• 1152
  • ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، كَتَبَ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ : أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَلُزُومِ طَاعَتِهِ ، فَإِنَّ بِتَقْوَى اللَّهِ نَجَا أَوْلِيَاءُ اللَّهِ مِنْ سَخَطِهِ ، وَبِهَا تَحَقَّقَ لَهُمْ وِلَايتُهُ ، وَبِهَا رَافَقُوا أَنْبِيَاءهُمْ ، وَبِهَا نَضِرَتْ وُجُوهُهُمْ ، وَبِهَا نَظَرُوا إِلَى خَالِقِهِمْ ، وَهِيَ عِصْمَةٌ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْفِتَنِ ، وَالْمَخْرَجُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَلَمْ يَقْبَلْ مِمَّنْ بَقِيَ إِلَّا بِمِثْلِ مَا رِضَيَ عَمَّنْ مَضَى ، وَلِمَنْ بَقَّيَ عِبْرَةٌ فِيمَا مَضَى ، وَسُنَّةُ اللَّهِ فِيهِمْ وَاحِدَةٌ ، فَبَادِرْ بِنَفْسِكَ قَبْلَ أَنْ تُؤْخَذَ بِكَظْمِكَ ، وَيخْلُصَ إِلَيْكَ كَمَا خَلُصَ إِلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكَ ، فَقَدْ رَأَيْتَ النَّاسَ كَيْفَ يَمُوتُونَ ، وَكَيْفَ يَتَفَرَّقُونَ ، وَرَأَيْتَ الْمَوْتَ كَيْفَ يُعْجِلُ التَّائِبَ تَوْبَتَهُ ، وَذَا الْأَمَلِ أَمَلَهُ ، وَذَا السُّلْطَانِ سُلْطَانَهُ ، وَكَفَى بِالْمَوْتِ مَوْعِظَةً بَالِغَةً ، وَشَاغِلًا عَنِ الدُّنْيَا ، وَمُرَغِّبًا فِي الْآخِرَةِ ، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهُ ، وَلَا تَطْلُبَنَّ شَيْئًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ تَخَافُ أَنْ يَضُرَّ بِآخِرَتِكَ فَيُزْرِي بِدِينِكَ ، وَيَمْقَتُكَ عَلَيْهِ رَبُّكَ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَدْرَ سَيَجْرِي إِلَيْكَ بِرِزْقِكَ ، وَيُوَفِّيكَ أَمَلَكَ مِنْ دُنْيَاكَ ، بِغَيْرِ مَزِيدٍ فِيهِ بِحَوْلٍ مِنْكَ وَلَا قُوَّةٍ ، وَلَا مَنْقُوصًا مِنْهُ بِضَعْفٍ ، إِنْ أَبْلَاكَ اللَّهُ بِفَقْرٍ فَتَعَفَّفْ فِي فَقْرِكَ ، وَأَخْبِتْ لِقَضَاءِ رَبِّكَ ، وَاعْتَبِرْ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ مِنَ الْإِسْلَامِ مَا ذَوَى مِنْكَ مِنْ نِعْمَةِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ فِي الْإِسْلَامِ خَلَفًا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ ، اعْلَمْ أَنَّهُ لَنْ يَضُرَّ عَبْدًا صَارَ إِلَى رِضْوَانِ اللَّهِ ، وَإِلَى الْجَنَّةِ مَا أَصَابَهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ فَقْرٍ أَوْ بَلَاءٍ ، وَأَنَّهُ لَنْ يَنْفَعَ عَبْدًا صَارَ إِلَى سَخَطِ اللَّهِ وَإِلَى النَّارِ مَا أَصَابَ فِي الدُّنْيَا مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ رَخَاءٍ ، مَا يَجِدُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ مَكْرُوهٍ أَصَابَهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ ، وَمَا يَجِدُ أَهْلُ النَّارِ طَعْمَ لَذَّةٍ نَعِمُوا بِهَا فِي دُنْيَاهُمْ ، كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ ، تُشَيِّعُونَ غَادِيًا أَوْ رَائِحًا إِلَى اللَّهِ ، قَدْ قَضَى نَحْبَهُ ، وَانْقَضَى أَجَلُهُ ، وَتُغَيِّبُونَهُ فِي صَدْعٍ مِنَ الْأَرْضِ ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ غَيْرَ مُتَوَسِّدٍ وَلَا مَتَمَهِّدٍ ، فَارَقَ الْأَحِبَّةَ ، وَخَلَعَ الْأَسْلَابَ ، وَسَكَنَ التُّرَابَ ، وَوَاجَهَ الْحِسَابَ ، مُرْتَهَنًا بِعَمَلِهِ ، فَقِيرًا إِلَى مَا قَدَّمَ ، غَنِيًّا عَمَّا تَرَكَ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ ، وَانْقِضَاءِ مُوَافَاتِهِ ، وَايْمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَقُولُ لَكُمْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَمَا أَعْلَمُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنَ الذُّنُوبِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْلَمُ عِنْدِي ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ "

    حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيمَ ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، كَتَبَ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ : أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَلُزُومِ طَاعَتِهِ ، فَإِنَّ بِتَقْوَى اللَّهِ نَجَا أَوْلِيَاءُ اللَّهِ مِنْ سَخَطِهِ ، وَبِهَا تَحَقَّقَ لَهُمْ وِلَايتُهُ ، وَبِهَا رَافَقُوا أَنْبِيَاءهُمْ ، وَبِهَا نَضِرَتْ وُجُوهُهُمْ ، وَبِهَا نَظَرُوا إِلَى خَالِقِهِمْ ، وَهِيَ عِصْمَةٌ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْفِتَنِ ، وَالْمَخْرَجُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَلَمْ يَقْبَلْ مِمَّنْ بَقِيَ إِلَّا بِمِثْلِ مَا رِضَيَ عَمَّنْ مَضَى ، وَلِمَنْ بَقَّيَ عِبْرَةٌ فِيمَا مَضَى ، وَسُنَّةُ اللَّهِ فِيهِمْ وَاحِدَةٌ ، فَبَادِرْ بِنَفْسِكَ قَبْلَ أَنْ تُؤْخَذَ بِكَظْمِكَ ، وَيخْلُصَ إِلَيْكَ كَمَا خَلُصَ إِلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكَ ، فَقَدْ رَأَيْتَ النَّاسَ كَيْفَ يَمُوتُونَ ، وَكَيْفَ يَتَفَرَّقُونَ ، وَرَأَيْتَ الْمَوْتَ كَيْفَ يُعْجِلُ التَّائِبَ تَوْبَتَهُ ، وَذَا الْأَمَلِ أَمَلَهُ ، وَذَا السُّلْطَانِ سُلْطَانَهُ ، وَكَفَى بِالْمَوْتِ مَوْعِظَةً بَالِغَةً ، وَشَاغِلًا عَنِ الدُّنْيَا ، وَمُرَغِّبًا فِي الْآخِرَةِ ، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهُ ، وَلَا تَطْلُبَنَّ شَيْئًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ تَخَافُ أَنْ يَضُرَّ بِآخِرَتِكَ فَيُزْرِي بِدِينِكَ ، وَيَمْقَتُكَ عَلَيْهِ رَبُّكَ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَدْرَ سَيَجْرِي إِلَيْكَ بِرِزْقِكَ ، وَيُوَفِّيكَ أَمَلَكَ مِنْ دُنْيَاكَ ، بِغَيْرِ مَزِيدٍ فِيهِ بِحَوْلٍ مِنْكَ وَلَا قُوَّةٍ ، وَلَا مَنْقُوصًا مِنْهُ بِضَعْفٍ ، إِنْ أَبْلَاكَ اللَّهُ بِفَقْرٍ فَتَعَفَّفْ فِي فَقْرِكَ ، وَأَخْبِتْ لِقَضَاءِ رَبِّكَ ، وَاعْتَبِرْ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ مِنَ الْإِسْلَامِ مَا ذَوَى مِنْكَ مِنْ نِعْمَةِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ فِي الْإِسْلَامِ خَلَفًا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ ، اعْلَمْ أَنَّهُ لَنْ يَضُرَّ عَبْدًا صَارَ إِلَى رِضْوَانِ اللَّهِ ، وَإِلَى الْجَنَّةِ مَا أَصَابَهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ فَقْرٍ أَوْ بَلَاءٍ ، وَأَنَّهُ لَنْ يَنْفَعَ عَبْدًا صَارَ إِلَى سَخَطِ اللَّهِ وَإِلَى النَّارِ مَا أَصَابَ فِي الدُّنْيَا مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ رَخَاءٍ ، مَا يَجِدُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ مَكْرُوهٍ أَصَابَهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ ، وَمَا يَجِدُ أَهْلُ النَّارِ طَعْمَ لَذَّةٍ نَعِمُوا بِهَا فِي دُنْيَاهُمْ ، كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ ، تُشَيِّعُونَ غَادِيًا أَوْ رَائِحًا إِلَى اللَّهِ ، قَدْ قَضَى نَحْبَهُ ، وَانْقَضَى أَجَلُهُ ، وَتُغَيِّبُونَهُ فِي صَدْعٍ مِنَ الْأَرْضِ ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ غَيْرَ مُتَوَسِّدٍ وَلَا مَتَمَهِّدٍ ، فَارَقَ الْأَحِبَّةَ ، وَخَلَعَ الْأَسْلَابَ ، وَسَكَنَ التُّرَابَ ، وَوَاجَهَ الْحِسَابَ ، مُرْتَهَنًا بِعَمَلِهِ ، فَقِيرًا إِلَى مَا قَدَّمَ ، غَنِيًّا عَمَّا تَرَكَ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ ، وَانْقِضَاءِ مُوَافَاتِهِ ، وَايْمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَقُولُ لَكُمْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَمَا أَعْلَمُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنَ الذُّنُوبِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْلَمُ عِنْدِي ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ

    عماله: العمال : جمع عامل ، وهو الوالي على بلدٍ ما لجمع خراجها أو زكواتها أو الصلاة بأهلها أو التأمير على جهاد عدوها
    نجا: نجا : تخلص من الهلاك
    سخطه: سخطه : غضبه
    عبرة: العبرة : العِظة
    فبادر: بادر الشيءَ وله وإليه : عجل إليه واستبق وسارع
    بلاء: البلاء والابتلاء : الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر
    سخط: السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به
    غاديا: الغدو : السير والذهاب والتبكير أول النهار
    نحبه: النَّحبُ والنَّحيب : البكاء بصوت طويل ومدٍ.
    صدع: الصدع : الشق
    وايم: وايم الله : أسلوب قسم بالله تعالى وأصلها ايمُن الله
    فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَلُزُومِ طَاعَتِهِ ، فَإِنَّ بِتَقْوَى اللَّهِ
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات