• 888
  • أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَهِدَ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ : " عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي كُلِّ حَالٍ يَنْزِلُ بِكَ ، فَإِنَّ تَقْوَى اللَّهِ أَفْضَلُ الْعُدَّةِ ، وَأَبْلَغُ الْمَكِيدَةِ ، وَأَقْوَى الْقُوَّةِ ، وَلَا تَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ عَدَاوَةِ عَدُوِّكَ أَشَدَّ احْتِرَاسًا لِنَفْسِكَ وَمَنْ مَعَكَ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ ، فَإِنَّ الذُّنُوبَ أَخْوَفُ عِنْدِي عَلَى النَّاسِ مِنْ مَكِيدَةِ عَدُوِّهِمْ ، وَإِنَّمَا نُعَادِي عَدُوَّنَا وَنَسْتَنْصِرُ عَلَيْهِمْ بِمَعْصِيَتِهِمْ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ لَنَا قُوَّةٌ بِهِمْ ، لِأَنَّ عَدَدَنَا لَيْسَ كَعَدَدِهِمْ ، وَلَا قُوَّتُنَا كَقُوَّتِهِمْ ، فَإِنْ لَا نُنْصَرْ عَلَيْهِمْ بِمَقْتِنَا لَا نَغْلِبْهُمْ بِقُوَّتِنَا ، وَلَا تَكُونُنَّ لِعَدَاوَةِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَحْذَرَ مِنْكُمْ لِذُنُوبِكُمْ ، وَلَا أَشَدَّ تَعَاهُدًا مِنْكُمْ لِذُنُوبِكُمْ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ عَلَيْكُمْ مَلَائِكَةَ اللَّهِ حَفَظَةٌ عَلَيْكُمْ ، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ فِي مَسِيرِكُمْ وَمَنَازِلِكُمْ ، فَاسْتَحْيُوا مِنْهُمْ ، وَأَحْسِنُوا صَحَابَتَهُمْ ، وَلَا تُؤْذُوهُمْ بِمَعَاصِي اللَّهِ ، وَأَنْتُمْ زَعَمْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَلَا تَقُولُوا أَنَّ عَدُوَّنَا شَرٌّ مِنَّا ، وَلَنْ يُنْصَرُوا عَلَيْنَا وَإِنْ أَذْنَبْنَا ، فَكَمْ مِنْ قَوْمٍ قَدْ سُلِّطَ - أَوْ سُخِطَ - عَلَيْهِمْ بِأَشَرَّ مِنْهُمْ لِذُنُوبِهِمْ ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَوْنَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ كَمَا تَسْأَلُونَهُ الْعَوْنَ عَلَى عَدُوِّكُمْ ، نَسْأَلُ اللَّهَ ذَلِكَ لَنَا وَلَكُمْ ، وَأَرْفُقْ بِمَنْ مَعَكَ فِي مَسِيرِهِمْ فَلَا تُجَشِّمْهُمْ مَسِيرًا يُتْعِبُهُمْ ، وَلَا تَقْصُرْ بِهِمْ عَنْ مَنْزِلٍ يَرْفُقُ بِهِمْ حَتَّى يَلْقَوْا عَدُوَّهُمْ وَالسَّفَرُ لَمْ يُنْقِصْ قُوَّتَهُمْ وَلَا كُرَاعَهُمْ فَإِنَّكُمْ تَسِيرُونَ إِلَى عَدِوٍّ مُقِيمٍ جَامِ الْأَنْفُسِ وَالْكُرَاعِ وَإِلَّا تَرْفُقُوا بِأَنْفُسِكُمْ وَكُرَاعِكُمْ فِي مَسِيرِكُمْ ، يَكُنْ لِعَدُوِّكُمْ فَضْلٌ فِي الْقُوَّةِ عَلَيْكُمْ فِي إِقَامَتِهِمْ فِي جِمَامِ الْأَنْفُسِ وَالْكُرَاعِ ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ، أَقِمْ بِمَنْ مَعَكَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً لِتَكُونَ لَهُمْ رَاحَةً يَجْمَعُونَ بِهَا أَنْفُسَهُمْ وَكُرَاعَهُمْ ، وَيَرْمُونَ أَسْلِحَتَهُمْ وَأَمْتِعَتَهُمْ ، وَنَحِّ مَنْزِلَكَ عَنْ قُرَى الصُّلْحِ ، وَلَا يَدْخُلْهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ لِسُوقِهِمْ وَحَاجَتِهِمْ ، إِلَّا مَنْ تَثِقُ بِهِ وَتَأْمَنُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَدِينِهِ ، فَلَا يُصِيبُوا فِيهَا ظُلْمًا ، وَلَا يَتَزَوَّدُوا مِنْهَا إِثْمًا ، وَلَا يَرِزِئُونَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهَا شَيْئًا إِلَّا بِحَقٍّ ، فَإِنَّ لَهُمْ حُرْمَةً وَذِمَّةً ، ابْتُلِيتُمْ بِالْوَفَاءِ بِهَا ، كَمَا ابْتُلُوا بِالصَّبْرِ عَلَيْهَا ، فَلَا تَسْتَنْصِرُوا عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ بِظُلْمِ أَهْلِ الصُّلْحِ ، وَلْتَكُنْ عُيُونُكَ مِنَ الْعَرَبِ مِمَّنْ تَطْمَئِنُّ إِلَى نُصْحِهِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ ، فَإِنَّ الْكَذُوبَ لَا يَنْفَعُكَ خَبَرُهُ ، وَإِنْ صَدَقَ فِي بَعْضِهِ ، وَإِنَّ الْغَاشَّ عَيْنٌ عَلَيْكَ وَلَيْسَ بِعَيْنٍ لَكَ "

    حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ نَصْرٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، مِنْ قُرَيْشٍ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَهِدَ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ : عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي كُلِّ حَالٍ يَنْزِلُ بِكَ ، فَإِنَّ تَقْوَى اللَّهِ أَفْضَلُ الْعُدَّةِ ، وَأَبْلَغُ الْمَكِيدَةِ ، وَأَقْوَى الْقُوَّةِ ، وَلَا تَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ عَدَاوَةِ عَدُوِّكَ أَشَدَّ احْتِرَاسًا لِنَفْسِكَ وَمَنْ مَعَكَ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ ، فَإِنَّ الذُّنُوبَ أَخْوَفُ عِنْدِي عَلَى النَّاسِ مِنْ مَكِيدَةِ عَدُوِّهِمْ ، وَإِنَّمَا نُعَادِي عَدُوَّنَا وَنَسْتَنْصِرُ عَلَيْهِمْ بِمَعْصِيَتِهِمْ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ لَنَا قُوَّةٌ بِهِمْ ، لِأَنَّ عَدَدَنَا لَيْسَ كَعَدَدِهِمْ ، وَلَا قُوَّتُنَا كَقُوَّتِهِمْ ، فَإِنْ لَا نُنْصَرْ عَلَيْهِمْ بِمَقْتِنَا لَا نَغْلِبْهُمْ بِقُوَّتِنَا ، وَلَا تَكُونُنَّ لِعَدَاوَةِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَحْذَرَ مِنْكُمْ لِذُنُوبِكُمْ ، وَلَا أَشَدَّ تَعَاهُدًا مِنْكُمْ لِذُنُوبِكُمْ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ عَلَيْكُمْ مَلَائِكَةَ اللَّهِ حَفَظَةٌ عَلَيْكُمْ ، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ فِي مَسِيرِكُمْ وَمَنَازِلِكُمْ ، فَاسْتَحْيُوا مِنْهُمْ ، وَأَحْسِنُوا صَحَابَتَهُمْ ، وَلَا تُؤْذُوهُمْ بِمَعَاصِي اللَّهِ ، وَأَنْتُمْ زَعَمْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَلَا تَقُولُوا أَنَّ عَدُوَّنَا شَرٌّ مِنَّا ، وَلَنْ يُنْصَرُوا عَلَيْنَا وَإِنْ أَذْنَبْنَا ، فَكَمْ مِنْ قَوْمٍ قَدْ سُلِّطَ - أَوْ سُخِطَ - عَلَيْهِمْ بِأَشَرَّ مِنْهُمْ لِذُنُوبِهِمْ ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَوْنَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ كَمَا تَسْأَلُونَهُ الْعَوْنَ عَلَى عَدُوِّكُمْ ، نَسْأَلُ اللَّهَ ذَلِكَ لَنَا وَلَكُمْ ، وَأَرْفُقْ بِمَنْ مَعَكَ فِي مَسِيرِهِمْ فَلَا تُجَشِّمْهُمْ مَسِيرًا يُتْعِبُهُمْ ، وَلَا تَقْصُرْ بِهِمْ عَنْ مَنْزِلٍ يَرْفُقُ بِهِمْ حَتَّى يَلْقَوْا عَدُوَّهُمْ وَالسَّفَرُ لَمْ يُنْقِصْ قُوَّتَهُمْ وَلَا كُرَاعَهُمْ فَإِنَّكُمْ تَسِيرُونَ إِلَى عَدِوٍّ مُقِيمٍ جَامِ الْأَنْفُسِ وَالْكُرَاعِ وَإِلَّا تَرْفُقُوا بِأَنْفُسِكُمْ وَكُرَاعِكُمْ فِي مَسِيرِكُمْ ، يَكُنْ لِعَدُوِّكُمْ فَضْلٌ فِي الْقُوَّةِ عَلَيْكُمْ فِي إِقَامَتِهِمْ فِي جِمَامِ الْأَنْفُسِ وَالْكُرَاعِ ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ، أَقِمْ بِمَنْ مَعَكَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً لِتَكُونَ لَهُمْ رَاحَةً يَجْمَعُونَ بِهَا أَنْفُسَهُمْ وَكُرَاعَهُمْ ، وَيَرْمُونَ أَسْلِحَتَهُمْ وَأَمْتِعَتَهُمْ ، وَنَحِّ مَنْزِلَكَ عَنْ قُرَى الصُّلْحِ ، وَلَا يَدْخُلْهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ لِسُوقِهِمْ وَحَاجَتِهِمْ ، إِلَّا مَنْ تَثِقُ بِهِ وَتَأْمَنُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَدِينِهِ ، فَلَا يُصِيبُوا فِيهَا ظُلْمًا ، وَلَا يَتَزَوَّدُوا مِنْهَا إِثْمًا ، وَلَا يَرِزِئُونَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهَا شَيْئًا إِلَّا بِحَقٍّ ، فَإِنَّ لَهُمْ حُرْمَةً وَذِمَّةً ، ابْتُلِيتُمْ بِالْوَفَاءِ بِهَا ، كَمَا ابْتُلُوا بِالصَّبْرِ عَلَيْهَا ، فَلَا تَسْتَنْصِرُوا عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ بِظُلْمِ أَهْلِ الصُّلْحِ ، وَلْتَكُنْ عُيُونُكَ مِنَ الْعَرَبِ مِمَّنْ تَطْمَئِنُّ إِلَى نُصْحِهِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ ، فَإِنَّ الْكَذُوبَ لَا يَنْفَعُكَ خَبَرُهُ ، وَإِنْ صَدَقَ فِي بَعْضِهِ ، وَإِنَّ الْغَاشَّ عَيْنٌ عَلَيْكَ وَلَيْسَ بِعَيْنٍ لَكَ

    عماله: العمال : جمع عامل ، وهو الوالي على بلدٍ ما لجمع خراجها أو زكواتها أو الصلاة بأهلها أو التأمير على جهاد عدوها
    مسيركم: المسير : السير والسفر
    سخط: السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به
    والكراع: الكراع : اسم لجميع الخيل , وعدة الحرب
    ونح: نحى : أبعد
    يتزودوا: تزود : اتخذ زادا وهو طعام يتخذه المسافر
    يرزئون: يرزأ : ينقص
    ابتليتم: البلاء والابتلاء : الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر
    ابتلوا: البلاء والابتلاء : الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات