ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ يَقُولُ : " إِلَهِي مَا أُصْغِي إِلَى صَوْتِ حَيَوَانٍ وَلَا حَفِيفِ شَجَرٍ ، وَلَا خَرِيرِ مَاءٍ ، وَلَا تَرَنُّمِ طَائِرٍ ، وَلَا تَنَعُّمِ ظِلٍّ ، وَلَا دَوِيِّ رِيحٍ ، وَلَا قَعْقَعَةِ رَعْدٍ إِلَّا وَجَدْتُهَا شَاهِدَةً بِوَحْدَانِيَّتِكَ دَالَّةً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِكَ شَيْءٌ ، وَأَنَّكَ غَالِبٌ لَا تُغْلَبُ وَعَالِمٌ لَا تَجْهَلُ ، وَحَلِيمٌ لَا تَسْفَهُ ، وَعَدْلٌ لَا تَجُورُ ، وَصَادِقٌ لَا تَكْذِبُ ، إِلَهِي فَإِنِّي أَعْتَرِفُ لَكَ اللَّهُمَّ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ صُنْعُكَ ، وَشَهِدَ لَكَ فِعْلُكَ ، فَهَبْ لِي اللَّهُمَّ طَلَبَ رِضَاكَ بِرِضَايَ وَمَسَرَّةَ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ يَذْكُرُكَ لِمَحَبَّتِي لَكَ ، وَوَقَارَ الطُّمَأْنِينَةِ وَتَطَلُّبَ الْعَزِيمَةِ إِلَيْكَ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُشْبِعُهْ الْوُلُوعُ بِاسْمِكَ وَلَمْ يَرْوِهِ مِنْ ظَمَائِهِ وُرُودُ غُدْرَانِ ذِكْرِكَ ، وَلَمْ يُنْسِهِ جَمِيعَ الْهُمُومِ رِضَاهُ عَنْكَ ، وَلَمْ يُلْهِهِ عَنْ جَمِيعِ الْمَلَاهِيِ تَعْدَادُ آلَائِكَ ، وَلَمْ يَقْطَعْهُ عَنِ الْأُنْسِ بِغَيْرِكَ مَكَانُهُ مِنْكَ كَانَتْ حَيَاتُهُ مِيتَةً ، وَمِيتَتُهُ حَسْرَةً ، وَسُرُورُهُ غُصَّةً وَأُنْسُهُ وَحْشَةً ، إِلَهِي عَرِّفْنِي عُيُوبَ نَفْسِي وَافْضَحْهَا عِنْدِي لَأَتَضَرَّعَ إِلَيْكَ فِي التَّوْفِيقِ لِلتَّنَزُّهِ عَنْهَا ، وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ بَيْنَ يَدَيْكَ خَاضِعًا ذَلِيلًا فِي أَنْ تَغْسِلَنِي مِنْهَا ، وَاجْعَلْنِي مِنْ عِبَادِكَ الَّذِينَ شَهِدَتْ أَبْدَانُهُمْ وَغَابَتْ قُلُوبُهُمْ تَجُولُ فِي مَلَكُوتِكَ وتَتَفَكَّرُ فِي عَجَائِبِ صُنْعِكَ تَرْجِعُ بِفَوَائِدِ مَعْرِفَتِكَ وَعَوَائِدِ إِحْسَانِكَ قَدْ أَلْبَسْتَهُمْ خُلَعَ مَحَبَّتِكَ وَخَلَعْتَ عَنْهُمْ لِبَاسَ التَّزَيُّنِ لِغَيْرِكَ ، إِلَهِي لَا تَتْرُكْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَقْصَى مُرَادِكَ حِجَابًا إِلَّا هَتَكْتَهُ وَلَا حَاجِزًا إِلَّا رَفَعْتَهُ ، وَلَا وَعْرًا إِلَّا سَهَّلْتَهُ وِلَا بَابًا إِلَّا فَتَحْتَهُ حَتَّى تُقِيمَ قَلْبِي بَيْنَ ضِيَاءِ مَعْرِفَتِكَ ، وَتُذِيقَنِي طَعْمَ مَحَبَّتِكَ وَتُبَرِّدَ بِالرِّضَا مِنْكَ فُؤَادِي ، وَجَمِيعَ أَحْوَالِي حَتَّى لَا أَخْتَارَ غَيْرَ مَا تَخْتَارُهُ وَتُجَعِّلَ لِي مَقَامًا بَيْنَ مَقَامَاتِ أَهْلِ وَلَايَتِكَ وَمُضْطَرَبًا فَسِيحًا فِي مَيْدَانِ طَاعَتِكَ ، إِلَهِي كَيْفَ اسْتَرْزِقُ مَنْ لَا يَرْزُقُنِي إِلَّا مِنْ فَضْلِكَ ؟ أَمْ كَيْفَ أُسْخِطُكَ فِي رِضَا مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى ضُرِّي إِلَّا بِتَمْكِينِكَ ، فِيَا مَنْ أَسْأَلُهُ إِينَاسًا بِهِ وَإِيحَاشًا مِنْ خَلْقِهِ وَيَا مَنْ إِلَيْهِ الْتِجَائِي فِي شِدَّتِي وَرَجَائِي ارْحَمْ غُرْبَتِي وَهَبْ لِي مِنَ الْمَعْرِفَةِ مَا أَزْدَادُ بِهِ يَقِينًا ، وَلَا تِكِلْنِي إِلى نَفْسِي الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ طَرْفَةَ عَيْنٍ "
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ النَّيْسَابُورِيُّ ، ثنا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّاشِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ يَقُولُ : إِلَهِي مَا أُصْغِي إِلَى صَوْتِ حَيَوَانٍ وَلَا حَفِيفِ شَجَرٍ ، وَلَا خَرِيرِ مَاءٍ ، وَلَا تَرَنُّمِ طَائِرٍ ، وَلَا تَنَعُّمِ ظِلٍّ ، وَلَا دَوِيِّ رِيحٍ ، وَلَا قَعْقَعَةِ رَعْدٍ إِلَّا وَجَدْتُهَا شَاهِدَةً بِوَحْدَانِيَّتِكَ دَالَّةً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِكَ شَيْءٌ ، وَأَنَّكَ غَالِبٌ لَا تُغْلَبُ وَعَالِمٌ لَا تَجْهَلُ ، وَحَلِيمٌ لَا تَسْفَهُ ، وَعَدْلٌ لَا تَجُورُ ، وَصَادِقٌ لَا تَكْذِبُ ، إِلَهِي فَإِنِّي أَعْتَرِفُ لَكَ اللَّهُمَّ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ صُنْعُكَ ، وَشَهِدَ لَكَ فِعْلُكَ ، فَهَبْ لِي اللَّهُمَّ طَلَبَ رِضَاكَ بِرِضَايَ وَمَسَرَّةَ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ يَذْكُرُكَ لِمَحَبَّتِي لَكَ ، وَوَقَارَ الطُّمَأْنِينَةِ وَتَطَلُّبَ الْعَزِيمَةِ إِلَيْكَ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُشْبِعُهْ الْوُلُوعُ بِاسْمِكَ وَلَمْ يَرْوِهِ مِنْ ظَمَائِهِ وُرُودُ غُدْرَانِ ذِكْرِكَ ، وَلَمْ يُنْسِهِ جَمِيعَ الْهُمُومِ رِضَاهُ عَنْكَ ، وَلَمْ يُلْهِهِ عَنْ جَمِيعِ الْمَلَاهِيِ تَعْدَادُ آلَائِكَ ، وَلَمْ يَقْطَعْهُ عَنِ الْأُنْسِ بِغَيْرِكَ مَكَانُهُ مِنْكَ كَانَتْ حَيَاتُهُ مِيتَةً ، وَمِيتَتُهُ حَسْرَةً ، وَسُرُورُهُ غُصَّةً وَأُنْسُهُ وَحْشَةً ، إِلَهِي عَرِّفْنِي عُيُوبَ نَفْسِي وَافْضَحْهَا عِنْدِي لَأَتَضَرَّعَ إِلَيْكَ فِي التَّوْفِيقِ لِلتَّنَزُّهِ عَنْهَا ، وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ بَيْنَ يَدَيْكَ خَاضِعًا ذَلِيلًا فِي أَنْ تَغْسِلَنِي مِنْهَا ، وَاجْعَلْنِي مِنْ عِبَادِكَ الَّذِينَ شَهِدَتْ أَبْدَانُهُمْ وَغَابَتْ قُلُوبُهُمْ تَجُولُ فِي مَلَكُوتِكَ وتَتَفَكَّرُ فِي عَجَائِبِ صُنْعِكَ تَرْجِعُ بِفَوَائِدِ مَعْرِفَتِكَ وَعَوَائِدِ إِحْسَانِكَ قَدْ أَلْبَسْتَهُمْ خُلَعَ مَحَبَّتِكَ وَخَلَعْتَ عَنْهُمْ لِبَاسَ التَّزَيُّنِ لِغَيْرِكَ ، إِلَهِي لَا تَتْرُكْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَقْصَى مُرَادِكَ حِجَابًا إِلَّا هَتَكْتَهُ وَلَا حَاجِزًا إِلَّا رَفَعْتَهُ ، وَلَا وَعْرًا إِلَّا سَهَّلْتَهُ وِلَا بَابًا إِلَّا فَتَحْتَهُ حَتَّى تُقِيمَ قَلْبِي بَيْنَ ضِيَاءِ مَعْرِفَتِكَ ، وَتُذِيقَنِي طَعْمَ مَحَبَّتِكَ وَتُبَرِّدَ بِالرِّضَا مِنْكَ فُؤَادِي ، وَجَمِيعَ أَحْوَالِي حَتَّى لَا أَخْتَارَ غَيْرَ مَا تَخْتَارُهُ وَتُجَعِّلَ لِي مَقَامًا بَيْنَ مَقَامَاتِ أَهْلِ وَلَايَتِكَ وَمُضْطَرَبًا فَسِيحًا فِي مَيْدَانِ طَاعَتِكَ ، إِلَهِي كَيْفَ اسْتَرْزِقُ مَنْ لَا يَرْزُقُنِي إِلَّا مِنْ فَضْلِكَ ؟ أَمْ كَيْفَ أُسْخِطُكَ فِي رِضَا مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى ضُرِّي إِلَّا بِتَمْكِينِكَ ، فِيَا مَنْ أَسْأَلُهُ إِينَاسًا بِهِ وَإِيحَاشًا مِنْ خَلْقِهِ وَيَا مَنْ إِلَيْهِ الْتِجَائِي فِي شِدَّتِي وَرَجَائِي ارْحَمْ غُرْبَتِي وَهَبْ لِي مِنَ الْمَعْرِفَةِ مَا أَزْدَادُ بِهِ يَقِينًا ، وَلَا تِكِلْنِي إِلى نَفْسِي الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ طَرْفَةَ عَيْنٍ