سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ ، يَقُولُ : " كُنْتُ أَطْلُبُ الشَّعْرَ وَأَنَا صَغِيرٌ ، وَأَكْتُبُ ، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِمَكَّةَ أَوْ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ مَكَّةَ إِذْ سَمِعْتُ صَائِحًا يَقُولُ : يَا مُحَمَّدُ بْنَ إِدْرِيسَ ، عَلَيْكَ بِطَلَبِ الْعِلْمِ ، قَالَ : فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا ، فَرَجَعْتُ , فَكُنْتُ أَطْلُبُ الْعِلْمُ وَأَكْتُبُهُ عَلَى الْخِرَقِ ، وَأَطْرَحُهُ فِي الزِّيرِ ، حَتَّى امْتَلَأَ ، وَكُنْتُ يَتِيمًا ، وَلَمْ يَكُنْ لِأُمِّي شَيْءٌ ، فَوَلِيَ عَمٌّ لِي نَاحِيَةَ الْيَمَنِ عَلَى الْقَضَاءِ ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ ، فَلَمَّا قَدِمْتُ مِنَ الْيَمَنِ ، أَتَيْتُ مُسْلِمَ بْنَ خَالِدٍ الزَّنْجِيَّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلِيَّ السَّلَامَ " ، وَقَالَ أَحَدُهُمْ يَجِيئُنَا حَتَّى إِذَا ظَنَنَّا أَنَّهُ يُصْلِحُ أَفْسَدَ نَفْسَهُ ، قَالَ : " فَسِرْتُ إِلَى سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ " وَقَالَ : قَدْ بَلَغَنِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا كُنْتَ فِيهِ ، وَمَا بَلَغَنِي إِلَّا خَيْرٌ ، فَلَا تَعُدْ . قَالَ : " ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَرَأْتُ الْمُوَطَّأَ عَلَى مَالِكٍ . قَالَ : ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الْعِرَاقِ ، فَصِرْتُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، فَكُنْتُ أُنَاظِرُ أَصْحَابَهُ " قَالَ : " فَشَكَوْنِي إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ " فَقَالُوا : إِنَّ هَذَا الْحِجَازِيَّ يَعِيبُ عَلَيْنَا قَوْلَنَا ، وَيُخَطِّئُنَا . فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ذَلِكَ ، فَقُلْتُ لَهُ : " إِنَّا كُنَّا لَا نَعْرِفُ إِلَّا التَّقْلِيدَ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَيْكُمْ سَمِعْنَاكُمْ تَقُولُونَ : لَا تُقَلِّدُوا ، وَاطْلُبُوا الْحَقَّ وَالْحِجَاجَ " ، فَقَالَ لِي : فَنَاظِرْنِي . فَقُلْتُ : " أُنَاظِرُ بَعْضَ أَصْحَابِكَ ، وَأَنْتَ تَسْمَعُ " ، فَقَالَ : لَا ، إِلَّا أَنَا . قَالَ : فَقُلْتُ : " ذَلِكَ " . قَالَ : فَتَسْأَلُ أَوْ أَسْأَلُ ؟ قُلْتُ : " مَا شِئْتَ " قَالَ : فَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ عَمُودًا فَبَنَى عَلَيْهِ قَصْرًا فَجَاءَهُ مُسْتَحِقٌّ فَاسْتَحَقَّهُ ؟ قُلْتُ : " يُخَيَّرُ بَيْنَ الْعَمُودِ وَبَيْنَ قِيمَتِهِ ، فَإِنِ اخْتَارَ الْعَمُودَ هَدَمَ الْقَصْرَ وَأَخْرَجَ الْعَمُودَ فَرَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ " . قَالَ : فَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ خَشَبَةً فَبَنَى عَلَيْهَا سَفِينَةً ، ثُمَّ لَجَجَ بِهَا فِي الْبَحْرِ ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا ، فَاسْتَحَقَّهَا ؟ قُلْتُ : " تُقْدَمُ إِلَى أَقْرَبِ الْمَرْسَيَيْنِ ، فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ الْخَشَبَةِ ، فَإِنْ أَخَذَ قِيمَتَهَا ، وَإِلَّا نَقَضَ السَّفِينَةَ وَرَدَّ الْخَشَبَةَ إِلَى صَاحِبِهَا " ، قَالَ : فَمَاذَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ خَيْطَ إِبْرَيْسَمٍ ، فَخَاطَ بِهِ جُرْحَهُ ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهُ فَاسْتَحَقَّهُ ؟ قُلْتُ : " لَهُ قِيمَتُهُ " ، فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ أَصْحَابُهُ ، وَقَالُوا : تَرَكْتَ قَوْلَكَ يَا حِجَازِيُّ ، فَقُلْتُ لَهُ : " عَلَى رِسْلِكَ ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْقَصْرِ أَرَادَ أَنْ يَهْدِمَ قَصْرَهُ وَيَرُدَّ الْعَمُودَ إِلَى صَاحِبِهِ وَلَا يعْطِيَهُ قِيمَتَهُ ، كَانَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ ؟ " فَقَالَ : لَا ، فَقُلْتُ : " أَرَأَيْتَ إِنْ صَاحِبُ السَّفِينَةِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ السَّفِينَةَ وَيَرُدَّ الْخَشَبَةَ إِلَى صَاحِبِهَا ، أَكَانَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَمْنَعَهُ ؟ " قَالَ : لَا قُلْتُ : " أَرَأَيْتَ إِنْ صَاحِبُ الْجُرْحِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ جُرْحَهُ ، وَيُخْرِجَ الْخَيْطَ الَّذِي خَاطَ بِهِ الْجُرْحَ ، وَيَرُدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ ، أَكَانَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَمْنَعَهُ ؟ " قَالَ : نَعَمْ . قُلْتُ : " فَكَيْفَ تَقِيسُ مَا هُوَ مَحْظُورٌ بِمَا هُوَ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ دَاوُدَ ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ ، وَرَّاقَ الْحُمَيْدِيِّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ ، يَقُولُ : كُنْتُ أَطْلُبُ الشَّعْرَ وَأَنَا صَغِيرٌ ، وَأَكْتُبُ ، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِمَكَّةَ أَوْ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ مَكَّةَ إِذْ سَمِعْتُ صَائِحًا يَقُولُ : يَا مُحَمَّدُ بْنَ إِدْرِيسَ ، عَلَيْكَ بِطَلَبِ الْعِلْمِ ، قَالَ : فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا ، فَرَجَعْتُ , فَكُنْتُ أَطْلُبُ الْعِلْمُ وَأَكْتُبُهُ عَلَى الْخِرَقِ ، وَأَطْرَحُهُ فِي الزِّيرِ ، حَتَّى امْتَلَأَ ، وَكُنْتُ يَتِيمًا ، وَلَمْ يَكُنْ لِأُمِّي شَيْءٌ ، فَوَلِيَ عَمٌّ لِي نَاحِيَةَ الْيَمَنِ عَلَى الْقَضَاءِ ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ ، فَلَمَّا قَدِمْتُ مِنَ الْيَمَنِ ، أَتَيْتُ مُسْلِمَ بْنَ خَالِدٍ الزَّنْجِيَّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلِيَّ السَّلَامَ ، وَقَالَ أَحَدُهُمْ يَجِيئُنَا حَتَّى إِذَا ظَنَنَّا أَنَّهُ يُصْلِحُ أَفْسَدَ نَفْسَهُ ، قَالَ : فَسِرْتُ إِلَى سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ وَقَالَ : قَدْ بَلَغَنِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا كُنْتَ فِيهِ ، وَمَا بَلَغَنِي إِلَّا خَيْرٌ ، فَلَا تَعُدْ . قَالَ : ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَرَأْتُ الْمُوَطَّأَ عَلَى مَالِكٍ . قَالَ : ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الْعِرَاقِ ، فَصِرْتُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، فَكُنْتُ أُنَاظِرُ أَصْحَابَهُ قَالَ : فَشَكَوْنِي إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فَقَالُوا : إِنَّ هَذَا الْحِجَازِيَّ يَعِيبُ عَلَيْنَا قَوْلَنَا ، وَيُخَطِّئُنَا . فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ذَلِكَ ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّا كُنَّا لَا نَعْرِفُ إِلَّا التَّقْلِيدَ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَيْكُمْ سَمِعْنَاكُمْ تَقُولُونَ : لَا تُقَلِّدُوا ، وَاطْلُبُوا الْحَقَّ وَالْحِجَاجَ ، فَقَالَ لِي : فَنَاظِرْنِي . فَقُلْتُ : أُنَاظِرُ بَعْضَ أَصْحَابِكَ ، وَأَنْتَ تَسْمَعُ ، فَقَالَ : لَا ، إِلَّا أَنَا . قَالَ : فَقُلْتُ : ذَلِكَ . قَالَ : فَتَسْأَلُ أَوْ أَسْأَلُ ؟ قُلْتُ : مَا شِئْتَ قَالَ : فَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ عَمُودًا فَبَنَى عَلَيْهِ قَصْرًا فَجَاءَهُ مُسْتَحِقٌّ فَاسْتَحَقَّهُ ؟ قُلْتُ : يُخَيَّرُ بَيْنَ الْعَمُودِ وَبَيْنَ قِيمَتِهِ ، فَإِنِ اخْتَارَ الْعَمُودَ هَدَمَ الْقَصْرَ وَأَخْرَجَ الْعَمُودَ فَرَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ . قَالَ : فَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ خَشَبَةً فَبَنَى عَلَيْهَا سَفِينَةً ، ثُمَّ لَجَجَ بِهَا فِي الْبَحْرِ ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا ، فَاسْتَحَقَّهَا ؟ قُلْتُ : تُقْدَمُ إِلَى أَقْرَبِ الْمَرْسَيَيْنِ ، فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ الْخَشَبَةِ ، فَإِنْ أَخَذَ قِيمَتَهَا ، وَإِلَّا نَقَضَ السَّفِينَةَ وَرَدَّ الْخَشَبَةَ إِلَى صَاحِبِهَا ، قَالَ : فَمَاذَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ خَيْطَ إِبْرَيْسَمٍ ، فَخَاطَ بِهِ جُرْحَهُ ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهُ فَاسْتَحَقَّهُ ؟ قُلْتُ : لَهُ قِيمَتُهُ ، فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ أَصْحَابُهُ ، وَقَالُوا : تَرَكْتَ قَوْلَكَ يَا حِجَازِيُّ ، فَقُلْتُ لَهُ : عَلَى رِسْلِكَ ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْقَصْرِ أَرَادَ أَنْ يَهْدِمَ قَصْرَهُ وَيَرُدَّ الْعَمُودَ إِلَى صَاحِبِهِ وَلَا يعْطِيَهُ قِيمَتَهُ ، كَانَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : لَا ، فَقُلْتُ : أَرَأَيْتَ إِنْ صَاحِبُ السَّفِينَةِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ السَّفِينَةَ وَيَرُدَّ الْخَشَبَةَ إِلَى صَاحِبِهَا ، أَكَانَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَمْنَعَهُ ؟ قَالَ : لَا قُلْتُ : أَرَأَيْتَ إِنْ صَاحِبُ الْجُرْحِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ جُرْحَهُ ، وَيُخْرِجَ الْخَيْطَ الَّذِي خَاطَ بِهِ الْجُرْحَ ، وَيَرُدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ ، أَكَانَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَمْنَعَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قُلْتُ : فَكَيْفَ تَقِيسُ مَا هُوَ مَحْظُورٌ بِمَا هُوَ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ