سَمِعْتُ ذَا النُّونِ ، يَقُولُ : " بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ ، فِي بَعْضِ سِيَاحَتِي فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ ، حَزِينٍ كَئِيبٍ مُوجِعِ الْقَلْبِ أَسْمَعُ الصَّوْتَ وَلَا أَرَى الشَّخْصَ وَهُوَ يَقُولُ : سُبْحَانَ مُفْنِي الدُّهُورِ ، سُبْحَانَ مُخَرِّبِ الدُّنْيَا ، سُبْحَانَ مُمِيتِ الْقُلُوبِ ، سُبْحَانَ بَاعِثِ مَنْ فِي الْقُبُورِ . فَاتَّبَعْتُ الصَّوْتَ فَإِذَا أَنَا بِنَقْبٍ ، وَإِذَا الصَّوْتُ خَارِجٌ مِنَ النَّقْبِ وَهُوَ يَقُولُ : سُبْحَانَ مَنْ لَا يَسَعُ الْخَلْقَ إِلَّا سَرُّهُ ، سُبْحَانَكَ مَا أَلْطَفَكَ بِمَنْ خَالَفَكَ ، وَأَوْفَاكَ بِعَهْدِكَ ، سُبْحَانَكَ مَا أَحْلَمَكَ عَمَّنْ عَصَاكَ وَخَالَفَ أَمْرَكَ . ثُمَّ قَالَ : سَيِّدِي بِحِلْمِكَ نَطَقْتُ ، وَبِفَضْلِكَ تَكَلَّمْتُ ، وَمَا أَنَا وَالْكَلَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِمَا لَا يَسْتَأْهِلُهُ قَدْرِي فَيَا إِلَهَ مَنْ مَضَى قَبْلِي وَيَا إِلَهَ مَنْ يَكُونُ بَعْدِي ، بِالصَّالِحِينَ فَأَلْحِقْنِي وَلِأَعْمَالِهِمْ فَوَفِّقْنِي . ثُمَّ قَالَ : أَيْنَ الزُّهَّادُ وَالْعُبَّادُ ؟ أَيْنَ الَّذِينَ شُدُّوا مَطَايَاهُمْ إِلَى مَنَازِلَ مَعْرُوفَةٍ ، وَأَعْمَالٍ مَوْصُوفَةٍ ، نَزَلَ بِهِمُ الزَّمَانَ فَأَبْلَاهُمْ ، وَحَلَّ بِهِمُ الْبَلَاءُ فَأَفْنَاهُمْ فَهَلْ أَنْتَظِرُ إِلَّا مِثْلِ الَّذِي حَلَّ بِهِمْ . ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مَا كَانَ فِيهِ . فَقُلْتُ : رَجُلٌ عَزَفَتْ نَفْسُهُ عَنْ كَلَامِ النَّاسِ ، فَانْصَرَفْتُ وَتَرَكْتُهُ بَاكِيًا "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْوَشَّاءُ ، ثنا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ ، قَالَ : سَمِعْتُ ذَا النُّونِ ، يَقُولُ : بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ ، فِي بَعْضِ سِيَاحَتِي فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ ، حَزِينٍ كَئِيبٍ مُوجِعِ الْقَلْبِ أَسْمَعُ الصَّوْتَ وَلَا أَرَى الشَّخْصَ وَهُوَ يَقُولُ : سُبْحَانَ مُفْنِي الدُّهُورِ ، سُبْحَانَ مُخَرِّبِ الدُّنْيَا ، سُبْحَانَ مُمِيتِ الْقُلُوبِ ، سُبْحَانَ بَاعِثِ مَنْ فِي الْقُبُورِ . فَاتَّبَعْتُ الصَّوْتَ فَإِذَا أَنَا بِنَقْبٍ ، وَإِذَا الصَّوْتُ خَارِجٌ مِنَ النَّقْبِ وَهُوَ يَقُولُ : سُبْحَانَ مَنْ لَا يَسَعُ الْخَلْقَ إِلَّا سَرُّهُ ، سُبْحَانَكَ مَا أَلْطَفَكَ بِمَنْ خَالَفَكَ ، وَأَوْفَاكَ بِعَهْدِكَ ، سُبْحَانَكَ مَا أَحْلَمَكَ عَمَّنْ عَصَاكَ وَخَالَفَ أَمْرَكَ . ثُمَّ قَالَ : سَيِّدِي بِحِلْمِكَ نَطَقْتُ ، وَبِفَضْلِكَ تَكَلَّمْتُ ، وَمَا أَنَا وَالْكَلَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِمَا لَا يَسْتَأْهِلُهُ قَدْرِي فَيَا إِلَهَ مَنْ مَضَى قَبْلِي وَيَا إِلَهَ مَنْ يَكُونُ بَعْدِي ، بِالصَّالِحِينَ فَأَلْحِقْنِي وَلِأَعْمَالِهِمْ فَوَفِّقْنِي . ثُمَّ قَالَ : أَيْنَ الزُّهَّادُ وَالْعُبَّادُ ؟ أَيْنَ الَّذِينَ شُدُّوا مَطَايَاهُمْ إِلَى مَنَازِلَ مَعْرُوفَةٍ ، وَأَعْمَالٍ مَوْصُوفَةٍ ، نَزَلَ بِهِمُ الزَّمَانَ فَأَبْلَاهُمْ ، وَحَلَّ بِهِمُ الْبَلَاءُ فَأَفْنَاهُمْ فَهَلْ أَنْتَظِرُ إِلَّا مِثْلِ الَّذِي حَلَّ بِهِمْ . ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مَا كَانَ فِيهِ . فَقُلْتُ : رَجُلٌ عَزَفَتْ نَفْسُهُ عَنْ كَلَامِ النَّاسِ ، فَانْصَرَفْتُ وَتَرَكْتُهُ بَاكِيًا