• 2299
  • سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ ، يَقُولُ : " بَلَغَنِي أَنَّ ذَا النُّونِ ، يَعْلَمُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ ، فَخَرَجْتُ مِنْ مَكَّةَ قَاصِدًا إِلَيْهِ حَتَّى وَافَيْتُهُ فِي جِيزَةِ مِصْرَ ، فَأَوَّلُ مَا بَصُرَ بِي وَرَآنِي وَأَنَا طَوِيلُ اللِّحْيَةِ وَفِي يَدِي رَكْوَةٌ طَوِيلَةٌ مُتَّزِرٌ بِمِئْزَرٍ وَعَلَى كَتِفَيَّ ِمِئْزَرٌ ، وَفِي رِجْلِي نَامُوسَةٌ فَاسْتَشْنَعَ مَنْظَرِي ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ ازْدَرَانِي وَلَمْ أَرَ مِنْهُ تِلْكَ الْبَشَاشَةَ ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : مَا تَدْرِي مَعَ مَنْ وَقَعْتَ ؟ قَالَ : فَجَلَسْتُ وَلَمْ أَبْرَحْ مِنْ عِنْدِهِ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُتُكَلِّمِينَ فَنَاظَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ فَاسْتَظْهَرَ عَلَى ذِي النُّونِ وَعَلَيْهِ ، فَاغْتَنَمْتُ ذَلِكَ وَبَرَكْتُ بَيْنَ يَدَيْهِمَا وَاسْتَلَبْتُ الْمُتَكَلِّمَ إِلَيَّ وَنَاظَرْتُهُ حَتَّى قَطَعْتُهُ . ثُمَّ نَاظَرْتُهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَفْهَمْ كَلَامِي ، قَالَ : فَتَعَجَّبَ ذُو النُّونِ - وَكَانَ شَيْخًا وَأَنَا شَابٌّ - قَالَ : فَقَامَ مِنْ مَكَانِهِ وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيَّ وَقَالَ : اعْذُرْنِي فَإِنِّي لَمْ أَعْرِفْ مَحَلَّكَ مِنَ الْعِلْمِ وَأَنْتَ آثَرُ النَّاسِ عِنْدِي . قَالَ فَمَا زَالَ بَعْدَ ذَلِكَ يُجِلُّنِي وَيُكْرِمُنِي وَيَرْفَعُنِي عَنْ جَمِيعِ أَصْحَابِهِ حَتَّى بَقِيتُ عَلَى ذَلِكَ سَنَةً ، فَقُلْتُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ : يَا أَسْتَاذُ أَنَا رَجُلٌ غَرِيبٌ ، وَقَدِ اشْتِقْتُ إِلَى أَهْلِي وَقَدْ خَدَمْتُكَ سَنَةً ، وَقَدْ وَجَبَ حَقِّي عَلَيْكَ وَقِيلَ لِي إِنَّكَ تَعْرِفُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ وَقَدْ جَرَّبْتَنِي وَعَرَفْتَ أَنِّي أَهْلٌ لِذَلِكَ فَإِنْ كُنْتَ تَعْرِفُهُ فَعَلِّمْنِي إِيَّاهُ . قَالَ : فَسَكَتُّ ذُو النُّونِ عَنِّي وَلَمْ يُجِبْنِي بِشَيْءٍ وَأَوْهَمَنِي أَنَّهُ لَعَلَّهُ يَقُولُ لِي وَيُعَلِّمُنِي ثُمَّ سَكَتَ عَنِّي سِتَّةَ أَشْهُرٍ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ مَسْأَلَتِي إِيَّاهُ قَالَ لِي : يَا أَبَا يَعْقُوبَ أَلَيْسَ تَعْرِفُ فُلَانًا صَدِيقَنَا بِالْفُسْطَاطِ الَّذِي يَجِيئُنَا - وَسَمَّى رَجُلًا - ؟ فَقُلْتُ : بَلَى قَالَ : فَأَخْرَجَ إِلَيَّ مِنْ بَيْتِهِ طَبَقًا فَوْقَهُ مِكَبَّةٌ مَشْدُودٌ بِمِنْدِيلٍ ، فَقَالَ لِي : أَوْصِلْ هَذَا إِلَى مَنْ سَمَّيْتُ لَكَ بِالْفُسْطَاطِ . قَالَ فَأَخَذْتُ الطَّبَقَ لِأُوَدِّيَهُ فَإِذَا طَبَقٌ خَفِيفٌ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ ، فَلَمَّا بَلَغْتُ الْجِسْرَ الَّذِي بَيْنَ الْفُسْطَاطِ وَالْجِيزَةِ قُلْتُ فِي نَفْسِي : ذُو النُّونِ يُوَجِّهُ إِلَى رَجُلٍ بِهَدِيَّةٍ وَهَذَا أَرَى طَبَقًا خَفِيفًا لَأُبْصِرَنَّ أَيَّ شَيْءٍ فِيهِ . قَالَ : فَحَلَلْتُ الْمِنْدِيلَ وَرَفَعْتُ الْمَكَبَّةَ فَإِذَا فَأْرَةٌ قَدْ قَفَزَتْ مِنَ الطَّبَقِ فَمَرَّتْ . قَالَ : فَاغْتَظْتُ وَقُلْتُ إِنَّمَا سَخِرَ بِي ذُو النُّونِ وَلَمْ يَذْهَبْ وَهْمِي إِلَى مَا أَرَادَ فِي الْوَقْتِ ، قَالَ : فَجِئْتُ إِلَيْهِ وَأَنَا مُغْضَبٌ فَلَمَّا رَآنِي تَبَسَّمَ وَعَرَفَ الْقِصَّةَ ، وَقَالَ : يَا مَجْنُونُ ائْتَمَنْتُكَ فِي فَأْرَةٍ فَخُنْتَنِي أَأَئتَمِنُكَ عَلَى اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ ، قُمْ عَنِّي فَارْتَحِلْ وَلَا أَرَاكَ بَعْدَ هَذَا "

    حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ ، يَقُولُ : بَلَغَنِي أَنَّ ذَا النُّونِ ، يَعْلَمُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ ، فَخَرَجْتُ مِنْ مَكَّةَ قَاصِدًا إِلَيْهِ حَتَّى وَافَيْتُهُ فِي جِيزَةِ مِصْرَ ، فَأَوَّلُ مَا بَصُرَ بِي وَرَآنِي وَأَنَا طَوِيلُ اللِّحْيَةِ وَفِي يَدِي رَكْوَةٌ طَوِيلَةٌ مُتَّزِرٌ بِمِئْزَرٍ وَعَلَى كَتِفَيَّ ِمِئْزَرٌ ، وَفِي رِجْلِي نَامُوسَةٌ فَاسْتَشْنَعَ مَنْظَرِي ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ ازْدَرَانِي وَلَمْ أَرَ مِنْهُ تِلْكَ الْبَشَاشَةَ ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : مَا تَدْرِي مَعَ مَنْ وَقَعْتَ ؟ قَالَ : فَجَلَسْتُ وَلَمْ أَبْرَحْ مِنْ عِنْدِهِ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُتُكَلِّمِينَ فَنَاظَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ فَاسْتَظْهَرَ عَلَى ذِي النُّونِ وَعَلَيْهِ ، فَاغْتَنَمْتُ ذَلِكَ وَبَرَكْتُ بَيْنَ يَدَيْهِمَا وَاسْتَلَبْتُ الْمُتَكَلِّمَ إِلَيَّ وَنَاظَرْتُهُ حَتَّى قَطَعْتُهُ . ثُمَّ نَاظَرْتُهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَفْهَمْ كَلَامِي ، قَالَ : فَتَعَجَّبَ ذُو النُّونِ - وَكَانَ شَيْخًا وَأَنَا شَابٌّ - قَالَ : فَقَامَ مِنْ مَكَانِهِ وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيَّ وَقَالَ : اعْذُرْنِي فَإِنِّي لَمْ أَعْرِفْ مَحَلَّكَ مِنَ الْعِلْمِ وَأَنْتَ آثَرُ النَّاسِ عِنْدِي . قَالَ فَمَا زَالَ بَعْدَ ذَلِكَ يُجِلُّنِي وَيُكْرِمُنِي وَيَرْفَعُنِي عَنْ جَمِيعِ أَصْحَابِهِ حَتَّى بَقِيتُ عَلَى ذَلِكَ سَنَةً ، فَقُلْتُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ : يَا أَسْتَاذُ أَنَا رَجُلٌ غَرِيبٌ ، وَقَدِ اشْتِقْتُ إِلَى أَهْلِي وَقَدْ خَدَمْتُكَ سَنَةً ، وَقَدْ وَجَبَ حَقِّي عَلَيْكَ وَقِيلَ لِي إِنَّكَ تَعْرِفُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ وَقَدْ جَرَّبْتَنِي وَعَرَفْتَ أَنِّي أَهْلٌ لِذَلِكَ فَإِنْ كُنْتَ تَعْرِفُهُ فَعَلِّمْنِي إِيَّاهُ . قَالَ : فَسَكَتُّ ذُو النُّونِ عَنِّي وَلَمْ يُجِبْنِي بِشَيْءٍ وَأَوْهَمَنِي أَنَّهُ لَعَلَّهُ يَقُولُ لِي وَيُعَلِّمُنِي ثُمَّ سَكَتَ عَنِّي سِتَّةَ أَشْهُرٍ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ مَسْأَلَتِي إِيَّاهُ قَالَ لِي : يَا أَبَا يَعْقُوبَ أَلَيْسَ تَعْرِفُ فُلَانًا صَدِيقَنَا بِالْفُسْطَاطِ الَّذِي يَجِيئُنَا - وَسَمَّى رَجُلًا - ؟ فَقُلْتُ : بَلَى قَالَ : فَأَخْرَجَ إِلَيَّ مِنْ بَيْتِهِ طَبَقًا فَوْقَهُ مِكَبَّةٌ مَشْدُودٌ بِمِنْدِيلٍ ، فَقَالَ لِي : أَوْصِلْ هَذَا إِلَى مَنْ سَمَّيْتُ لَكَ بِالْفُسْطَاطِ . قَالَ فَأَخَذْتُ الطَّبَقَ لِأُوَدِّيَهُ فَإِذَا طَبَقٌ خَفِيفٌ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ ، فَلَمَّا بَلَغْتُ الْجِسْرَ الَّذِي بَيْنَ الْفُسْطَاطِ وَالْجِيزَةِ قُلْتُ فِي نَفْسِي : ذُو النُّونِ يُوَجِّهُ إِلَى رَجُلٍ بِهَدِيَّةٍ وَهَذَا أَرَى طَبَقًا خَفِيفًا لَأُبْصِرَنَّ أَيَّ شَيْءٍ فِيهِ . قَالَ : فَحَلَلْتُ الْمِنْدِيلَ وَرَفَعْتُ الْمَكَبَّةَ فَإِذَا فَأْرَةٌ قَدْ قَفَزَتْ مِنَ الطَّبَقِ فَمَرَّتْ . قَالَ : فَاغْتَظْتُ وَقُلْتُ إِنَّمَا سَخِرَ بِي ذُو النُّونِ وَلَمْ يَذْهَبْ وَهْمِي إِلَى مَا أَرَادَ فِي الْوَقْتِ ، قَالَ : فَجِئْتُ إِلَيْهِ وَأَنَا مُغْضَبٌ فَلَمَّا رَآنِي تَبَسَّمَ وَعَرَفَ الْقِصَّةَ ، وَقَالَ : يَا مَجْنُونُ ائْتَمَنْتُكَ فِي فَأْرَةٍ فَخُنْتَنِي أَأَئتَمِنُكَ عَلَى اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ ، قُمْ عَنِّي فَارْتَحِلْ وَلَا أَرَاكَ بَعْدَ هَذَا

    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات