْتُكَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ " , فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : " وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنِّي لَا أَصْلِحُ لِلْقَضَاءِ , وَوَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , لَئِنْ كُنْتُ صَادِقًا فَمَا يَسَعُكَ أَنْ تَسْتَقْضِيَ رَجُلًا لَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ , وَلَئِنْ كُنْتُ كَاذِبًا فَمَا يَسَعُكُ أَنْ تَسْتَقْضِيَ رَجُلًا كَذَّابًا , وَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِهَذَا الْأَمْرِ إِلَّا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ , وَقَدْ أَصْبَحْتُ مُخَالِفًا لَكَ " , قَالَ : " فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ : " صَدَقْتَ , إِنَّكَ قُلْتَ : لَا يَصْلُحُ لِهَذَا الْأَمْرِ إِلَّا مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ , فَـ {{ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ }} ، الْآيَةُ , وَأَمَّا قَوْلُكَ : إِنَّهُ لَا يَصْلُحَ لِهَذَا الْأَمْرِ إِلَّا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ , فَإِنَّا نَأْخُذُ بِمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ {{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }} وَلَيْسَ عَلَيْنَا إِلَّا الْجَهْدُ فِي أَهْلِ زَمَانِنِا , وَأَمَّا قَوْلُكُ : إِنَّكَ أَصْبَحْتَ مُخَالِفًا لِي , فَإِنَّ الرَّأْيَ يُخَالِفُ الرَّأْيَ , فَاقْبَلْ هَذَا الْأَمْرَ " ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , لَئِنْ خَلَّيْتَ عَنِّي وَإِلَّا لَبَّيْتُ مَكَانِيَ السَّاعَةَ , فَمَا يَسَعُكَ أَنْ تَحْبِسَ مُلَبِّيًا " , قَالَ : فَخَلَّى عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيُّ , ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ وَهُوَ الْحَافِظُ الْبُخَارِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي عَمْرٍو الطَّوَاوِيسِيَّ يَقُولُ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَزْهَرِ : بَلَغَنِي عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ : لَمَّا مَاتَ سَوَّارٌ قَاضِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ دَعَا أَبُو جَعْفَرٍ - يَعْنِي الْمَنْصُورَ أَبَا حَنِيفَةَ , فَقَالَ لَهُ : إِنَّ سَوَّارًا قَدْ مَاتَ , وَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِهَذَا الْمِصْرِ , يَعْنِي مِنْ قَاضٍ , فَاقْبَلِ الْقَضَاءَ , فَقَدْ وَلَّيْتُكَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ , فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنِّي لَا أَصْلِحُ لِلْقَضَاءِ , وَوَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , لَئِنْ كُنْتُ صَادِقًا فَمَا يَسَعُكَ أَنْ تَسْتَقْضِيَ رَجُلًا لَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ , وَلَئِنْ كُنْتُ كَاذِبًا فَمَا يَسَعُكُ أَنْ تَسْتَقْضِيَ رَجُلًا كَذَّابًا , وَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِهَذَا الْأَمْرِ إِلَّا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ , وَقَدْ أَصْبَحْتُ مُخَالِفًا لَكَ , قَالَ : فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ : صَدَقْتَ , إِنَّكَ قُلْتَ : لَا يَصْلُحُ لِهَذَا الْأَمْرِ إِلَّا مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ , فَـ {{ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ }} ، الْآيَةُ , وَأَمَّا قَوْلُكَ : إِنَّهُ لَا يَصْلُحَ لِهَذَا الْأَمْرِ إِلَّا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ , فَإِنَّا نَأْخُذُ بِمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ {{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }} وَلَيْسَ عَلَيْنَا إِلَّا الْجَهْدُ فِي أَهْلِ زَمَانِنِا , وَأَمَّا قَوْلُكُ : إِنَّكَ أَصْبَحْتَ مُخَالِفًا لِي , فَإِنَّ الرَّأْيَ يُخَالِفُ الرَّأْيَ , فَاقْبَلْ هَذَا الْأَمْرَ ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , لَئِنْ خَلَّيْتَ عَنِّي وَإِلَّا لَبَّيْتُ مَكَانِيَ السَّاعَةَ , فَمَا يَسَعُكَ أَنْ تَحْبِسَ مُلَبِّيًا , قَالَ : فَخَلَّى عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ