ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَسَّانَ ، قَالَ : كُنَّا يَوْمًا عِنْدَ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ وَيَعِظُ ، فَقَالَ لِرَجُلٍ حَدَثٍ بَيْنَ يَدَيْهِ : اقْرَأْ يَا بُنَيَّ فَقَرَأَ الرَّجُلُ : {{ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ }} فَقَطَعَ عَلَيْهِ صَالِحٌ الْقِرَاءَةَ فَقَالَ : وَكَيْفَ يَكُونُ لِلظَّالِمِينَ حَمِيمٌ أَوْ شَفِيعٌ وَالطَّالِبُ لَهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، إِنَّكَ وَاللَّهِ لَوْ رَأَيْتَ الظَّالِمِينَ وَأَهْلَ الْمَعَاصِي يُسَاقُونَ فِي السَّلَاسِلِ وَالْأَغْلَالِ إِلَى الْجَحِيمِ حُفَاةً عُرَاةً مُسْوَدَّةً وُجُوهُهُمْ مُزْرَقَّةً عُيُونُهُمْ ذَائِبَةً أَجْسَامُهُمْ يُنَادُونَ يَا وَيْلَاهُ يَا ثُبُورَاهُ مَاذَا نَزَلَ بِنَا ؟ مَاذَا حَلَّ بِنَا ؟ أَيْنَ يُذْهَبُ بِنَا ؟ مَاذَا يُرَادُ مِنَّا ؟ وَالْمَلَائِكَةُ تَسُوقُهُمْ بِمَقَامِعِ النِّيرَانِ فَمَرَّةً يُجَرُّونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَيُسْحَبُونَ عَلَيْهَا مُتَّكِئِينَ ، وَمَرَّةً يُقَادُونَ إِلَيْهَا عُنُتًا مُقَرَّنِينَ ، مِنْ بَيْنِ بَاكٍ دَمًا بَعْدَ انْقِطَاعِ الدُّمُوعِ وَمِنْ بَيْنِ صَارِخٍ طَائِرِ الْقَلْبِ مَبْهُوتٍ ، إِنَّكَ وَاللَّهِ لَوْ رَأَيْتَهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَرَأَيْتَ مَنْظَرًا لَا يَقُومُ لَهُ بَصَرُكَ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ قَلْبُكَ وَلَا يَسْتَقِرُّ لِفَظَاعَةِ هَوْلِهِ عَلَى قَرَارٍ قَدَمُكَ . ثُمَّ نَحَبَ وَصَاحَ يَا سُوءَ مَنْظَرَاهُ وَيَا سُوءُ مُنْقَلَبَاهُ وَبَكَى وَبَكَى النَّاسُ ، فَقَامَ شَابٌّ بِهِ تَأْنِيثٌ فَقَالَ : أَكُلُّ هَذَا فِي الْقِيَامَةِ يَا أَبَا بِشْرٍ قَالَ : نَعَمْ وَاللَّهِ يَا ابْنَ أَخِي ، وَمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُمْ يَصْرُخُونَ فِي النَّارِ حَتَّى تَنْقَطِعَ أَصْوَاتُهُمْ فَلَا يَبْقَى مِنْهَا إِلَّا كَهَيْئَةِ الْأَنِينِ مِنَ الْمُدْنِفِ ، فَصَاحَ الْفَتَى إِنَّا لِلَّهِ وَاغْفَلَتَاهُ عَنْ نَفْسِي أَيَّامَ الْحَيَاةِ ، وَيَا أَسَفَى عَلَى تَفْرِيطِي فِي طَاعَتِكَ يَا سَيِّدَاهُ وَاأَسَفَاهُ عَلَى تَضْيِيعِ عُمْرِي فِي دَارِ الدُّنْيَا ثُمَّ بَكَى وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَقْبِلُكَ فِي يَوْمِي هَذَا بِتَوْبَةٍ لَكَ لَا يُخَالِطُهَا رِيَاءٌ لِغَيْرِكَ ، اللَّهُمَّ فَاقْبَلْنِي عَلَى مَا كَانَ مِنِّي وَاعْفُ عَمَّا تَقَدَّمَ مِنْ عَمَلِي ، وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي ، وَارْحَمْنِي وَمَنْ حَضَرَنِي ، وَتَفَضَّلْ عَلَيْنَا بِجُودِكَ أَجْمَعِينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ لَكَ أَلْقَيْتُ مَعَاقِدَ الْآثَامِ مِنْ عُنُقِي ، وَإِلَيْكَ أَنْبَتُّ بِجَمِيعِ جَوَارِحِي صَادِقًا بِذَلِكَ قَلْبِي ، فَالْوَيْلُ لِي إِنْ أَنْتَ لَمْ تَقْبَلْنِي ، ثُمَّ غُلِبَ فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَحُمِلَ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ صَرِيعًا يَبْكُونَ عَلَيْهِ وَيَدْعُونَ لَهُ . وَكَانَ صَالِحٌ كَثِيرًا مَا يَذْكُرُهُ فِي مَجْلِسِهِ يَدْعُو اللَّهَ لَهُ وَيَقُولُ : بِأَبِي قَتِيلُ الْقُرْآنِ بِأَبِي قَتِيلُ الْمَوَاعِظِ وَالْأَحْزَانِ - فَرَآهُ رَجُلٌ فِي مَنَامِهِ فَقَالَ : مَا صَنَعْتَ ، قَالَ : عَمَّتْنِي بَرَكَةُ مَجْلِسِ صَالِحٍ فَدَخَلْتُ فِي سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ . قَالَ : وَكُنَّا فِي مَجْلِسِ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ فَأَخَذَ فِي الدُّعَاءِ فَمَرَّ رَجُلٌ مُخَنَّثٌ فَوَقَفَ يَسْمَعُ الدُّعَاءَ وَوَافَقَ صَالِحًا يَقُولُ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَأَقْسَانَا قَلْبًا ، وَأَجْمَدِنَا عَيْنًا ، وَأَحْدَثِنَا بِالذُّنُوبِ عَهْدًا ، فَسَمِعَ الْمُخَنَّثُ فَمَاتَ فَرُئِيَ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ : مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ . قَالَ : غَفَرَ اللَّهُ لِي ، قِيلَ بِمَاذَا ؟ قَالَ : بِدُعَاءِ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ ، لَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ أَحْدَثُ عَهْدًا بِالْمَعْصِيَةِ مِنِّي فَوَافَقَتْ دَعْوَتُهُ الْإِجَابَةَ فَغُفِرَ لِي
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَسَّانَ ، قَالَ : كُنَّا يَوْمًا عِنْدَ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ وَيَعِظُ ، فَقَالَ لِرَجُلٍ حَدَثٍ بَيْنَ يَدَيْهِ : اقْرَأْ يَا بُنَيَّ فَقَرَأَ الرَّجُلُ : {{ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ }} فَقَطَعَ عَلَيْهِ صَالِحٌ الْقِرَاءَةَ فَقَالَ : وَكَيْفَ يَكُونُ لِلظَّالِمِينَ حَمِيمٌ أَوْ شَفِيعٌ وَالطَّالِبُ لَهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، إِنَّكَ وَاللَّهِ لَوْ رَأَيْتَ الظَّالِمِينَ وَأَهْلَ الْمَعَاصِي يُسَاقُونَ فِي السَّلَاسِلِ وَالْأَغْلَالِ إِلَى الْجَحِيمِ حُفَاةً عُرَاةً مُسْوَدَّةً وُجُوهُهُمْ مُزْرَقَّةً عُيُونُهُمْ ذَائِبَةً أَجْسَامُهُمْ يُنَادُونَ يَا وَيْلَاهُ يَا ثُبُورَاهُ مَاذَا نَزَلَ بِنَا ؟ مَاذَا حَلَّ بِنَا ؟ أَيْنَ يُذْهَبُ بِنَا ؟ مَاذَا يُرَادُ مِنَّا ؟ وَالْمَلَائِكَةُ تَسُوقُهُمْ بِمَقَامِعِ النِّيرَانِ فَمَرَّةً يُجَرُّونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَيُسْحَبُونَ عَلَيْهَا مُتَّكِئِينَ ، وَمَرَّةً يُقَادُونَ إِلَيْهَا عُنُتًا مُقَرَّنِينَ ، مِنْ بَيْنِ بَاكٍ دَمًا بَعْدَ انْقِطَاعِ الدُّمُوعِ وَمِنْ بَيْنِ صَارِخٍ طَائِرِ الْقَلْبِ مَبْهُوتٍ ، إِنَّكَ وَاللَّهِ لَوْ رَأَيْتَهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَرَأَيْتَ مَنْظَرًا لَا يَقُومُ لَهُ بَصَرُكَ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ قَلْبُكَ وَلَا يَسْتَقِرُّ لِفَظَاعَةِ هَوْلِهِ عَلَى قَرَارٍ قَدَمُكَ . ثُمَّ نَحَبَ وَصَاحَ يَا سُوءَ مَنْظَرَاهُ وَيَا سُوءُ مُنْقَلَبَاهُ وَبَكَى وَبَكَى النَّاسُ ، فَقَامَ شَابٌّ بِهِ تَأْنِيثٌ فَقَالَ : أَكُلُّ هَذَا فِي الْقِيَامَةِ يَا أَبَا بِشْرٍ قَالَ : نَعَمْ وَاللَّهِ يَا ابْنَ أَخِي ، وَمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُمْ يَصْرُخُونَ فِي النَّارِ حَتَّى تَنْقَطِعَ أَصْوَاتُهُمْ فَلَا يَبْقَى مِنْهَا إِلَّا كَهَيْئَةِ الْأَنِينِ مِنَ الْمُدْنِفِ ، فَصَاحَ الْفَتَى إِنَّا لِلَّهِ وَاغْفَلَتَاهُ عَنْ نَفْسِي أَيَّامَ الْحَيَاةِ ، وَيَا أَسَفَى عَلَى تَفْرِيطِي فِي طَاعَتِكَ يَا سَيِّدَاهُ وَاأَسَفَاهُ عَلَى تَضْيِيعِ عُمْرِي فِي دَارِ الدُّنْيَا ثُمَّ بَكَى وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَقْبِلُكَ فِي يَوْمِي هَذَا بِتَوْبَةٍ لَكَ لَا يُخَالِطُهَا رِيَاءٌ لِغَيْرِكَ ، اللَّهُمَّ فَاقْبَلْنِي عَلَى مَا كَانَ مِنِّي وَاعْفُ عَمَّا تَقَدَّمَ مِنْ عَمَلِي ، وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي ، وَارْحَمْنِي وَمَنْ حَضَرَنِي ، وَتَفَضَّلْ عَلَيْنَا بِجُودِكَ أَجْمَعِينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ لَكَ أَلْقَيْتُ مَعَاقِدَ الْآثَامِ مِنْ عُنُقِي ، وَإِلَيْكَ أَنْبَتُّ بِجَمِيعِ جَوَارِحِي صَادِقًا بِذَلِكَ قَلْبِي ، فَالْوَيْلُ لِي إِنْ أَنْتَ لَمْ تَقْبَلْنِي ، ثُمَّ غُلِبَ فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَحُمِلَ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ صَرِيعًا يَبْكُونَ عَلَيْهِ وَيَدْعُونَ لَهُ . وَكَانَ صَالِحٌ كَثِيرًا مَا يَذْكُرُهُ فِي مَجْلِسِهِ يَدْعُو اللَّهَ لَهُ وَيَقُولُ : بِأَبِي قَتِيلُ الْقُرْآنِ بِأَبِي قَتِيلُ الْمَوَاعِظِ وَالْأَحْزَانِ - فَرَآهُ رَجُلٌ فِي مَنَامِهِ فَقَالَ : مَا صَنَعْتَ ، قَالَ : عَمَّتْنِي بَرَكَةُ مَجْلِسِ صَالِحٍ فَدَخَلْتُ فِي سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ . قَالَ : وَكُنَّا فِي مَجْلِسِ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ فَأَخَذَ فِي الدُّعَاءِ فَمَرَّ رَجُلٌ مُخَنَّثٌ فَوَقَفَ يَسْمَعُ الدُّعَاءَ وَوَافَقَ صَالِحًا يَقُولُ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَأَقْسَانَا قَلْبًا ، وَأَجْمَدِنَا عَيْنًا ، وَأَحْدَثِنَا بِالذُّنُوبِ عَهْدًا ، فَسَمِعَ الْمُخَنَّثُ فَمَاتَ فَرُئِيَ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ : مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ . قَالَ : غَفَرَ اللَّهُ لِي ، قِيلَ بِمَاذَا ؟ قَالَ : بِدُعَاءِ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ ، لَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ أَحْدَثُ عَهْدًا بِالْمَعْصِيَةِ مِنِّي فَوَافَقَتْ دَعْوَتُهُ الْإِجَابَةَ فَغُفِرَ لِي