• 745
  • سَمِعْتُ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ وَسُئِلَ أَيُّ الْحِجَابِ أَخْفَى الَّذِي يَحْتَجِبُ بِهِ الْمُرِيدُ عَنِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : وَيْحَكَ : مُلَاحَظَةُ النَّفْسِ وَتَدْبِيرُهَا ، وَقَالَ ذُو النُّونِ وَقاَلَ بَعْضُهُمْ : عَلِمَ الْقَوْمِ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَاهُمْ عَلَى حَالِ فَاحْتَرَزُو لِلَّهِ عَمَّنْ سِوَاهُ ، فَقَالَ لَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنَ الزُّهَّادِ وَكَانَ حَاضِرًا بِمَجْلِسِهِ ، يُقَالُ لَهُ طَاهِرٌ - يَا أَبَا الْفَيْضِ رَحِمَكَ اللَّهُ بَلْ نَظَرُوا بِعَيْنِ الْيَقِينِ إِلَى مَحْبُوبِ الْقُلُوبِ فَرَأَوْهُ فِي كُلِّ حَالَةٍ مَوْجُودًا ، وَفِي كُلِّ لَمْحَةٍ وَلَحْظَةٍ قَرِيبًا بِكُلِّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ عَلِيمًا ، وَعَلَى كُلِّ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ شَهِيدًا ، وَعَلَى مَكْرُوهٍ وَمَحْبُوبٍ قَائِمًا ، وَعَلى تَقْرِيبِ الْبَعِيدِ وَتَبْعِيِدِ الْقَرِيبِ مُقْتَدِرًا وَلَهُمْ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ وَالْأَعْمَالِ سَائِسًا ، وَلِمَا يُرِيدُهُمْ بِهِ مُوَفِّقًا ، فَاسْتَغْنَوْا بِسَيَاسَتِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَتَقْوِيَتِه عَنْ تَدْبِيرِ أَنْفُسِهِمْ ، وَخَاضُوا الْبِحَارَ وَقَطَعُوا الْقِفَارَ بِرَوْحِ النَّظَرِ إِلَى نَظَرِهِ الْبَهِيجِ ، وَخَرَقُوا الظُّلُمَاتِ بِنُورِ مُشَاهَدِتِه ، وَتَجَرَّعُوا الْمَرَارَاتِ بِحَلَاوَةِ وُجُودِهِ ، وَكَابَدُوا الشَّدَائِدَ وَاحْتَمَلُوا الْأَذَى فِي جَنْبِ قُرْبِهِ وَإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ ، وَخَاطَرُوا بِالنُّفُوسِ فِيمَا يَعْلَمُونَ وَيَحْمِلُونَ ثِقَةً مِنْهُمْ بِاجْتِيَازِهِ ، وَرَضُوا بِمَا يَضَعُهُمْ فِيهِ مِنَ الْأَحْوَالِ مَحَبَّةً مِنْهُمْ لِإِرَادَتِهِ وَمُوَافَقَةً لِرِضَاهُ سَاخِطِينَ عَلَى أَنُفُسِهِمْ مَعْرِفَةً مِنْهُمْ بِحَقِّهِ ، وَاسْتِعْدَادًا لِلْعُقُوبَةِ بِعَدْلِهِ عَلَيْهِمْ ، فَأَدَّاهُمْ ذِلِكَ إِلَى الِابْتِلَاءِ مِنْهُ فَلَمْ تَسَعْ عُقُولُهُمْ وَمَفَاصِلُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ مَحَبَّةً لِغَيْرِهِ ، وَلَمْ تَبْقَ زِنَةُ خَرْدَلَةٍ مِنْهُمْ خَالِيَةً مِنْهُ وَلَا بَاقِيًا فِيهِمْ سِوَاهُ ، فَهُمْ لَهُ بِكُلِّيَّتِهِمْ ، وَهُوَ لَهُمْ حَظُّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَقَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ، وَأَحَبَّهُمْ فَأَحَبُّوهُ ، وَكَانُوا لَهُ وَكَانَ لَهُمْ ، وَآثَرُوهُ وَآثَرَهُمْ ، وَذَكَرُوهُ فَذَكَرَهُمْ {{ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }} فَصَاحَ عِنْدَ ذَلِكَ ذُو النُّونِ وَقَالَ : أَيْنَ هَؤُلَاءِ ؟ وَكَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَيْهِمْ وَكَيْفَ الْمَسْلَكُ ؟ فَصَاحَ بِه : يَا أَبَا الْفَيْضِ الطَّرِيقُ مُسْتَقِيمٌ ، وَالْحُجَّةُ وَاضِحَةٌ ، فَقَالَ لَهُ : صَدَقْتُ وَاللَّهِ يَا أَخِي ، فَالْهَرَبَ إِلَيْهِ وَلَا تُعَرِّجْ إِلَى غَيْرِهِ

    حَدَّثَنَا أَبِي ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَصْقَلَةَ ، ثنا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ وَسُئِلَ أَيُّ الْحِجَابِ أَخْفَى الَّذِي يَحْتَجِبُ بِهِ الْمُرِيدُ عَنِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : وَيْحَكَ : مُلَاحَظَةُ النَّفْسِ وَتَدْبِيرُهَا ، وَقَالَ ذُو النُّونِ وَقاَلَ بَعْضُهُمْ : عَلِمَ الْقَوْمِ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَاهُمْ عَلَى حَالِ فَاحْتَرَزُو لِلَّهِ عَمَّنْ سِوَاهُ ، فَقَالَ لَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنَ الزُّهَّادِ وَكَانَ حَاضِرًا بِمَجْلِسِهِ ، يُقَالُ لَهُ طَاهِرٌ - يَا أَبَا الْفَيْضِ رَحِمَكَ اللَّهُ بَلْ نَظَرُوا بِعَيْنِ الْيَقِينِ إِلَى مَحْبُوبِ الْقُلُوبِ فَرَأَوْهُ فِي كُلِّ حَالَةٍ مَوْجُودًا ، وَفِي كُلِّ لَمْحَةٍ وَلَحْظَةٍ قَرِيبًا بِكُلِّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ عَلِيمًا ، وَعَلَى كُلِّ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ شَهِيدًا ، وَعَلَى مَكْرُوهٍ وَمَحْبُوبٍ قَائِمًا ، وَعَلى تَقْرِيبِ الْبَعِيدِ وَتَبْعِيِدِ الْقَرِيبِ مُقْتَدِرًا وَلَهُمْ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ وَالْأَعْمَالِ سَائِسًا ، وَلِمَا يُرِيدُهُمْ بِهِ مُوَفِّقًا ، فَاسْتَغْنَوْا بِسَيَاسَتِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَتَقْوِيَتِه عَنْ تَدْبِيرِ أَنْفُسِهِمْ ، وَخَاضُوا الْبِحَارَ وَقَطَعُوا الْقِفَارَ بِرَوْحِ النَّظَرِ إِلَى نَظَرِهِ الْبَهِيجِ ، وَخَرَقُوا الظُّلُمَاتِ بِنُورِ مُشَاهَدِتِه ، وَتَجَرَّعُوا الْمَرَارَاتِ بِحَلَاوَةِ وُجُودِهِ ، وَكَابَدُوا الشَّدَائِدَ وَاحْتَمَلُوا الْأَذَى فِي جَنْبِ قُرْبِهِ وَإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ ، وَخَاطَرُوا بِالنُّفُوسِ فِيمَا يَعْلَمُونَ وَيَحْمِلُونَ ثِقَةً مِنْهُمْ بِاجْتِيَازِهِ ، وَرَضُوا بِمَا يَضَعُهُمْ فِيهِ مِنَ الْأَحْوَالِ مَحَبَّةً مِنْهُمْ لِإِرَادَتِهِ وَمُوَافَقَةً لِرِضَاهُ سَاخِطِينَ عَلَى أَنُفُسِهِمْ مَعْرِفَةً مِنْهُمْ بِحَقِّهِ ، وَاسْتِعْدَادًا لِلْعُقُوبَةِ بِعَدْلِهِ عَلَيْهِمْ ، فَأَدَّاهُمْ ذِلِكَ إِلَى الِابْتِلَاءِ مِنْهُ فَلَمْ تَسَعْ عُقُولُهُمْ وَمَفَاصِلُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ مَحَبَّةً لِغَيْرِهِ ، وَلَمْ تَبْقَ زِنَةُ خَرْدَلَةٍ مِنْهُمْ خَالِيَةً مِنْهُ وَلَا بَاقِيًا فِيهِمْ سِوَاهُ ، فَهُمْ لَهُ بِكُلِّيَّتِهِمْ ، وَهُوَ لَهُمْ حَظُّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَقَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ، وَأَحَبَّهُمْ فَأَحَبُّوهُ ، وَكَانُوا لَهُ وَكَانَ لَهُمْ ، وَآثَرُوهُ وَآثَرَهُمْ ، وَذَكَرُوهُ فَذَكَرَهُمْ {{ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }} فَصَاحَ عِنْدَ ذَلِكَ ذُو النُّونِ وَقَالَ : أَيْنَ هَؤُلَاءِ ؟ وَكَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَيْهِمْ وَكَيْفَ الْمَسْلَكُ ؟ فَصَاحَ بِه : يَا أَبَا الْفَيْضِ الطَّرِيقُ مُسْتَقِيمٌ ، وَالْحُجَّةُ وَاضِحَةٌ ، فَقَالَ لَهُ : صَدَقْتُ وَاللَّهِ يَا أَخِي ، فَالْهَرَبَ إِلَيْهِ وَلَا تُعَرِّجْ إِلَى غَيْرِهِ

    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا يوجد رواة
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات