أَنَّ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَعْمَلَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَى الْبَحْرَيْنِ , وَهُوَ خَالُ حَفْصَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , فَقَدِمَ الْجَارُودُ سَيِّدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ قُدَامَةَ شَرِبَ فَسَكِرَ , وَإِنِّي رَأَيْتُ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أَرْفَعَهُ إِلَيْكَ ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَنْ شَهِدَ مَعَكَ ؟ قَالَ : أَبُو هُرَيْرَةَ , فَدَعَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ : بِمَ تَشْهَدُ ؟ فَقَالَ : لَمْ أَرَهُ شَرِبَ , وَلَكِنِّي رَأَيْتُهُ سَكْرَانَ يَقِيءُ ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَقَدْ تَنَطَّعْتَ فِي الشَّهَادَةِ ، قَالَ : ثُمَّ كَتَبَ إِلَى قُدَامَةَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَحْرَيْنِ , فَقَدِمَ فَقَامَ إِلَيْهِ الْجَارُودُ فَقَالَ : أَقِمْ عَلَى هَذَا كِتَابَ اللَّهِ ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَخَصْمٌ أَنْتَ أَمْ شَهِيدٌ ؟ قَالَ : بَلْ شَهِيدٌ ، قَالَ : فَقَدْ أَدَّيْتَ الشَّهَادَةَ , فَصَمَتَ الْجَارُودُ حَتَّى غَدَا عَلَى عُمَرَ فَقَالَ : أَقِمْ عَلَى هَذَا حَدَّ اللَّهِ ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا أَرَاكَ إِلَّا خَصْمًا , وَمَا شَهِدَ مَعَكَ إِلَّا رَجُلٌ ، فَقَالَ الْجَارُودُ : إِنِّي أَنْشُدُكَ اللَّهَ ، فَقَالَ عُمَرُ : لَتُمْسِكَنَّ لِسَانَكَ أَوْ لَأَسُوءَنَّكَ ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : إِنْ كُنْتَ تَشُكُّ فِي شَهَادَتِنَا فَأَرْسِلْ إِلَى ابْنَةِ الْوَلِيدِ فَاسْأَلْهَا , وَهِيَ امْرَأَةُ قُدَامَةَ , فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى هِنْدَ بِنْتِ الْوَلِيدِ يَنْشُدُهَا , فَأَقَامَتِ الشَّهَادَةَ عَلَى زَوْجِهَا ، فَقَالَ عُمَرُ لِقُدَامَةَ : إِنِّي حَادُّكَ ، فَقَالَ : لَوْ شَرِبْتُ كَمَا يَقُولُونَ مَا كَانَ لَكُمْ تَجْلِدُونِي ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لِمَ ؟ قَالَ قُدَامَةُ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا }} , الْآيَةَ ، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَخْطَأْتَ التَّأْوِيلَ , إِنِ اتَّقَيْتَ اللَّهَ اجْتَنَبْتَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ ، قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : مَاذَا تَرَوْنَ فِي جَلْدِ قُدَامَةَ ، قَالُوا : لَا نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ مَا كَانَ مَرِيضًا , فَسَكَتَ عَنْ ذَلِكَ أَيَّامًا ثُمَّ أَصْبَحَ يَوْمًا وَقَدْ عَزَمَ عَلَى جَلْدِهِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : مَا تَرَوْنَ فِي جَلْدِ قُدَامَةَ ، فَقَالَ الْقَوْمُ : مَا نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ مَا دَامَ وَجِعًا ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَأَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَحْتَ السِّيَاطِ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ وَهُوَ فِي عُنُقِي , ائْتُونِي بِسَوْطٍ تَامٍّ , فَأَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقُدَامَةَ فَجُلِدَ فَغَاضَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُدَامَةَ فَهَجَرَهُ , فَحَجَّ وَحَجَّ قُدَامَةُ مَعَهُ مُغَاضِبًا لَهُ , فَلَمَّا قَفَلَا مِنْ حَجِّهِمَا وَنَزَلَ عُمَرُ بِالسُّقْيَا وَاسْتَيْقَظَ عُمَرُ مِنْ نَوْمِهِ فَقَالَ : عَجِّلُوا عَلَيَّ بِقُدَامَةَ فَأْتُونِي بِهِ , فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى أَنَّ آتِيًا أَتَانِي فَقَالَ : سَالِمْ قُدَامَةَ فَإِنِّي أَخُوكَ , فَعَجِّلُوا إِلِيَّ بِهِ , فَلَمَّا أَتَوْهُ أَبَى أَنْ يَأْتِيَ , فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْ أَبَى أَنْ يُجَرَّ إِلَيْهِ , حَتَّى كَلَّمَهُ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ , وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ صُلْحِهِمَا
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ ، بِبَغْدَادَ , أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا , أَنَّ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَعْمَلَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَى الْبَحْرَيْنِ , وَهُوَ خَالُ حَفْصَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , فَقَدِمَ الْجَارُودُ سَيِّدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ قُدَامَةَ شَرِبَ فَسَكِرَ , وَإِنِّي رَأَيْتُ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أَرْفَعَهُ إِلَيْكَ ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَنْ شَهِدَ مَعَكَ ؟ قَالَ : أَبُو هُرَيْرَةَ , فَدَعَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ : بِمَ تَشْهَدُ ؟ فَقَالَ : لَمْ أَرَهُ شَرِبَ , وَلَكِنِّي رَأَيْتُهُ سَكْرَانَ يَقِيءُ ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَقَدْ تَنَطَّعْتَ فِي الشَّهَادَةِ ، قَالَ : ثُمَّ كَتَبَ إِلَى قُدَامَةَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَحْرَيْنِ , فَقَدِمَ فَقَامَ إِلَيْهِ الْجَارُودُ فَقَالَ : أَقِمْ عَلَى هَذَا كِتَابَ اللَّهِ ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَخَصْمٌ أَنْتَ أَمْ شَهِيدٌ ؟ قَالَ : بَلْ شَهِيدٌ ، قَالَ : فَقَدْ أَدَّيْتَ الشَّهَادَةَ , فَصَمَتَ الْجَارُودُ حَتَّى غَدَا عَلَى عُمَرَ فَقَالَ : أَقِمْ عَلَى هَذَا حَدَّ اللَّهِ ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا أَرَاكَ إِلَّا خَصْمًا , وَمَا شَهِدَ مَعَكَ إِلَّا رَجُلٌ ، فَقَالَ الْجَارُودُ : إِنِّي أَنْشُدُكَ اللَّهَ ، فَقَالَ عُمَرُ : لَتُمْسِكَنَّ لِسَانَكَ أَوْ لَأَسُوءَنَّكَ ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : إِنْ كُنْتَ تَشُكُّ فِي شَهَادَتِنَا فَأَرْسِلْ إِلَى ابْنَةِ الْوَلِيدِ فَاسْأَلْهَا , وَهِيَ امْرَأَةُ قُدَامَةَ , فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى هِنْدَ بِنْتِ الْوَلِيدِ يَنْشُدُهَا , فَأَقَامَتِ الشَّهَادَةَ عَلَى زَوْجِهَا ، فَقَالَ عُمَرُ لِقُدَامَةَ : إِنِّي حَادُّكَ ، فَقَالَ : لَوْ شَرِبْتُ كَمَا يَقُولُونَ مَا كَانَ لَكُمْ تَجْلِدُونِي ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لِمَ ؟ قَالَ قُدَامَةُ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا }} , الْآيَةَ ، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَخْطَأْتَ التَّأْوِيلَ , إِنِ اتَّقَيْتَ اللَّهَ اجْتَنَبْتَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ ، قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : مَاذَا تَرَوْنَ فِي جَلْدِ قُدَامَةَ ، قَالُوا : لَا نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ مَا كَانَ مَرِيضًا , فَسَكَتَ عَنْ ذَلِكَ أَيَّامًا ثُمَّ أَصْبَحَ يَوْمًا وَقَدْ عَزَمَ عَلَى جَلْدِهِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : مَا تَرَوْنَ فِي جَلْدِ قُدَامَةَ ، فَقَالَ الْقَوْمُ : مَا نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ مَا دَامَ وَجِعًا ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَأَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَحْتَ السِّيَاطِ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ وَهُوَ فِي عُنُقِي , ائْتُونِي بِسَوْطٍ تَامٍّ , فَأَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقُدَامَةَ فَجُلِدَ فَغَاضَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُدَامَةَ فَهَجَرَهُ , فَحَجَّ وَحَجَّ قُدَامَةُ مَعَهُ مُغَاضِبًا لَهُ , فَلَمَّا قَفَلَا مِنْ حَجِّهِمَا وَنَزَلَ عُمَرُ بِالسُّقْيَا وَاسْتَيْقَظَ عُمَرُ مِنْ نَوْمِهِ فَقَالَ : عَجِّلُوا عَلَيَّ بِقُدَامَةَ فَأْتُونِي بِهِ , فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى أَنَّ آتِيًا أَتَانِي فَقَالَ : سَالِمْ قُدَامَةَ فَإِنِّي أَخُوكَ , فَعَجِّلُوا إِلِيَّ بِهِ , فَلَمَّا أَتَوْهُ أَبَى أَنْ يَأْتِيَ , فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْ أَبَى أَنْ يُجَرَّ إِلَيْهِ , حَتَّى كَلَّمَهُ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ , وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ صُلْحِهِمَا فِي ابْتِدَاءِ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَوَقَّفَ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا حَيْثُ لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى شُرْبِهِ , وَحِينَ حَدَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ثَبَتَ عِنْدَهُ شُرْبُهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ شَهَادَةِ آخَرَ عَلَى شُرْبِهِ مَعَ الْجَارُودِ