• 2599
  • عَنْ جَدِّهِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبَيْلَ يَوْمِ فَتْحِ مَكَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُخْرِجَ مِنْ مَكَّةَ خَرَجَ مِنْهَا مُهَاجِرًا هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَمَوْلًى لِأَبِي بَكْرٍ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَدَلِيلُهُمَا اللَّيْثِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُرَيْقِطٍ مَرُّوا عَلَى خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ وَكَانَتْ بَرْزَةً جَلْدَةً تَحْتَبِي وَتُجْلِسُ بِفِنَاءِ الْقُبَّةِ ثُمَّ تَسْقِي وَتُطْعِمُ ، فَسَأَلُوهَا لَحْمًا وَتَمْرًا لِيَشْتَرُوهُ مِنْهَا فَلَمْ يُصِيبُوا عِنْدَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمِلِينَ مُسْنِتِينَ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شَاةٍ فِي كِسْرِ الْخَيْمَةِ ، فَقَالَ : " مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ؟ " قَالَتْ : شَاةٌ خَلْفَهَا الْجَهْدُ مِنَ الْغَنَمِ قَالَ : " هَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ ؟ " قَالَتْ : هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ : " أَتَأْذَنِينَ لِي أَنْ أَحْلُبَهَا ؟ " قَالَتْ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي نَعَمْ إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا ، فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ ضَرْعَهَا وَسَمَّى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَدَعَا لَهَا فِي شَاتِهَا فَتَفَاجَتْ عَلَيْهِ ، وَدَرَّتْ وَاجْتَرَّتْ وَدَعَا بِإِنَاءٍ يَرْبِضُ الرَّهْطَ ، فَحَلَبَ فِيهِ ثَجًّا حَتَّى عَلَاهُ البَهَاءُ فَسَقَاهَا حَتَّى رَوِيَتْ ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رَوَوْا ، ثُمَّ شَرِبَ آخِرُهُمْ ثُمَّ أَرَاضُوا ثُمَّ حَلَبَ فِيهِ ثَانِيًا بَعْدَ بِدْءٍ ، حَتَّى مَلَأَ الْإِنَاءَ ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا فَبَايَعَهَا وَارْتَحَلُوا عَنْهَا ، فَقَلَّمَا لَبِثَتْ حَتَّى جَاءَ زَوْجُهَا يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَسَاوَكْنَ هُزْلًا مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ وَقَالَ : مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا يَا أُمَّ مَعْبَدٍ وَالشَّاةُ عَازِبٌ وَلَا حَلُوبَ فِي الْبَيْتِ ؟ قَالَتْ : لَا وَاللَّهِ إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا قَالَ : صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ قَالَتْ : رَأَيْتُ رَجُلًا ظَاهَرَ الْوَضَأةَ ، أَبْلَجَ الْوَجْهِ ، حَسَنَ الْخُلُقِ لَمْ تُعِبْهُ ثُجْلَةٌ وَلَمْ تُزْرِ بِهِ صَعْلَةٌ ، وَسِيمٌ قَصِيمٌ ، فِي عَيْنَيْهِ دَعْجٌ ، وَفِي أَشْفَارِهِ غَطْفٌ ، وَفِي صَوْتِهِ صَهْلٌ ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَاثَةٌ ، أَزَجُّ ، أَقْرَنُ ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ ، وَإِنْ تَكَلَّمَ سَمَاهُ وَعَلَاهُ الْبَهَاءُ أَجْمَلُ النَّاسِ وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ وَأَحْسَنَهُ وَأَحْلَاهُ مِنْ قَرِيبٍ حُلْوُ الْمَنْطِقِ ، فَصْلٌ لَا نَزْرَ وَلَا هَزْرَ ، كَأَنَّ مِنْطَقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَتَحَدَّرْنَ ، رِبْعَةٌ لَا يَأْسَ مِنْ طُولٍ وَلَا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ ، وَهُوَ أَنْظُرُ الثَّلَاثَةِ مَنْظَرًا ، وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا ، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بِهِ ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ ، وَإِنْ أَمَرَ بَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ ، مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ لَا عَابِسَ وَلَا مُفَنِّدَ قَالَ أَبُو مَعْبَدٍ : هُوَ وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الَّذِي ذُكِرَ لَنَا مِنْ أَمْرِهِ مَا ذَكَرَهُ بِمَكَّةَ ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ ، وَلَأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا ، فَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَالِيًا يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ ، وَلَا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ وَهُوَ يَقُولُ : {
    }
    جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ {
    }
    رَفِيقَيْنِ قَالَا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ {
    }
    {
    }
    هُمَا نَزَلَاهَا بِالْهُدَى وَاهْتَدَتْ بِهِ {
    }
    فَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ {
    }
    {
    }
    فَيَا لِقُصَيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمُ {
    }
    بِهِ مِنْ فَعَالٍ لَا تُجَازَى وَسُؤْدَدِ {
    }
    {
    }
    لِيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَقَامُ فَتَاتِهِمْ {
    }
    وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ {
    }
    {
    }
    سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا {
    }
    فَإِنَّكُمْ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ {
    }
    {
    }
    دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ {
    }
    عَلَيْهِ صَرِيحًا ضَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبِدِ {
    }
    {
    }
    فَغَادَرَهَا رَهْنًا لَدَيْهَا لِحَالِبٍ {
    }
    يُرَدِّدُهَا فِي مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدٍ {
    }
    فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ شَاعِرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَّبَ وَهُوَ يُجَاوِبُ الْهَاتِفَ وَهُوَ يَقُولُ : {
    }
    لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ زَالَ عَنْهُمْ نَبِيُّهُمْ {
    }
    وَقُدِّسَ مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِ وَيَغْتَدِي {
    }
    {
    }
    تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَضَلَّتْ عُقُولُهُمْ {
    }
    وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بِنُورٍ مُجَدَّدِ {
    }
    {
    }
    هَدَاهُمْ بِهِ بَعْدَ الضَّلَالَةِ رَبُّهُمْ {
    }
    وَأَرْشَدَهُمْ مَنْ يَتْبَعِ الْحَقَّ يُرْشَدِ {
    }
    {
    }
    وَهَلْ يَسْتَوِي ضَلَالُ قَوْمٍ تَسَفَّهُوا {
    }
    عِمَايَتَهُمْ هَادٍ بِهِ كُلَّ مُهْتَدِ {
    }
    {
    }
    وَقَدْ نَزَلَتْ مِنْهُمْ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبَ {
    }
    رِكَابُ هُدًى حَلَّتْ عَلَيْهِمْ بِأَسْعُدِ {
    }
    {
    }
    نَبِيٌّ يَرَى مَا لَا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ {
    }
    وَيَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ {
    }
    {
    }
    وَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ {
    }
    فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الْغَدِ {
    }
    {
    }
    لِيَهْنِ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةُ جَدِّهِ {
    }
    بِصُحْبَتِهِ مَنْ يُسْعِدِ اللَّهُ يُسْعَدِ {
    }
    {
    }
    لِيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَقَامُ فَتَاتِهِمْ {
    }
    وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ {
    }
    "

    حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَنَسِ بْنِ عُثْمَانَ الْقَصْرِيُّ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ بْنِ إِسْحَاقَ ، ثنا يَحْيَى بْنُ نَضْلَةَ الْمَدَنِيُّ ، بِالْمَدِينَةِ ، ثنا حِزَامُ بْنُ هِشَامٍ الْقُدَيْدِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ هِشَامِ بْنِ حُبَيْشٍ ، عَنْ أَبِيهِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ خَرَجَ مِنْهَا مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَمَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، وَدَلِيلُهُمَا اللَّيْثِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُرَيْقِطٍ فَمَرُّوا عَلَى خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ ح وَحَدَّثَنَا أَبِي ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحُلْوَانِيُّ ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا مُكْرَمُ بْنُ مُحْرِزٍ الْكَعْبِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبِي مُحْرِزُ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ هِشَامٍ ، عَنْ جَدِّهِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قُبَيْلَ يَوْمِ فَتْحِ مَكَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ أُخْرِجَ مِنْ مَكَّةَ خَرَجَ مِنْهَا مُهَاجِرًا هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَمَوْلًى لِأَبِي بَكْرٍ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَدَلِيلُهُمَا اللَّيْثِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُرَيْقِطٍ مَرُّوا عَلَى خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ وَكَانَتْ بَرْزَةً جَلْدَةً تَحْتَبِي وَتُجْلِسُ بِفِنَاءِ الْقُبَّةِ ثُمَّ تَسْقِي وَتُطْعِمُ ، فَسَأَلُوهَا لَحْمًا وَتَمْرًا لِيَشْتَرُوهُ مِنْهَا فَلَمْ يُصِيبُوا عِنْدَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمِلِينَ مُسْنِتِينَ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى شَاةٍ فِي كِسْرِ الْخَيْمَةِ ، فَقَالَ : مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ؟ قَالَتْ : شَاةٌ خَلْفَهَا الْجَهْدُ مِنَ الْغَنَمِ قَالَ : هَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ ؟ قَالَتْ : هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ : أَتَأْذَنِينَ لِي أَنْ أَحْلُبَهَا ؟ قَالَتْ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي نَعَمْ إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا ، فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَمَسَحَ ضَرْعَهَا وَسَمَّى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَدَعَا لَهَا فِي شَاتِهَا فَتَفَاجَتْ عَلَيْهِ ، وَدَرَّتْ وَاجْتَرَّتْ وَدَعَا بِإِنَاءٍ يَرْبِضُ الرَّهْطَ ، فَحَلَبَ فِيهِ ثَجًّا حَتَّى عَلَاهُ البَهَاءُ فَسَقَاهَا حَتَّى رَوِيَتْ ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رَوَوْا ، ثُمَّ شَرِبَ آخِرُهُمْ ثُمَّ أَرَاضُوا ثُمَّ حَلَبَ فِيهِ ثَانِيًا بَعْدَ بِدْءٍ ، حَتَّى مَلَأَ الْإِنَاءَ ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا فَبَايَعَهَا وَارْتَحَلُوا عَنْهَا ، فَقَلَّمَا لَبِثَتْ حَتَّى جَاءَ زَوْجُهَا يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَسَاوَكْنَ هُزْلًا مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ وَقَالَ : مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا يَا أُمَّ مَعْبَدٍ وَالشَّاةُ عَازِبٌ وَلَا حَلُوبَ فِي الْبَيْتِ ؟ قَالَتْ : لَا وَاللَّهِ إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا قَالَ : صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ قَالَتْ : رَأَيْتُ رَجُلًا ظَاهَرَ الْوَضَأةَ ، أَبْلَجَ الْوَجْهِ ، حَسَنَ الْخُلُقِ لَمْ تُعِبْهُ ثُجْلَةٌ وَلَمْ تُزْرِ بِهِ صَعْلَةٌ ، وَسِيمٌ قَصِيمٌ ، فِي عَيْنَيْهِ دَعْجٌ ، وَفِي أَشْفَارِهِ غَطْفٌ ، وَفِي صَوْتِهِ صَهْلٌ ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَاثَةٌ ، أَزَجُّ ، أَقْرَنُ ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ ، وَإِنْ تَكَلَّمَ سَمَاهُ وَعَلَاهُ الْبَهَاءُ أَجْمَلُ النَّاسِ وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ وَأَحْسَنَهُ وَأَحْلَاهُ مِنْ قَرِيبٍ حُلْوُ الْمَنْطِقِ ، فَصْلٌ لَا نَزْرَ وَلَا هَزْرَ ، كَأَنَّ مِنْطَقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَتَحَدَّرْنَ ، رِبْعَةٌ لَا يَأْسَ مِنْ طُولٍ وَلَا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ ، وَهُوَ أَنْظُرُ الثَّلَاثَةِ مَنْظَرًا ، وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا ، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بِهِ ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ ، وَإِنْ أَمَرَ بَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ ، مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ لَا عَابِسَ وَلَا مُفَنِّدَ قَالَ أَبُو مَعْبَدٍ : هُوَ وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الَّذِي ذُكِرَ لَنَا مِنْ أَمْرِهِ مَا ذَكَرَهُ بِمَكَّةَ ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ ، وَلَأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا ، فَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَالِيًا يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ ، وَلَا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ وَهُوَ يَقُولُ : جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ رَفِيقَيْنِ قَالَا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ هُمَا نَزَلَاهَا بِالْهُدَى وَاهْتَدَتْ بِهِ فَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ فَيَا لِقُصَيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمُ بِهِ مِنْ فَعَالٍ لَا تُجَازَى وَسُؤْدَدِ لِيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَقَامُ فَتَاتِهِمْ وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا فَإِنَّكُمْ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ عَلَيْهِ صَرِيحًا ضَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبِدِ فَغَادَرَهَا رَهْنًا لَدَيْهَا لِحَالِبٍ يُرَدِّدُهَا فِي مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدٍ فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ شَاعِرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ شَبَّبَ وَهُوَ يُجَاوِبُ الْهَاتِفَ وَهُوَ يَقُولُ : لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ زَالَ عَنْهُمْ نَبِيُّهُمْ وَقُدِّسَ مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِ وَيَغْتَدِي تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَضَلَّتْ عُقُولُهُمْ وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بِنُورٍ مُجَدَّدِ هَدَاهُمْ بِهِ بَعْدَ الضَّلَالَةِ رَبُّهُمْ وَأَرْشَدَهُمْ مَنْ يَتْبَعِ الْحَقَّ يُرْشَدِ وَهَلْ يَسْتَوِي ضَلَالُ قَوْمٍ تَسَفَّهُوا عِمَايَتَهُمْ هَادٍ بِهِ كُلَّ مُهْتَدِ وَقَدْ نَزَلَتْ مِنْهُمْ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبَ رِكَابُ هُدًى حَلَّتْ عَلَيْهِمْ بِأَسْعُدِ نَبِيٌّ يَرَى مَا لَا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ وَيَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ وَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الْغَدِ لِيَهْنِ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةُ جَدِّهِ بِصُحْبَتِهِ مَنْ يُسْعِدِ اللَّهُ يُسْعَدِ لِيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَقَامُ فَتَاتِهِمْ وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ

    تحتبي: الاحْتبَاء : هو أن يَضُّمّ الإنسان رجْلَيْه إلى بَطْنه بثَوْب يَجْمَعَهُما به مع ظَهْره، ويَشُدُّه عليها. وقد يكون الاحتباء باليَدَيْن عوَض الثَّوب
    لبثت: لبثت : مكثت وانتظرت وأقامت
    أعنزا: الأعنز : جمع عنز وهي الأنثى من المعز والظباء
    أبلج: الأبلج : الذي قد وَضَح ما بين حاجبيه فلم يَقْترنا
    كثاثة: الكث : الغزير والكثيف
    الوقار: الوقار : الرزانة والحلم والهيبة
    فصل: الفصل : البَيِّن الظاهر ، الذي يَفْصِل بين الحقّ والباطل
    خرزات: الخرز : حبات تنظم في عقد تضعه المرأة في رقبتها لتتزين به
    يحفون: حف به : استدار حوله وأحدق به
    بادروا: بادر الشيءَ وله وإليه : عجل إليه واستبق وسارع
    رهنا: رهن الشيء : حبسه بحق ليستوفي منه عند تعذر الوفاء
    أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُخْرِجَ مِنْ مَكَّةَ
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات