إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ مَوْلَاهُ : " أَمَا بَعْدَ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ إِنَّهُ جَاءَنِي كِتَابُكَ فَوَصَلَكَ اللَّهُ تَذْكُرُ مَا جَرَى بَيْنَنَا فَمَنْ رَعَى حَقَّ اللَّهِ وَفَرَّ حَظَّهُ وَسَلِمَ مِنْهُ النَّاسُ وَمَنْ تَرَكَ حَظَّهُ ولَمْ يُرَاقِبْ حَقَّهُ وَلِعَ بِهِ النَّاسُ وَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ وَلَا حَوْلَ لَنَا وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ نَاسٌ مِثْلُكُمْ يَغْضَبُونَ وَيَرْضَوْنَ فَكَانَ الَّذِي يَقُومُهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ وَبِهِ يَقْنَعُونَ وَبِهِ يَأْخُذُونَ وَبِهِ يعْطُونَ فَأَثْنَى عَلَيْهِمْ أَحْسَنَ الثَّنَاءِ فَاقْتَدُوا بِآثَارِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ حَتَّى أَنْتُمْ عَلَى مِلَّتِهِمْ , وَتَمَنُّونَ مَنَازِلَهُمْ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْسَنَ إِلَيْنَا وَأَبْقَانَا بَعْدَ الْجِيرَانِ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ يَكُونَ إِبْقَاؤُنَا لِشَرٍّ , فَإِنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مَكْرُهُ , وَالْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ , وَإِنَّهُ مَنْ خَافَهُ لَمْ يَصْنَعْ مَا يُحِبُّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِمَا يَشْتَهِي وَيَنْبَغِي لِصَاحِبِ الدِّينِ أَنْ يَرْجُوَ فِي الْكَلَامِ مَا يَرْجُو فِي الْفِعْلِ وَأَنْ يَخَافَ مِنْهُ مَا يَخَافُ مِنَ الْفِعْلِ , وَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ , فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَكَ أَحَدٌ هُوَ آثَرُ مِنَ اللَّهِ فَرَاقَبَهُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى وَيَغْفِرُ وَيُعَذِّبُ وَلَا مَنْجَا مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُفَّ عَمَّا لَا يَعْنِيكَ وَأَنْ تَنْظُرَ لِنَفْسِكَ فَإِنَّهُ لَا يَسْعَى لَكَ غَيْرُكَ , إِنَّ النَّاسَ قَدْ طَلَبُوا الدُّنْيَا بِالْغَضَبِ وَالرِّضَا فَلَمْ يَنَالُوا مِنْهَا حَاجَتَهُمْ وَأَنَّهُ مَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ كَانَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ , لَا يُخْدَعُ مِنْ ذُلِّهَا وَلَا يُنَازِعُهُمْ فِي عِزِّهَا هُوَ مِنْ نَفْسِهِ فِي شُغُلٍ , وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ فَاتَّقِ اللَّهَ وَعَلَيْكَ بِالسَّدَادِ ، مَنْ مَضَى إِنَّمَا قَدِمُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ وَلَمْ يَقْدُمُوا عَلَى الشُّرَفِ وَالصَّوْتِ وَالذَّكَرِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَى إِلَّا عَدْلًا , أَعَانَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ عَلَى مَا خُلِقْنَا لَهُ وَبَارَكَ لَنَا وَلَكُمْ فِي بَقِيَّةِ الْعُمُرِ فَمَا شَاءَ اللَّهُ . وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُ مِنْ أَمْرِ الْقَصَرِ فَلَا تَشُقُّوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِنْ جَاءَكُمْ أَمْرٌ فِي عَافِيَةٍ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَإِنْ كَانَتْ بَلِيَّةٌ فَلَا تَعْدِلُوا بِالسَّلَامةِ فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ مِنْ أَمْرِهِ مَا لَا يَنْبَغِي أَحَقُّ بِالْجَزَعِ مِنْكُمْ , إِنَّا قَدْ أَيْقَنَّا أَنَّ النَّاسَ ، لَا يَذْهَبُونَ بِحُقُوقِ النَّاسِ وَاللَّهُ مُعْطٍ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَسَعْيُ النَّاسِ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ وَالْجَزَاءُ غَدًا , فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تَلْقَوُا اللَّهَ بِمَظَالِمَ فَأَمَّا مَا ظُلِمْتُمْ فَلَا تَخَافُوا الْغَلَبَةَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ , فَمَنْ عَلِمَ أَنَّ الْأُمُورَ هَكَذَا فَلْيُكَبِّرْ عَلَى نَفْسِهِ وَلْيَقْضِ مَا عَلَيْهَا فَإِنَّ غَدًا أَشَدُّهُ وَأَضَرُّهُ , حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ , وَأَمَّا مَنْ بَقِيَ مِنْ بَقِيَّةِ الْجِيرَانِ فَأَقْرِئْهُمُ السَّلَامَ فَقَدْ طَالَ الْعَهْدُ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ , ثنا أَحْمَدُ , ثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ , ثنا يُونُسُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ ، قَالَ : قَرَأْتُ كِتَابَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ مَوْلَاهُ : أَمَا بَعْدَ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ إِنَّهُ جَاءَنِي كِتَابُكَ فَوَصَلَكَ اللَّهُ تَذْكُرُ مَا جَرَى بَيْنَنَا فَمَنْ رَعَى حَقَّ اللَّهِ وَفَرَّ حَظَّهُ وَسَلِمَ مِنْهُ النَّاسُ وَمَنْ تَرَكَ حَظَّهُ ولَمْ يُرَاقِبْ حَقَّهُ وَلِعَ بِهِ النَّاسُ وَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ وَلَا حَوْلَ لَنَا وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ نَاسٌ مِثْلُكُمْ يَغْضَبُونَ وَيَرْضَوْنَ فَكَانَ الَّذِي يَقُومُهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ وَبِهِ يَقْنَعُونَ وَبِهِ يَأْخُذُونَ وَبِهِ يعْطُونَ فَأَثْنَى عَلَيْهِمْ أَحْسَنَ الثَّنَاءِ فَاقْتَدُوا بِآثَارِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ حَتَّى أَنْتُمْ عَلَى مِلَّتِهِمْ , وَتَمَنُّونَ مَنَازِلَهُمْ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْسَنَ إِلَيْنَا وَأَبْقَانَا بَعْدَ الْجِيرَانِ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ يَكُونَ إِبْقَاؤُنَا لِشَرٍّ , فَإِنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مَكْرُهُ , وَالْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ , وَإِنَّهُ مَنْ خَافَهُ لَمْ يَصْنَعْ مَا يُحِبُّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِمَا يَشْتَهِي وَيَنْبَغِي لِصَاحِبِ الدِّينِ أَنْ يَرْجُوَ فِي الْكَلَامِ مَا يَرْجُو فِي الْفِعْلِ وَأَنْ يَخَافَ مِنْهُ مَا يَخَافُ مِنَ الْفِعْلِ , وَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ , فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَكَ أَحَدٌ هُوَ آثَرُ مِنَ اللَّهِ فَرَاقَبَهُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى وَيَغْفِرُ وَيُعَذِّبُ وَلَا مَنْجَا مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُفَّ عَمَّا لَا يَعْنِيكَ وَأَنْ تَنْظُرَ لِنَفْسِكَ فَإِنَّهُ لَا يَسْعَى لَكَ غَيْرُكَ , إِنَّ النَّاسَ قَدْ طَلَبُوا الدُّنْيَا بِالْغَضَبِ وَالرِّضَا فَلَمْ يَنَالُوا مِنْهَا حَاجَتَهُمْ وَأَنَّهُ مَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ كَانَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ , لَا يُخْدَعُ مِنْ ذُلِّهَا وَلَا يُنَازِعُهُمْ فِي عِزِّهَا هُوَ مِنْ نَفْسِهِ فِي شُغُلٍ , وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ فَاتَّقِ اللَّهَ وَعَلَيْكَ بِالسَّدَادِ ، مَنْ مَضَى إِنَّمَا قَدِمُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ وَلَمْ يَقْدُمُوا عَلَى الشُّرَفِ وَالصَّوْتِ وَالذَّكَرِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَى إِلَّا عَدْلًا , أَعَانَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ عَلَى مَا خُلِقْنَا لَهُ وَبَارَكَ لَنَا وَلَكُمْ فِي بَقِيَّةِ الْعُمُرِ فَمَا شَاءَ اللَّهُ . وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُ مِنْ أَمْرِ الْقَصَرِ فَلَا تَشُقُّوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِنْ جَاءَكُمْ أَمْرٌ فِي عَافِيَةٍ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَإِنْ كَانَتْ بَلِيَّةٌ فَلَا تَعْدِلُوا بِالسَّلَامةِ فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ مِنْ أَمْرِهِ مَا لَا يَنْبَغِي أَحَقُّ بِالْجَزَعِ مِنْكُمْ , إِنَّا قَدْ أَيْقَنَّا أَنَّ النَّاسَ ، لَا يَذْهَبُونَ بِحُقُوقِ النَّاسِ وَاللَّهُ مُعْطٍ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَسَعْيُ النَّاسِ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ وَالْجَزَاءُ غَدًا , فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تَلْقَوُا اللَّهَ بِمَظَالِمَ فَأَمَّا مَا ظُلِمْتُمْ فَلَا تَخَافُوا الْغَلَبَةَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ , فَمَنْ عَلِمَ أَنَّ الْأُمُورَ هَكَذَا فَلْيُكَبِّرْ عَلَى نَفْسِهِ وَلْيَقْضِ مَا عَلَيْهَا فَإِنَّ غَدًا أَشَدُّهُ وَأَضَرُّهُ , حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ , وَأَمَّا مَنْ بَقِيَ مِنْ بَقِيَّةِ الْجِيرَانِ فَأَقْرِئْهُمُ السَّلَامَ فَقَدْ طَالَ الْعَهْدُ