حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ جَدِّي ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُعْرَفُ بِمُحَمَّدِ بْنِ حِمْيَرٍ , وَكَانَ رَجُلًا مَعَهُ وَرَعٌ , يَصُومُ النَّهَارَ , وَيَقُومُ اللَّيْلَ , وَكَانَ مُبْتَلًى بِالقَنْصِ , فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ يَتَصَيَّدُ , إِذْ عَرَضَتْ لَهُ حَيَّةٌ فَقَالَتْ لَهُ : يَا مُحَمَّدُ بْنَ حِمْيَرٍ ، أَجِرْنِي أَجَارَكَ اللَّهُ قَالَ لَهَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ : مِمَّنْ ؟ قَالَتْ : مِنْ عَدُوِّي قَدْ طَلَبَنِي , قَالَ : وَأَيْنَ عَدُوُّكِ ؟ قَالَتْ لَهُ : مِنْ وَرَائِي , قَالَ : مِنْ أَيِّ أُمَّةٍ أَنْتِ ؟ قَالَتْ : مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , قَالَ : فَفَتَحْتُ رِدَائِي فَقُلْتُ : ادْخُلِي فِيهِ , فَقَالَتْ : يَرَانِي عَدُوِّي , قَالَ : فَشِلْتُ طِمْرِي فَقُلْتُ : ادْخُلِي بَيْنَ أَطْمَارِي وَبَطْنِي , قَالَتْ : يَرَانِي عَدُوِّي , قُلْتُ لَهَا : فَمَا الَّذِي أَصْنَعُ بِكِ ؟ قَالَتْ : إِنْ أَرَدْتَ اصْطِنَاعَ الْمَعْرُوفَ فَافْتَحْ لِي فَاكَ حَتَّى أَنْسَابَ فِيهِ , قَالَ : أَخْشَى أَنْ تَقْتُلِينِي , قَالَتْ : لَا وَاللَّهِ , لَا أَقْتُلُكَ , اللَّهُ شَاهِدٌ عَلَيَّ بِذَلِكَ وَمَلَائِكَتُهُ , وَأَنْبِيَاؤُهُ وَحَمَلَةُ عَرْشِهِ , وَسُكَّانُ سَمَاوَاتِهِ إِنْ أَنَا قَتَلْتُكَ , قَالَ مُحَمَّدٌ : فَاطْمَأْنَنْتُ إِلَى يَمِينِهَا , فَفَتَحْتُ فَمِي فَانْسَابَتْ فِيهِ , ثُمَّ مَضَيْتُ إِذْ عَارَضَنِي رَجُلٌ وَمَعَهُ صَمْصَامَةٌ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ , قُلْتُ : مَا تَشَاءُ ؟ قَالَ : لَقِيتَ عَدُوِّي ؟ قُلْتُ : وَمَا عَدُوُّكَ ؟ قَالَ : حَيَّةٌ , قُلْتُ : اللَّهُمَّ لَا , وَاسْتَغْفَرْتُ رَبِّي مِنْ قَوْلِي لَا مِائَةَ مَرَّةٍ , وَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ هِيَ , ثُمَّ مَضَيْتُ أَقُولُ ذَلِكَ إِذْ قَدْ أَخْرَجَتْ رَأْسَهَا مِنْ فَمِي , ثُمَّ قَالَتِ : انْظُرْ مَضَى هَذَا الْعَدُوُّ ؟ فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ إِنْسَانًا , فَقُلْتُ : لَيْسَ أَرَى إِنْسَانًا , إِنْ أَرَدْتِ أَنْ تَخْرُجِي , فَاخْرُجِي , قَالَتِ : انْظُرْ مَلِيًّا , قَالَ مُحَمَّدٌ : فَرَمَيْتُ حَمَالِيقَ عَيْنِي فِي الصَّحْرَاءِ , فَلَمْ أَرَ شَبَحًا وَلَا شَخْصًا وَلَا إِنْسَانًا , فَقُلْتُ : إِنْ أَرَدْتِ أَنْ تَخْرُجِي فَاخْرُجِي , فَلَيْسَ أَرَى إِنْسَانًا , قَالَتِ : الْآنَ يَا مُحَمَّدُ , اخْتَرْ وَاحِدَةً مِنِ اثْنَتَيْنِ ؟ قُلْتُ : وَمَا هِيَ ؟ قَالَتْ : إِمَّا أَنْ أَنْكُتَ كَبِدَكَ فَأَفَتِّتُهَا فِي جَوْفِكَ , أَوْ أَنْكُتَكَ نَكْتَةً فَأَطْرَحَ جَسَدَكَ بِلَا رُوحٍ , قَالَ : قُلْتُ : يَا سُبْحَانَ اللَّهِ أَيْنَ الْعَهْدُ الَّذِي عَهِدْتِ إِلَيَّ ؟ أَيْنَ الْعَهْدُ الَّذِي عَاهَدْتِنِيهِ ؟ وَالْيَمِينُ الَّذِي حَلَفْتِ لِي ؟ مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيتِيهِ قَالَتْ لَهُ : يَا مُحَمَّدُ , لِمَ نَسِيتَ الْعَدَاوَةَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِيكَ آدَمَ , حَيْثُ أَضْلَلْتُهُ وَأَخْرَجْتُهُ مِنَ الْجَنَّةِ ؟ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ طَلَبْتُ اصْطِنَاعَ الْمَعْرُوفِ , قَالَ : فَقُلْتُ لَهَا : وَلَيْسَ بُدٌّ مِنْ أَنْ تَقْتُلِينِي ؟ قَالَتْ : وَاللَّهِ إِنْ كَانَ بُدٌّ مِنْ قَتْلِكَ قُلْتُ لَهَا : فَأَمْهِلِينِي حَتَّى أَصِيرَ إِلَى تَحْتِ هَذَا الْجَبَلِ فَأَمْهَدَ لِنَفْسِي مَوْضِعًا , قَالَتْ : شَأْنَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ : فَمَضَيْتُ أُرِيدُ الْجَبَلَ وَقَدْ أَيِسْتُ مِنَ الْحَيَاةِ , إِذْ رَمَيْتُ حَمَالِيقَ عَيْنِي نَحْوَ الْعَرْشِ , ثُمَّ قُلْتُ : يَا لَطِيفَ الْطُفْ بِلُطْفِكَ الْخَفِيِّ يَا لَطِيفُ , بِالْقُدْرَةِ الَّتِي اسْتَوَيْتَ بِهَا عَلَى عَرْشِكَ , فَلَمْ يَعْلَمِ الْعَرْشُ أَيْنَ مُسْتَقَرُّكَ مِنْهُ إِلَّا كَفَيْتَنِيهَا ثُمَّ مَشَيْتُ , فَعَارَضَنِي رَجُلٌ صَالِحٌ صُبَيْحُ الْوَجْهِ , طَيِّبُ الرَّائِحَةِ , نَقِيٌّ مِنَ الدَّرَنِ , فَقَالَ لِي : سَلَامٌ عَلَيْكُمْ , فَقُلْتُ : وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَخِي , قَالَ : مَا لِي أَرَاكَ قَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُكَ ؟ فَقُلْتُ : يَا أَخِي مِنْ عَدُوٍّ قَدْ ظَلَمَنِي , قَالَ : وَأَيْنَ عَدُوُّكَ ؟ قُلْتُ : فِي جَوْفِي , قَالَ لِي : افْتَحْ فَاكَ , فَفَتَحْتُ فَمِي , فَوَضَعَ فِيهِ مِثْلَ وَرَقَةِ زَيْتُونَةٍ خَضْرَاءَ , ثُمَّ قَالَ : امْضُغْ , وَابْلَعْ , فَمَضَغْتُ وَبَلَعْتُ , قَالَ مُحَمَّدٌ : فَلَمْ أَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى مَغَصَتْنِي بَطْنِي , فَرَمَيْتُ بِهَا مِنْ أَسْفَلَ قِطْعَةً قِطْعَةً , فَتَعَلَّقْتُ بِالرَّجُلِ ثُمَّ قُلْتُ : يَا أَخِي , أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ بِكَ , فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ : أَلَا تَعْرِفُنِي ؟ قُلْتُ : اللَّهُمَّ لَا , قَالَ : يَا مُحَمَّدُ بْنَ حِمْيَرٍ : إِنَّهُ لَمَّا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْحَيَّةِ مَا كَانَ , وَدَعَوْتَ بِذَلِكَ الدُّعَاءِ ضَجَّتْ مَلَائِكَةُ السَّبْعِ سَمَاوَاتٍ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَقَالَ اللَّهُ : وَعِزَّتِي وَجَلَالِي , وَجُودِي وَارْتِفَاعِي فِي عُلُوِّ مَكَانِي , قَدْ كَانَ بِعَيْنَيَّ كُلُّ مَا فَعَلَتِ الْحَيَّةُ بِعَبْدِي , فَأَمَرَنِي اللَّهُ - وَأَنَا الَّذِي يُقَالُ لِيَ الْمَعْرُوفُ , مُسْتَقَرِّي فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ - أَنِ انْطَلِقْ إِلَى الْجَنَّةِ فَخُذْ طَاقَةً خَضْرَاءَ , فَالْحَقْ بِهَا عَبْدِي مُحَمَّدَ بْنَ حِمْيَرٍ , يَا ابْنَ حِمْيَرٍ عَلَيْكَ بِاصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ , فَإِنَّهُ يَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ , وَإِنَّهُ إِنْ ضَيَّعَهُ الْمُصْطَنَعُ إِلَيْهِ لَمْ يَضِعْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ أَبُو طَاهِرٍ ، ثنا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ السُّلَمِيُّ الْمُقْرِي ، بِالرَّافِقَةِ ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْعَلَاءِ ، - أَخُو هِلَالٍ - ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ ، قَالَ : كُنْتُ فِي مَجْلِسِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ , وَكَانَ فِي مَجْلِسِهِ أَلْفُ رَجُلٍ , يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ , فَالْتَفَتَ فِي آخِرِ مَجْلِسِهِ إِلَى رَجُلٍ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ ، فَقَالَ : قُمْ فَحَدِّثِ النَّاسَ بِحَدِيثِ الْحَيَّةِ , فَقَالَ الرَّجُلُ : أَسْنِدُونِي , فَأَسْنَدْنَاهُ , وَسَالَتْ جُفُونُ عَيْنَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : أَلَا فَاسْمَعُوا وَعُوا , حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ جَدِّي ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُعْرَفُ بِمُحَمَّدِ بْنِ حِمْيَرٍ , وَكَانَ رَجُلًا مَعَهُ وَرَعٌ , يَصُومُ النَّهَارَ , وَيَقُومُ اللَّيْلَ , وَكَانَ مُبْتَلًى بِالقَنْصِ , فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ يَتَصَيَّدُ , إِذْ عَرَضَتْ لَهُ حَيَّةٌ فَقَالَتْ لَهُ : يَا مُحَمَّدُ بْنَ حِمْيَرٍ ، أَجِرْنِي أَجَارَكَ اللَّهُ قَالَ لَهَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ : مِمَّنْ ؟ قَالَتْ : مِنْ عَدُوِّي قَدْ طَلَبَنِي , قَالَ : وَأَيْنَ عَدُوُّكِ ؟ قَالَتْ لَهُ : مِنْ وَرَائِي , قَالَ : مِنْ أَيِّ أُمَّةٍ أَنْتِ ؟ قَالَتْ : مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , قَالَ : فَفَتَحْتُ رِدَائِي فَقُلْتُ : ادْخُلِي فِيهِ , فَقَالَتْ : يَرَانِي عَدُوِّي , قَالَ : فَشِلْتُ طِمْرِي فَقُلْتُ : ادْخُلِي بَيْنَ أَطْمَارِي وَبَطْنِي , قَالَتْ : يَرَانِي عَدُوِّي , قُلْتُ لَهَا : فَمَا الَّذِي أَصْنَعُ بِكِ ؟ قَالَتْ : إِنْ أَرَدْتَ اصْطِنَاعَ الْمَعْرُوفَ فَافْتَحْ لِي فَاكَ حَتَّى أَنْسَابَ فِيهِ , قَالَ : أَخْشَى أَنْ تَقْتُلِينِي , قَالَتْ : لَا وَاللَّهِ , لَا أَقْتُلُكَ , اللَّهُ شَاهِدٌ عَلَيَّ بِذَلِكَ وَمَلَائِكَتُهُ , وَأَنْبِيَاؤُهُ وَحَمَلَةُ عَرْشِهِ , وَسُكَّانُ سَمَاوَاتِهِ إِنْ أَنَا قَتَلْتُكَ , قَالَ مُحَمَّدٌ : فَاطْمَأْنَنْتُ إِلَى يَمِينِهَا , فَفَتَحْتُ فَمِي فَانْسَابَتْ فِيهِ , ثُمَّ مَضَيْتُ إِذْ عَارَضَنِي رَجُلٌ وَمَعَهُ صَمْصَامَةٌ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ , قُلْتُ : مَا تَشَاءُ ؟ قَالَ : لَقِيتَ عَدُوِّي ؟ قُلْتُ : وَمَا عَدُوُّكَ ؟ قَالَ : حَيَّةٌ , قُلْتُ : اللَّهُمَّ لَا , وَاسْتَغْفَرْتُ رَبِّي مِنْ قَوْلِي لَا مِائَةَ مَرَّةٍ , وَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ هِيَ , ثُمَّ مَضَيْتُ أَقُولُ ذَلِكَ إِذْ قَدْ أَخْرَجَتْ رَأْسَهَا مِنْ فَمِي , ثُمَّ قَالَتِ : انْظُرْ مَضَى هَذَا الْعَدُوُّ ؟ فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ إِنْسَانًا , فَقُلْتُ : لَيْسَ أَرَى إِنْسَانًا , إِنْ أَرَدْتِ أَنْ تَخْرُجِي , فَاخْرُجِي , قَالَتِ : انْظُرْ مَلِيًّا , قَالَ مُحَمَّدٌ : فَرَمَيْتُ حَمَالِيقَ عَيْنِي فِي الصَّحْرَاءِ , فَلَمْ أَرَ شَبَحًا وَلَا شَخْصًا وَلَا إِنْسَانًا , فَقُلْتُ : إِنْ أَرَدْتِ أَنْ تَخْرُجِي فَاخْرُجِي , فَلَيْسَ أَرَى إِنْسَانًا , قَالَتِ : الْآنَ يَا مُحَمَّدُ , اخْتَرْ وَاحِدَةً مِنِ اثْنَتَيْنِ ؟ قُلْتُ : وَمَا هِيَ ؟ قَالَتْ : إِمَّا أَنْ أَنْكُتَ كَبِدَكَ فَأَفَتِّتُهَا فِي جَوْفِكَ , أَوْ أَنْكُتَكَ نَكْتَةً فَأَطْرَحَ جَسَدَكَ بِلَا رُوحٍ , قَالَ : قُلْتُ : يَا سُبْحَانَ اللَّهِ أَيْنَ الْعَهْدُ الَّذِي عَهِدْتِ إِلَيَّ ؟ أَيْنَ الْعَهْدُ الَّذِي عَاهَدْتِنِيهِ ؟ وَالْيَمِينُ الَّذِي حَلَفْتِ لِي ؟ مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيتِيهِ قَالَتْ لَهُ : يَا مُحَمَّدُ , لِمَ نَسِيتَ الْعَدَاوَةَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِيكَ آدَمَ , حَيْثُ أَضْلَلْتُهُ وَأَخْرَجْتُهُ مِنَ الْجَنَّةِ ؟ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ طَلَبْتُ اصْطِنَاعَ الْمَعْرُوفِ , قَالَ : فَقُلْتُ لَهَا : وَلَيْسَ بُدٌّ مِنْ أَنْ تَقْتُلِينِي ؟ قَالَتْ : وَاللَّهِ إِنْ كَانَ بُدٌّ مِنْ قَتْلِكَ قُلْتُ لَهَا : فَأَمْهِلِينِي حَتَّى أَصِيرَ إِلَى تَحْتِ هَذَا الْجَبَلِ فَأَمْهَدَ لِنَفْسِي مَوْضِعًا , قَالَتْ : شَأْنَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ : فَمَضَيْتُ أُرِيدُ الْجَبَلَ وَقَدْ أَيِسْتُ مِنَ الْحَيَاةِ , إِذْ رَمَيْتُ حَمَالِيقَ عَيْنِي نَحْوَ الْعَرْشِ , ثُمَّ قُلْتُ : يَا لَطِيفَ الْطُفْ بِلُطْفِكَ الْخَفِيِّ يَا لَطِيفُ , بِالْقُدْرَةِ الَّتِي اسْتَوَيْتَ بِهَا عَلَى عَرْشِكَ , فَلَمْ يَعْلَمِ الْعَرْشُ أَيْنَ مُسْتَقَرُّكَ مِنْهُ إِلَّا كَفَيْتَنِيهَا ثُمَّ مَشَيْتُ , فَعَارَضَنِي رَجُلٌ صَالِحٌ صُبَيْحُ الْوَجْهِ , طَيِّبُ الرَّائِحَةِ , نَقِيٌّ مِنَ الدَّرَنِ , فَقَالَ لِي : سَلَامٌ عَلَيْكُمْ , فَقُلْتُ : وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَخِي , قَالَ : مَا لِي أَرَاكَ قَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُكَ ؟ فَقُلْتُ : يَا أَخِي مِنْ عَدُوٍّ قَدْ ظَلَمَنِي , قَالَ : وَأَيْنَ عَدُوُّكَ ؟ قُلْتُ : فِي جَوْفِي , قَالَ لِي : افْتَحْ فَاكَ , فَفَتَحْتُ فَمِي , فَوَضَعَ فِيهِ مِثْلَ وَرَقَةِ زَيْتُونَةٍ خَضْرَاءَ , ثُمَّ قَالَ : امْضُغْ , وَابْلَعْ , فَمَضَغْتُ وَبَلَعْتُ , قَالَ مُحَمَّدٌ : فَلَمْ أَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى مَغَصَتْنِي بَطْنِي , فَرَمَيْتُ بِهَا مِنْ أَسْفَلَ قِطْعَةً قِطْعَةً , فَتَعَلَّقْتُ بِالرَّجُلِ ثُمَّ قُلْتُ : يَا أَخِي , أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ بِكَ , فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ : أَلَا تَعْرِفُنِي ؟ قُلْتُ : اللَّهُمَّ لَا , قَالَ : يَا مُحَمَّدُ بْنَ حِمْيَرٍ : إِنَّهُ لَمَّا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْحَيَّةِ مَا كَانَ , وَدَعَوْتَ بِذَلِكَ الدُّعَاءِ ضَجَّتْ مَلَائِكَةُ السَّبْعِ سَمَاوَاتٍ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَقَالَ اللَّهُ : وَعِزَّتِي وَجَلَالِي , وَجُودِي وَارْتِفَاعِي فِي عُلُوِّ مَكَانِي , قَدْ كَانَ بِعَيْنَيَّ كُلُّ مَا فَعَلَتِ الْحَيَّةُ بِعَبْدِي , فَأَمَرَنِي اللَّهُ - وَأَنَا الَّذِي يُقَالُ لِيَ الْمَعْرُوفُ , مُسْتَقَرِّي فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ - أَنِ انْطَلِقْ إِلَى الْجَنَّةِ فَخُذْ طَاقَةً خَضْرَاءَ , فَالْحَقْ بِهَا عَبْدِي مُحَمَّدَ بْنَ حِمْيَرٍ , يَا ابْنَ حِمْيَرٍ عَلَيْكَ بِاصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ , فَإِنَّهُ يَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ , وَإِنَّهُ إِنْ ضَيَّعَهُ الْمُصْطَنَعُ إِلَيْهِ لَمْ يَضِعْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ