ثنا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : سَأَلْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ عَنْ قَطْعِ السِّدْرِ , وَهُوَ مُسْنِدٌ إِلَى قَصْرِ عُرْوَةَ ، فَقَالَ : أَتَرَى هَذِهِ الْأَبْوَابَ وَالْمَصَارِيعَ ؟ إِنَّمَا هِيَ مِنْ سِدْرِ عُرْوَةَ ، كَانَ عُرْوَةُ يَقْطَعُهُ مِنْ أَرْضِهِ وَقَالَ : " لَا بَأْسَ بِهِ "
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ , وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ , قَالَا : ثنا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : سَأَلْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ عَنْ قَطْعِ السِّدْرِ , وَهُوَ مُسْنِدٌ إِلَى قَصْرِ عُرْوَةَ ، فَقَالَ : أَتَرَى هَذِهِ الْأَبْوَابَ وَالْمَصَارِيعَ ؟ إِنَّمَا هِيَ مِنْ سِدْرِ عُرْوَةَ ، كَانَ عُرْوَةُ يَقْطَعُهُ مِنْ أَرْضِهِ وَقَالَ : لَا بَأْسَ بِهِ زَادَ حُمَيْدٌ فَقَالَ : هِيَ يَا عِرَاقِيُّ ، جِئْتَنِي بِبِدْعَةٍ ، قَالَ : قُلْتُ : إِنَّمَا الْبِدْعَةُ مِنْ قِبَلِكُمْ ، سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ بِمَكَّةَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْ قَطَعَ السِّدْرَ ، فَقَالَ أَبُو دَاوُدَ : ثُمَّ سَاقَ مَعْنَاهُ ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ : يَعْنِي مَنْ قَطَعَ السِّدْرَ فِي فَلَاةٍ يَسْتَظِلُّ بِهَا ابْنُ السَّبِيلِ وَالْبَهَائِمُ عَبَثًا وَظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ يَكُونُ لَهُ فِيهَا . قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَقَدْ قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ الْعَاصِمِيِّ رِوَايَتَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ الْفَرَجِيِّ ، عَنْ أَبِي ثَوْرٍ أَنَّهُ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ قَطْعِ السِّدْرِ ، فَقَالَ : لَا بَأْسَ بِهِ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : اغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ قُلْتُ : فَالْحَدِيثُ الَّذِي رُوِيَ فِي قَاطِعِ السِّدْرِ يَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنْ صَحَّ طَرِيقُهُ ، فَفِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ ، وَرُوِّينَا عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُهُ مِنْ أَرْضِهِ ، وَهُوَ أَحَدُ رُوَاةِ النَّهْيِ ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ خَاصًّا كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ يَحْيَى الْمُزَنِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذَا ، فَقَالَ : وَجْهُهُ أَنْ يَكُونَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سُئِلَ عَمَّنْ هَجَمَ عَلَى قَطْعِ سِدْرٍ لِقَوْمٍ أَوْ لِيَتِيمٍ أَوْ لِمَنْ حَرَّمَ اللَّهُ أَنْ يُقْطَعَ عَلَيْهِ ، فَتَحَامَلَ عَلَيْهِ بِقَطْعِهِ فَاسْتَحَقَّ مَا قَالَهُ ، فَتَكُونَ الْمَسْأَلَةُ سَبَقَتِ السَّامِعَ ، فَسَمِعَ الْجَوَابَ وَلَمْ يَسْمَعِ الْمَسْأَلَةَ ، وَجَعَلَ نَظِيرَهُ حَدِيثَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ ، فَسَمِعَ الْجَوَابَ وَلَمْ يَسْمَعِ الْمَسْأَلَةَ ، وَقَدْ قَالَ : لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، وَاحْتَجَّ الْمُزَنِيُّ بِمَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ مِنْ إِجَازَةِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يُغَسَّلَ الْمَيِّتُ بِالسِّدْرِ ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يَجُزِ الِانْتِفَاعُ بِهِ ، قَالَ : وَالْوَرَقُ مِنَ السِّدْرِ كَالْغُصْنِ ، وَقَدْ سَوَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيمَا حَرَّمَ قَطْعَهُ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ بَيْنَ وَرَقِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ، فَلَمَّا لَمْ أَرَ أَحَدًا يُمْنَعُ مِنْ وَرَقِ السِّدْرِ دَلَّ عَلَى جَوَازِ قَطْعِ السِّدْرِ