قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِرَجُلٍ مِنْ جُلَسَائِهِ : أَبَا فُلَانٍ ، لَقَدْ أَرِقْتُ اللَّيْلَةَ تَفَكُّرًا ، قَالَ : فِيمَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : فِي الْقَبْرِ وَسَاكِنِهِ ، إِنَّكَ لَوْ رَأَيْتَ الْمَيِّتَ بَعْدَ ثَالِثَةٍ فِي قَبْرِهِ لَاسْتَوْحَشْتَ مِنْ قُرْبِهِ بَعْدَ طُولِ الْأُنْسِ مِنْكَ بِنَاحِيَتِهِ ، وَلَرَأَيْتَ بَيْتًا تَجُولُ فِيهِ الْهَوَامُّ ، وَيجْرِي فِيهِ الصَّدِيدُ ، وَتَخْتَرِقُهُ الدِّيدَانُ ، مَعَ تَغَيُّرِ الرِّيحِ ، وَبَلَى الْأَكْفَانِ ، بَعْدَ حُسْنِ الْهَيْئَةِ ، وَطِيبِ الرِّيحِ ، وَنَقَاءِ الثَّوْبِ ، ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً ، وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ : يَا مُزَاحِمُ ، وَيْحَكَ أَخْرِجْ هَذَا الرَّجُلَ عَنَّا ، فَلَقَدْ نَغَّصَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْحَيَاةَ مُنْذُ وَلِيَ ، فَلَيْتَهُ لَمْ يَلِ ، قَالَ : فَخَرَجَ الرَّجُلُ فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَصُبُّ عَلَى وَجْهِهِ الْمَاءَ وَتَبْكِي حَتَّى أَفَاقَ مِنْ غَشْيَتِهِ ، فَرَآهَا تَبْكِي فَقَالَ : مَا يُبْكِيكِ يَا فَاطِمَةُ ؟ قَالَتْ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، رَأَيْتُ مَصْرَعَكَ بَيْنَ أَيْدِينَا ، فَذَكَرْتُ بِهِ مَصْرَعَكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لِلْمَوْتِ ، وَتَخَلِّيكَ مِنَ الدُّنْيَا ، وَفِرَاقِكَ لَنَا ، فَذَاكَ الَّذِي أَبْكَانِي ، فَقَالَ : حَسْبُكِ يَا فَاطِمَةُ ، فَلَقَدْ أَبَلَغْتِ ، ثُمَّ مَالَ لِيَسْقُطَ فَضَمَّتْهُ إِلَى نَفْسِهَا ، فَقَالَتْ : بِأَبِي أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُكَلِّمَكَ بِكَلِّ مَا نَجِدُ لَكَ فِي قُلُوبِنَا ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى حَالِهِ تِلْكَ حَتَّى حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ ، فَصَبَّتْ عَلَى وَجْهِهِ مَاءً ثُمَّ نَادَتْهُ : الصَّلَاةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَفَاقَ فَزِعًا "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبَانَ ، ثنا أَبِي ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ سُفْيَانَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ثنا عَمْرُو بْنُ جَرِيرٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو سَرِيعٍ الشَّامِيُّ قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِرَجُلٍ مِنْ جُلَسَائِهِ : أَبَا فُلَانٍ ، لَقَدْ أَرِقْتُ اللَّيْلَةَ تَفَكُّرًا ، قَالَ : فِيمَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : فِي الْقَبْرِ وَسَاكِنِهِ ، إِنَّكَ لَوْ رَأَيْتَ الْمَيِّتَ بَعْدَ ثَالِثَةٍ فِي قَبْرِهِ لَاسْتَوْحَشْتَ مِنْ قُرْبِهِ بَعْدَ طُولِ الْأُنْسِ مِنْكَ بِنَاحِيَتِهِ ، وَلَرَأَيْتَ بَيْتًا تَجُولُ فِيهِ الْهَوَامُّ ، وَيجْرِي فِيهِ الصَّدِيدُ ، وَتَخْتَرِقُهُ الدِّيدَانُ ، مَعَ تَغَيُّرِ الرِّيحِ ، وَبَلَى الْأَكْفَانِ ، بَعْدَ حُسْنِ الْهَيْئَةِ ، وَطِيبِ الرِّيحِ ، وَنَقَاءِ الثَّوْبِ ، ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً ، وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ : يَا مُزَاحِمُ ، وَيْحَكَ أَخْرِجْ هَذَا الرَّجُلَ عَنَّا ، فَلَقَدْ نَغَّصَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْحَيَاةَ مُنْذُ وَلِيَ ، فَلَيْتَهُ لَمْ يَلِ ، قَالَ : فَخَرَجَ الرَّجُلُ فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَصُبُّ عَلَى وَجْهِهِ الْمَاءَ وَتَبْكِي حَتَّى أَفَاقَ مِنْ غَشْيَتِهِ ، فَرَآهَا تَبْكِي فَقَالَ : مَا يُبْكِيكِ يَا فَاطِمَةُ ؟ قَالَتْ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، رَأَيْتُ مَصْرَعَكَ بَيْنَ أَيْدِينَا ، فَذَكَرْتُ بِهِ مَصْرَعَكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لِلْمَوْتِ ، وَتَخَلِّيكَ مِنَ الدُّنْيَا ، وَفِرَاقِكَ لَنَا ، فَذَاكَ الَّذِي أَبْكَانِي ، فَقَالَ : حَسْبُكِ يَا فَاطِمَةُ ، فَلَقَدْ أَبَلَغْتِ ، ثُمَّ مَالَ لِيَسْقُطَ فَضَمَّتْهُ إِلَى نَفْسِهَا ، فَقَالَتْ : بِأَبِي أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُكَلِّمَكَ بِكَلِّ مَا نَجِدُ لَكَ فِي قُلُوبِنَا ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى حَالِهِ تِلْكَ حَتَّى حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ ، فَصَبَّتْ عَلَى وَجْهِهِ مَاءً ثُمَّ نَادَتْهُ : الصَّلَاةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَفَاقَ فَزِعًا